المساعد الشخصي الرقمي


مشاهدة النسخة كاملة : المثقفون هجروا القران الكريم


خديجة علي
06-09-2011, 02:21 AM
:358:قرات اليوم افتتاحية العدد لمنتدى السيدة خولة القزويني تتحدث فيها عن كيفية علاقتنا بالقران الكريم واحببت ان تشاركوني الراي في كلامها المعبر عن حال كتاب اللة المقدس في زمننا الان

المثقفون هجروا القرآن الكريم

سُئلت إحدى الأديبات العربيات من الديانة المسيحية في حوار ثقافي: ((من هو قدوتك في الحياة؟)) فأجابت بإيمان ويقين: ((الكتاب المقدس، الإنجيل)) واستطردت مفتخرة بقداسة هذا الكتاب وأعلنت على الملأ أنها تستمد دائماً الطاقة والحماس والدافعية من الإنجيل، ففي نهجه وجدت سعادتها وإبداعها وثقافتها.
وأنا أقر هذه السطور أتحسر قائلة: كم كاتب أو مفكر أو أديب مسلم رفد علمه وثقافته من القرآن الكريم, كتاب الله عز وجل؟ كم مثقف استسقى روافد فكره من معين القرآن الصافي؟
من منا تفاخر بتحفة الله النازلة على دنيا البشر .القرآن الكريم . للأسف الشديد مازال كتاب الله مهجوراً قد زخرفته ريشة الفنان وأتقنت جمالياته في الظاهر لكنه ملقى على سطوح الأرفف المغبرة لا نسمع آياته المباركة الا في المحافل والمساجد والمآتم، أما دراسته كمنهج حياة شامل يصلح لكل زمان ومكان فقد تركناه للمشايخ والفقهاء فقط , نجهل أن القرآن الكريم معجزة الإسلام الفريدة ومعدن البلاغة والفصاحة، تزخر آياته بنصوص فاقت في جمالياتها متون أكابر الأدباء والفطاحل، وقد حاجج رسول الله محمد (ص) عرب الجاهلية الذين تميزا بقوة اللغة ودقة المنطق فعجزوا عن مقارعة آياته المقدسة حتى استسلموا إلى إرادة الله وأنهم أعجز من أن يأتوا بحرف من حروف القرآن.
معاجز القرآن كثيرة ومتعددة سواء كان إعجازاً علميا أثبته العلم الحديث عبر التجارب العلمية المستفيضة أو حتى نبوءاته لأحداث تاريخية مستقبلية ناهيك عن الأساليب التربوية المتطورة في مخاطبة النفس البشرية ما بين الترغيب والترهيب، الاستدراج المنطقي في تهيئة نفس الإنسان لنهي أمر وإحلال آخر، المفردات اللغوية الثرية التي تثري يراع الأديب وتخصب قلمه وتضفي على نصوصه زخماً شعورياً مقدساً لا ينضب.
في القرآن الكريم نستنبط حلولاً لمشاكلنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية وذلك حينما نجمع المدلولات التفصيلية لكل آية لنصل إلى مركب قرآني نسقطه على واقعنا لتقويمه وترشيده، فقد أهمل مثقفونا دراسة المواضيع القرآنية عقائدية كانت أو اجتماعية أو كونية وما إلى ذلك ولم يستنبطوا من مدلولات الآيات ومعانيها مواقفهم النظرية، فالقرآن الكريم له القدرة على العطاء والإبداع ومواكبة الحياة واستقراء لغته الثرية والزاخرة التي تعجز عن موازنتها اللغة العربية المحدودة مصداقاً لقول الله عز وجل:
((قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي)) الكهف آية109.
فقد ساهمت حركة التغريب في تحجيم قدرة القرآن الكريم وعزله عن واقع الحياة كتشريع ودستور وحصروه في المواسم والمناسبات و عملوا بتواطؤ من المتشددين في الدين على اختزال تفسيره بشكل جزئي محصور في نطاق الآية المحددة المستنبطة لغرض محدد ولحظي.
فالقرآن الكريم يتماشى مع التجربة الإنسانية على مر العصور لأنه تشريع ينطلق من واقع الحياة ومزوّد بخبرات بشرية ساهمت في صناعة التاريخ، فكلما كان لنا ذهن منفتح وفكر صاف وسعة أفق وإحاطة باللغة وأساليبها كلما استطعنا استنطاق آياته في أي موضوع من موضوعات الحياة وفي أي ميدان نشاء، فالباحث يمكنه أن يرصد تجربة الحاضر والماضي والمعطيات والظروف وما قدمه الفكر الإنساني من حلول وما أفرزته المسيرة التاريخية من تجارب إنسانية، كل هذه الحقائق تشكل انطلاقة لاستنطاق القرآن , لقراءته بأسلوب علمي واقعي، فالقرآن يعطي، يقدم حلول وأطروحات، ويريدنا أن نسأله ليجيبنا ليطرح موضوعاً جاهزاً مفعماً بعدد كبير من الأفكار والمواقف البشرية، القرآن يدعونا إلى محاورته سؤال بجواب، فالمفسر يسأل والقرآن يجيبه في ضوء الحصيلة المتراكمة من تجارب البشرية والمدونة بين دفتيه، إننا بحاجة الى معايشة القرآن كأدباء، ككتاب، كمفكرين، كمثقفين، ونقد أعمال المفكرين وأطروحاتهم على ضوء النص القرآني لنحدد معايير الخطأ والصواب، الحلال والحرام، كل ذلك من خلال منهج القرآن باعتباره التشريع الإلهي الصالح لكل زمان ومكان و الذي يتناغم مع فطرة الإنسان...

فعودتنا إلى هذا النهج يعني انقلاباً جذرياً في ثقافتنا المترهلة واستنهاض فكر سليم منطلق من قاعدة العقيدة الراسخة، والذي سيوجه حراكنا نحو الكمالات في جميع الميادين والحقول.
خولة القزويني

http://www.khawlaalqazwini.com/images/khawla_48.jpg