المساعد الشخصي الرقمي


مشاهدة النسخة كاملة : روايه كبرياء وهوى


خالد جاسم
08-18-2011, 02:27 AM
الفصل الأول







الأعزب الثري




ما إن يأتي أعزب ثري للعيش في مكان ما حتى يعتبره كل جار زوج المستقبل لإحدى بناته .


قالت السيدة بنيت لزوجها ذات يوم :" عزيزي السيد بنيت , هل سمعت بأنه تم مؤخرا تأجير نذرفيلد؟"


أجاب السيد بنيت: " لا , أبدا"

قالت :" لكنها أجرت , لقد أخبرني السيد لونغ بذلك الآن "

لم يعط السيد بنيت أي جواب . ثم سأل زوجته :" هل تودين معرفة من سيسكن هناك؟"


" لا مانع لدي من سماع ذلك إن كنت ترغب في إخباري "

" حسنا يا عزيزتي السيدة بنيت , تقول السيدة لونغ أنه تم تأجير نذرفيلد إلى سيد شاي يملك ثروة هائلة . إنه من شمال إنكلترا . وصل يوم الاثنين بعربة ذات أربعة جياد ليرى المكان . وافق في الحال على استئجاره عندما شاهد جماله . سيسكن هناك في شهر سبتمبر ( أيلول ) لكن خدمه سيصلون في الأسبوع القادم"





" هل تعرف اسمه؟"

" اسمه بنغلي "

" هل هو أعزب أو متزوج؟"

" إنه أعزب يملك ثروة كبيرة "

" ياله حظ عظيم لبناتنا!"

" لماذا؟ كيف يمكن لذلك أن يؤثر فيهن؟"

أجابت الزوجة :" عزيزي السيد بنيت ؟, كيف يمكن أن تكون ساذجا إلى هذا الحد ؟

أنت تعرف بالتأكيد أنني أفكر في أنه ربما يتزوج إحداهن"

" هل أتي إلى هنا لهذا السبب؟"

" هذه سخافة ! لكن من المحتمل جدا أن يقع في حب إحداهن ويتزوج منها . لذا من الأفضل لك أن تسرع إلى زيارته"


"ليس هذا ضروريا أبدا . يمكنك أن تذهبي مع البنات كما يمكنك أن ترسليهن بمفردهن . من الأفضل أن ترسليهن بمفردهن لأنك جميلة كأية واحدة منهن , وربما أعجب السيد بنغلي بك أكثر"



" إنك تسرف في امتداحي ياعزيزي ! صحيح أنني كنت جميلة عندما كنت شابه , لكنني لا أتظاهر بأنني مازلت كذلك . عندما يصبح لدى المرأة خمس بنات شابات ينبغي أن تتخلى عن التفكير في جملها"


" حسنا ! أخشى أن أقول أنني لن أقابل السيد بنغلي"


" لكن فكر في بناتك! فكر في الثروة التي يمكن أن يحصلن عليها! أن السير وليم والسيدة لوكاس سيزورانه للسبب عينه , مع انهما لا يزوران الغرباء عادة . ينبغي أن تذهب بالتأكيد . إنه لمن غير الممكن أن أذهب لأقابله ما لم تقم أنت أولا بذلك"




" من المؤكد أن السيد بنغلي سيسر جدا بمقابلتك . سأبعث معك برسالة أعد فيها بالموافقة على زواجه ممن تعجبه من بناتي. لكن ينبغي ألا أنسى إضافة كلمة خاصة تمتدح عزيزتي الصغيرة إليزابث "



" هذه سخافه ! إنها ليست أفضل من شقيقاتها . إنها ليست أجمل من جاين ولا حسنة المزاج مثل ليديا لماذا تفضلها دائما؟"


" كل البنات سخيفات وجاهلات , لكن إليزابث هي أكثر ذكاء من شقيقاتها "


" سيد بنيت , لماذا تتحدث دائما عن بناتك بهذا الشكل ؟ أنت تستمتع بمضايقتي وليست لديك أية شفقة على أعصابي المرهقة!"




" أنت مخطئة يا عزيزتي . إني احترمك جدا وأحترم أعصابك فأنا أسمع أعصابك المرهقة منذ عشرين سنة على الأقل لكنني آمل في أن تكوني قادرة على أن تعيشي وتري كثيرين من الشبان أصحاب الثروات الهائلة يأتون للسكن في الجوار "


" سيكون ذلك بلا جدوى طالما أنك ترفض أن تقوم بزيارتهم"



بعد ثلاث وعشرين سنه من الزواج لم تفهم السيدة بنيت شخصية زوجها التي كانت مزيجا غريبا من الذكاء والسخرية والفكاهة والانطواء كان فهم عقليتها أقل صعوبة . فهي كانت ذات ذكاء قليل وعرفة أقل . كان مزاجها سيئا , كانت دائمة الانزعاج, وكانت تلوم أعصابها باستمرار . كان هدفها الوحيد في الحياة الحصول على أزواج أثرياء لبناتها وقد وجدت متعة عظيمة في زيارة صديقاتها والثرثرة معهن.

</b>





</i>

خالد جاسم
08-18-2011, 02:29 AM
الفصل الثاني,,,




دهشة السيدات




كان السيد بنيت أول من زار السيد بنغلي . وقد عزم دائما أن يزوره مع أنه أخبر زوجته كل يوم بأنه لن يذهب. وفي المساء بعد الزيارة كانت ما تزال غير عارفة بأنه قد ذهب . بعدئذ قال السيد بنيت فجأة وهو يراقب ابنته الثانية التي كانت منهمكة بتزيين قبعتها : " آمل يا إليزابث أن يعجب السيد بنغلي بها ".


قالت والدتها بغضب :" لن نعرف أبدا ما يعجب السيد بنغلي فنحن لن نقوم بزيارته ".


قالت إليزابث :" لكنك تنسين يا أماه أننا سنقابله في الحفلات الراقصه . وقد وعدت السيدة لونغ بتقديمه إلي"



سألت كيتي :" متى ستكون حفلتك الراقصه التالية في مريتون يا ليزي؟".



" في غضون أسبوعين"


هتفت والدتها :" هذا مناسب ! ستكون السيدة لونغ غائبة حتى اليوم الذي يسبق الحفلة لذا لن تتعرف إلى السيد بنغلي قبل ذلك الوقت ولن تستطيع تقديمه إليك ".




" عندئذ , يا عزيزتي , تستطيعين أن تقدمي السيد بنغلي إليها "




" مستحيل يا سيد بنيت , مستحيل ! فأنا نفسي لن أتعرف إليه . لماذا تغيظني هكذا ؟ لقد سئمت من السيد بنغلي"



" يؤسفني أن أسمع ذلك . لماذا لم تخبريني من قلب ؟ لو علمت ذلك هذا الصباح لما قمت بزيارته بالتأكيد

إنه أمر مؤسف للغاية . لكن بما أنني ذهبت إلى منزله بالفعل , يترتب علينا التعرف إليه الآن ".



كانت دهشة السيدات ما أراده تماما. وكانت السيدة بنيت على الأرجح الأكثر دهشة بينهن , مه أنها سرعان ما بدأت تقول بأنها توقعت ذلك طوال الوقت



" كم أنت لطيف يا عزيزي السيد بنتي ! كنت أعلم بأنني سأقنعك بفعل ذلك. كنت متأكدة من أنك تحب البنات كثيرابحيث لا تفوت مثل هذه الفرصة . حسنا , كم أنا مسرروة ! كم هو رائع والدكن يا بنات. لست أدري كيف يمكن أن تكافئنه على لطفه . ففي سننا ليس من المبهج كسب أصدقاء جدد كل يوم, لكننا سنبدل ما بوسعنا لمساعدتكن . ليديا ,حبيبتي , أنا متأكدة من أن السيد بنغلي سيرقص معك في الحفلة القادمة , مع أنك الأصغر
سناً"




قالت ليديا بشجاعة" إني متأكدة من ذلك , لأنني الأطول قامة, مع أنني الأصغر سناً "



لم تقنع كل الأسئلة التي طرحتها السيدة بنيت وبناتها الخمس السيد بنيت كي يصف السيد بنغلي لهن. رفض إعطاء أية معلومات . فكان عليهمن أخيراً أن يسألن جارتهن , السيدة لوكاس . فكانت أخبارها ممتازة . ابتهج السير وليم بالسيد بنغلي فهو شاب حقا , وسيم جداً , وفي غاية اللطف, والأفضل من كل ذلك , كان ينوي المجيء إلى الحفلة التالية مع مجموعة كبيرة من الأصدقاء . ليس هناك شيء مبهج أكثر من ذلك. فالاستمتاع بالرقص هو خطوة باتجاه الوقوع في الحب. وهنالك آمال كبيرة في الفوز بقلب السيد بنغلي .


قالت السيدة بنيت لزوجها:" إذا استطعت أن أرى إحدى بناتي تعيش في نذرفيلد , والأخريات متزوجات مثلها, فلن أتمنى أكثر من ذلك".



بعد أيام قليله, أتى السيد بنغلي لزيارة السيد بنيت وجلس معه لمدة عشر دقائق تقريباً. كان يأمل في مشاهدة السيدات الشابات اللواتي سمع الكثير عن جمالهن, لكنه شاهد والدهن فقط. كانت السيدات أوفر حظاً , إذ شاهدنه من خلال نافذة في الطابق الأعلى أنه ارتدى معطفاً أزرق وامتطى جواداً أسود

خالد جاسم
08-18-2011, 02:35 AM
الفصل الثالث





أمسية رائعة




بعد ذلك أرسلت دعوة إلى العشاء إلى السيد بنغلي. فكان الجواب مخيباً للآمال. كان على السيد بنغلي الذهاب إلى لندن في اليوم التالي, ولذلك لم يتمكن من قبول الدعوة . لقد ذهب إلى لندن ليحضر فقط مجموعة من الأصدقاء إلى الحفلة. وسرعان ما سمعوا انه أحضر معه اثنتي عشرة سيدة وسبعة أسياد. فأسفت البنات لوجود هذا العدد الهائل من السيدات , لكن قبل الحفلة بيوم , فرحن لسماع أنه أحضر ست سيدات بدلاً من اثنتي عشرة. وعندما دخل قاعة الحفلة, اشتملت مجموعته على خمسة أشخاص فقط؛ السيد بنغلي , شقيقتاه , زوج الأخت الكبرى وشاب آخر.









كان السيد بنغلي وسيماً ذا أخلاق حسنة . كانت شقيقتاه مليحتين . وكان صهره , السيد هارست, يبدو مثل سائر السادة.لكن صديقه السيد دارسي , سرعان ما جذب انتباه كل شخص . كان رجلاً طويل القامة, وسيماً, ذا مظهر نبيل و( سرعان ما تردد أن) دخله يبلغ عشرة آلاف جنيه في السنة. قال السادة في الحفلة أنه رجل وسيم ؛ وقالت السيدات أنه وسيم أكثر بكثير من السيد بنغلي.






أصبح السيد بنغلي بسرعة صديقاً لكل من كان في الغرفة. كان حيويا وأليفاً , وقد رقص طوال الليل وتحدث عن إقامة حفلة راقصة في نذر فيلد. وهذه التصرفات اللائقة جعلته محبوبا في كل مكان. أما السيد دارسي فقد رقص مرة مع السيدة هارست ومرة مع الآنسة بنغلي . رفض أن يُقدم إلى أية سيدة أخرى, وأمضى بقية الليلة يتمشى بهدوء عبر الغرفة . وافق كل شخص على أنه الرجل الأكثر تكبرا والأسوأ طبعا في العالم . وتمنى كل شخص أن لا يعود ثانية . وكان من أشد منتقديه السيدة بنيت التي اغتاظت بشكل خاص لأنه كان وقحا مع إحدى بناتها.






كان هناك عدد قليل جدا من السادة في الغرفة بحيث جلست إليزابث بنيت من دون رفيق خلال رقصتين. وقف السيد دارسي بالقرب منها , واستطاعت أن تسمع حديثا جرى بينه وبين السيد بنغلي.


ترك السيد بنغلي الرقص للحظة ليسأل صديقه الانضمام . قال له:" هيا يا دارسي ينبغي أن ترقص . أكره أن أراك بمفردك بهذه الطريقة الخرقاء. ينبغي أن ترقص".




" لن أفعل بالتأكيد . أنت تعلم كم أكره ذلك , إلا إذا عرفت رفيقتي جيدا . شقيقتاك ترقصان , وليست في الغرفة أية امرأة أخرى أرغب في الرقص معها".




هتف بنغلي:" لم أقابل في حياتي فتيات لطيفات كاللواتي رأيت في هذه الأمسية . فهناك عدة فتيات جميلات جدا".



قال السيد دارسي وهو ينظر إلى الآنسة بنيت الكبرى :" أنتَ ترقص مع الفتاة الجميلة الوحيدة في الغرفة".


" أوه, إنها أجمل فتاة رأيتها في حياتي! لكن هنالك واحدة من شقيقاتها واقفة وراءك مباشرة . إنها جميلة أيضاً , وقد تكون ملائمة . دعني أعرفك بها".



نظر السيد دارسي إلى إليزابث للحظة. وبعد ذلك أشاح بنظره وقال ببرود:" إنها جميلة , لكن ليس بالقدر الكافي لتغريني . كما إنني لا أكترث للسعي وراء الشابات اللواتي لم يخترهن رجال آخرون . من الأفضل لك تعود إلى شريكتك وتستمتع بابتسامتها , فأنت تضيع وقتك معي".




عمل السيد بنغلي بنصيحته . أخذ السيد دارسي يتمشى , ولبثت إليزابث في مكانها من دون أية مشاعر ود نحوه. لكنها سردت القصة لصديقاتها , لأنها تتمتع بروح الدعابة وتستمتع بكل ما هو مضحك.




مضت الأمسية بشكل مفرح لكل العائلة, وقد لاحظت السيدة بنيت أن ابنتها الكبرى كانت محط إعجاب أهالي نذر فيلد فقد رقص السيد بنغلي مع جاين مرتين, وكانت شقيقتاه لطيفتين معها. فرحت جاين مثل أمها , لكن بطريقة أكثر هدوءاً. شاركت إليزابث في فرح جاين. ولم تكن كيتي وليديا من دون شركاء , وهذا كل ما رغبتا فيه من حفلة رقص. كما سمعت ماري بنفسها توصف على أنها أذكى فتاة في الجوار. لذا عُدن بفرح إلى لونغبورن, القرية التي يعشن فيها. أما السيد بنيت الذي رفض الذهاب إلى الحفلة , فقد كان يقرأ.



قال زوجته وهي تدخل الغرفة:" أوه.,سيد بنيت , لقد أمضينا أمسية رائعة , إنها حفلة رقص ممتازة. ليتك كنت موجوداً . كانت جاين محط إعجاب الجميع, وتحدث كل شخص عن جمالها . وجدها السيد بنغلي جميلة جداً ورقص معها مرتين . فكر في ذلك يا عزيزي! لقد رقص معها في الواقع مرتين! كانت الفتاة الوحيدة التي طلب منها الرقص مرتين! طلب أولا من الآنسة لوكاس . وقد ثار غيظي عندما رأيته يطلب منها ذلك . لكنه لم يعجب بها أبدا ؛ لم يتمكن أحد من ذلك , أنت تعلم . لقد لاحظ جاين خلال الرقصة الثانية , وفي الثالثة رقص مع الآنسة كينغ وفي الرابعة مع ماريا لوكاس وفي الخامسة مع جاين ثانية وفي السادسة مع إليزابث وفي السابعة..."




قاطعها زوجها قائلاً:" لو أشفق عليّ لما كان رقص بهذا القدر. إكراماً لله. لا تذكري المزيد عن شريكاته في الرقص! أتمنى لو أنه جرح ساقه في الرقصة الأولى!"




تابعت السيدة بنيت:" أوه يا عزيزي , إني فرحة به. فهو وسيم جدا! كما أن شقيقتيه أنيقتان جدا. لم أر في حياتي أغلى من أثوابهن أنا متأكدة من أن التخريم على ثوب السيدة هارست...."


قوطعت مرة ثانية. فقد رفض السيد بنيت سماع أي شيء عن الأثواب . لذلك , وعوضاً عن ذلك , وصفت بغيظ شديد وقاحة السيد دارسي.


ثم أضافت تقول:" لكن إليزابث لا تخسر الكثير إن لم تناسبه. إنه رجل سيئ الطبع وبغيض للغاية ولا يستحق التقدير. لقد كان مختالا جدا بحيث لم يستطع أحد أن يتحمله . تمشى في الغرفة وهو يعتقد نفسه عظيما! وهكذا لم تكن إليزابث جميلة كفاية كي ترقص معه! أتمنى لو كنت هناك يا عزيزي كي تعطيه رأيك . كم أكره هذا الرجل!".

خالد جاسم
08-18-2011, 02:37 AM
الفصل الرابع


طبائع مختلفة,,








عندما كانت جاين وإليزابث بمفردهما, أخبرت جاين شقيقتها كم هي معجبة بالسيد بنغلي .

قالت:" هو ما ينبغي أن يكونه الشاب. فهو ذكي , حسن المزاج وحيوي. لم أرى قط مثل هذه الأخلاق الطيبة".

ردت إليزابث :" إنه أنيق أيضاً, مثلما ينبغي أن يكون كل شاب . لذلك فشخصيته متكاملة".


" لقد سررت كثيراً لأنه طلب مني الرقص مرتين . فأنا لم أتوقع ذلك".



" لم تتوقعي ذلك؟ أنا توقعت . وهذا هو الفرق الكبير بيننا. فالمجاملات تدهشك دائماً, لكنها لا تدهشني أبداً. لماذا دُهشت لأنه طلب منك الرقص مرة ثانيه؟ لقد كنت أجمل بكثير من أية امرأة أخرى في الغرفة! حسناً, إنه مقبول طبعاً, سأسمح لك بأن تحبيه فأنت أحببت الكثير من الأشخاص البلهاء".


"إليزابث العزيزه!".


" هذا صحيح! لقد أحببت الكثير من الناس . أنت لا ترين أي خطأ في أي شخص . كل شخص طيب ومقبول بنظرك . لم أسمعك أبداً تنتقدين أي شخص".


" لا أحب أن أنتقد . لكنني أقول دائماً ما أفكر فيه".


" أعرف أن تفعلين ذلك ؛ وهذا ما يدهشني . أنت تملكين مقدارا وافرا من الإحساس , لكنك عمياء تماما أمام أخطاء الناس . أنت تبالغين في حسن أخلاقهم ولا تتحدثين أبدا عن سيئاتهم . هل أحببت شقيقتي السيد بنغلي أيضا؟ إن أخلاقهما ليست مثالية كأخلاقه".



" ليس في البداية. لكنهما امرأتان لطيفتان جديرتان بالمحادثة .ستعيش الآنسة بنغلي مع شقيقها وترعاه . أعتقد بأننا سنجدها جارة جذابة جدا".


أنصتت إليزابث بسكون , لكنها لم تكن متأكدة . كان لديها ذكاء أسرع وأقوى من شقيقتها . فهي في الحقيقة لم تحب شقيقتي السيد بنغلي . فهما يمكنهما أن تكونا حسنتي المزاج كثيرا عندما تشاءا, لكنهما كانتا متعجرفتين ومغرورتين . وحيث عاشتا دائما في جو من الثراء والعلم والسخاء فقد اعتقدتا بأنهما أفضل من الآخرين.




ورث السيد بنغلي عن والده مئة ألف جنيه تقريبا . وقد تلهفت شقيقتاه عليه كي يشتري مزرعة خاصة به. وفي تلك الأثناء , كانوا سعداء باستخدامهم نذرفيلد كمنزل خاص بهم بعد أن راق لهم . كان بين بنغلي ودارسي صداقة قديمة بالرغم من الفارق الكبير بين شخصيتهما . أحب دارسي بنغلي لطبعه الحلو ووده . و أُعجب بنغلي بدارسي لذكائه واعتمد على محبته . كان بنغلي نفسه ذكيا , لكن دارسي كان أذكى منه بكثير. وفي الوقت نفسه كان متكبرا ومتحفظا وصعب الإرضاء . كانت له أخلاق السيد, لكنه لم يكن ودودا أبدا. وكان بنغلي محبوبا أينما ذهب , فيما أزعج دارسي الناس في أغلب الأحيان.




أظهرت الطريقة التي تحدثا بها عن حفلة مريتون التباين في شخصيتهما . قال بنغلي أنه لم يقابل قط في حياته ألطف من أولئك الناس أو أجمل من تلك الفتيات؛ كان كل شخص لطيفا وودوا ؛ وكانت الآنسة بنيت أجمل ملاك . فيما رأى دارسي من جهة ثانية, مجموعة عادية جدا من الناس الذين لم يجذبوا اهتمامه أبدا. وافق على أن الآنسة بنيت كانت جميلة, لكنه اعتقد بأنها تبتسم كثيرا.



اتفقت السيدة هارست وشقيقتها معه في الرأي حول الآنسة بنيت . لكنهما قالتا أنها فتاة طيبة وأنهما يرغبان في رؤيتها مرة أخرى. وبما أن موافقتهما قد أُعطيت , فأن بنغلي كان حراً في التفكير في الآنسة بنيت كما يشاء.
</b></i>
</span>

خالد جاسم
08-18-2011, 02:39 AM
الفصل الخامس






حديث عن الحب


كانت تسكن بالقرب من لونغبورن عائلة لها علاقة صادقة حميمة بعائلة بنيت. فكان للسير وليم لوكاس ذات يوم دكان في مريتون , حيث كون ثروة صغيرة . وقد منح رتبى فارس عندما كان رئيس بلدية المدينة , فجعله هذا الشرف متباهيا جدا بحيث لم يعد يواصل العمل في دكانه. انتقل بعائلته إلى خارج مريتون إلى بيت دعاه مسكن لوكاس , حيث يمكنه التفكير بحبور في أهميته الخاصة. ولأن ليس له عمل آخر , فقد أمضى وقته بالتصرف بتهذيب مع كل شخص . ومع أنه كان فخورا جدا بفروسيته , إلا أن ذلك لم يجعله متغطرسا, بل على العكس , فقد بقي ودودا مع الجميع.




كانت السيدة لوكاس امرأة صالحة. وكان لديها عدة أولاد. أكبرهن , وهي شابة حساسة وذكية , عمرها سبع وعشرون سنة تقريبا , كانت صديقة حميمة لإليزابث بنيت.




في الصباح بعد حفلة مريتون , أتت الأوانس من عائلة لوكاس إلى لونغبورن للتحدث عن الحفلة إلى صديقاتهن, الأوانس من عائلة بنيت.



قالت السيدة بنيت بتهذيب إلى الآنسة لوكاس:" لقد بدأت الأمسية بشكل جيد, إذ كنت الخيار الأول كشريكة للسيد بنغلي".

" أجل , لكن بدا أنه فضل خياره الثاني. فقد سمعت السيد روبنسون يسأله عن أجمل فتاة في الغرفة, فأجاب في الحال_ أوه ! الآنسة بنيت الكبرى , بلا شك ؛ لا جدال في ذلك!".



" حسنا ! كان ذلك أمرا إيجابيا حقا ! لكنه ربما لا يعني شيئا".



قالت شارلوت:" لم تسمعي بشيء مفرح كهذا , أليس كذلك يا إليزابث ؟ فالسيد دارسي لا ينطق بمثل هذه الأشياء اللطيفة! يا إليزابث المسكينة!".


" أرجوك لا توحي بأن إليزابث ينبغي أن تكون منزعجة مما قاله! فهو رجل سيء المزاج بحيث يكون الأمر بغيضا لو أنه أحبها, فقد جلس بجانب السيدة لونغ نصف ساعة من دون أن يفتح فمه".



قالت جاين :" أخبرتني الآنسة بنغلي بأنه لا يتحدث كثيرا إلا عندما يكون بين أصدقائه المقربين . فمعهم يكون لطيفا".


" لا أصدق ذلك. لو كان لطيفا هكذا لتحدث مع السيدة لونغ . في المرة التالية يجب أن ترفضي الرقص معه يا إليزابث".


" أعتقد يا أمي بأنني أستطيع أن أعدك وعدا قاطعا بعدم الرقص معه".


قالت الآنسة لوكاس:" على الأقل لديه العذر لكبريائه. فمن غير المدهش أن يتباهى بنفسه هذا الشاب الأنيق الذي ينتمي إلى عائلة مرموقة ولديه ثروة هائلة, وربما أمكنني القول بأن له الحق في أن يكون متباهيا".



قالت إليزابث :" هذا صحيح تماما, وقد كان بإمكاني أن أصفح عن كبريائه بسهولة لو أنه لم يجرح كبريائي".



زارت سيدات لونغبورن سيدات نذرفيلد . فقامت السيدات الأخيرات برد الزيارة . بدت جاين بنيت جذابة أكثر فأكثر إلى السيدة هارست والآنسة بنغلي . ومع أنهما اعتقدتا بأن والدتها لا يمكن احتمالها , وأن شقيقتيها الصغيرتين لم تكونا مثيرتين , إلا أنهما رغبتا في الصداقة مع الشقيقتين الكبريين . كانت جاين فرحة بذلك . لكن إليزابث ظلت تفكر في أنهما متعجرفتان حتى مع جاين , ولم تستطع أن تحبهما.




وكان من الواضح أن السيد بنغلي نفسه معجب بجاين.واستطاعت إليزابث نفسها أن ترى أن جاين بدأت أيضا تقع فعلا في حبه. لكن جاين كانت دائما لطيفة مع كل شخص لدرجة أن الغريب لن يتمكن من أن يعرف من تفضل . وقد ذكرت إليزابث ذلك لصديقتها شارلوت لوكاس.

فردت شارلوت :" ربما من اللياقة إخفاء مثل هذا السر عن الناس لكن ذلك يسيء إلى الحظ أحيانا . إذا أخفت المرأة عاطفتها عن الرجل الذي تحب فربما تفقده . وهي قلما تستريح أن لم يعلم أحد بأنها أحبته! هنالك القليل من الرجال أو النساء الذين لا يقعون في الحب حقا إلا بعد أن يتم تشجيعهم . ينبغي على المرأة عادة أن تبدي عاطفة أكثر مما تشعر . إن بنغلي معجب بشقيقتك بالتأكيد ؛ لكنه ربما لن يفعل أكثر من الإعجاب بها إلا إذا هي ساعدته على المضي".




" إذا لم يستطع أن يرى كيف هي تشعر تجاهه, فلا بد أن يكون أكثر بلاهة مني!".
</b></i>

خالد جاسم
08-18-2011, 02:40 AM
الفصل السادس
العين الناقدة

بينما كانت تراقب اهتمام السيد بنغلي بشقيقتها ,لم تدرك إليزابيث أنها نفسها كانت موضع اهتمام صديقه. في المرة الأولى لم يعترف السيد دارسي بأنها جميله. وفي المرة الثانية لم يبحث إلا عن العيوب فيها. لكن حالما أثبت لنفسه ولأصدقائه بأن التعبير الجميل لعينيها الداكنتين جعل من وجهها وجها ذكيا فوق العادة. ثم قام باكتشافات أخرى. فقوامها,مثلا, كان رشيقا ومقبولا, وسلوكها كان جذابا ومسليا.




لم تدرك هذا الاهتمام, بل فكرت فيه فقط على أنه الرجل السيء الطبع الذي رفض أن يرقص معها.


بدأ يرغب في أن تزداد معرفته بها. لاحظته إليزابيث أحيانا واقفا بالقرب منها ,ينصت إلى أحاديثها مع الرجال الآخرين.



قالت لشارلوت أثناء حفلة مسائية أقامها السير وليم لوكاس:"سأعذبه.إن لديه عينا ناقدة,وإذا لم أعذبه فسرعان ماسأخاف منه".


طلبت الآنسة لوكاس من صديقتها أن تغني ,فغنت بأسلوب طبيعي بسيط, الأمر الذي أدى إلى بهجة عظيمة. وسرعان ما كان أعضاء الحفلة الشباب يرقصون في نهاية الغرفة.


وقف السيد دارسي بالقرب منهم غاضبا بصمت بسبب تبديد الأمسية. فضل الحديث الممتع. فتحدث إليه السبر لوكاس.



"كم هي تسلية ممتعة للشبان يا سيد دارسي. ليس هناك شيء مثل الرقص. أعتقد أنه أحد الإنجازات العظيمة للجيل المتمدن"


"بتأكيد, يا سيدي! إنه أيضا شائع بين الناس الأقل تمدنا. فكل همجي يستطيع أن يرقص!"


ابتسم السير وليم, ثم تابع حديثه عندما رأى بنغلي ينضم إلى الراقصين: "إن صديقك يرقص بفرح, أنا متأكد من أنك خبير أيضا يا سيد دارسي".

توقف وهو يأمل بجواب,لكن رفيقه لم يعطه أي جواب. وكانت إليزابيث تسير أمامها في تلك اللحظة, فخطرت للسير وليم فكرة لطيفه فجأة. فناداها قائلا: "عزيزتي الآنسة إليزابيث, لماذا لا ترقصين؟ سيد دارسي, اسمح لي أن أقدم إليك هذه الشابة. لا يسعك أن ترفض الرقص, أنا متأكد, عندما يقف جمال كهذا أمامك!" ثم أخذ يدها وأعطاها إلى السيد دارسي الذي, بالرغم من دهشته, كان يرغب بقوة في أخذها. لكن إليزابيث تراجعت على الفور وقالت للسير وليم بحزم:



"في الواقع,يا سيدي, ليست لدي أية رغبة في الرقص. آمل بصدق أن لا تعتقد بأنني مررت من هذه الطريق لأبحث عن شريك!"



طلب السيد دارسي, بتهذيب شديد, شرف الرقص معها, لكن من دون جدوى. فقد صممت إليزابيث على عدم الرقص. ولم تفلح حجج السير وليم في تغيير رأيها.



"أنت ترقصين جيدا يا آنسة إليزابيث. هذا السيد لا يحب الرقص عادة, لكنني متأكد من أنه لن يعارض الرقص معك لنصف ساعة "


قالت إليزابيث وهي تبتسم:"إن السيد دارسي مهذب جدا"



"إنه كذلك حقا . لكن لا عجب!من يمكنه أن يرفض مثل هذا الشريك ؟"


ابتعدت إليزابيث وقد بدت ساحرة. لم يؤثر رفضها في رأي السيد دارسي فيها . وكان يفكر فيها بفرح عندما أتت إليه الآنسة بنغلي.


"أستطيع أن أحرز ما تفكر فيه"

"أشك في ذلك".

"أنت تفكر في كم هو غير مرض أن تمضي أمسيات كثيرة بهذه الطريقة ومع مثل هؤلاء الناس! أوافقك الرأي,في الواقع.فأنا لم أشعر من قبل بمثل هذا السأم الشديد. البلاهة والضجة! عدم أهمية هؤلاء الناس! إنني أرغب بالتأكيد في أن أسمع آراءك عنهم!"


"إن تخمينك خاطئ تماما. فأفكاري أكثر انسجاما. كنت أفكر في الابتهاج العظيم الذي يمكن اكتشافه في عينين جذابتين في وجه امرأة جميلة".

ركزت الآنسة بنغلي عينيها مباشرة على وجهه وسألت عن السيدة التي يفكر فيها .أجاب السيد دارسي بشجاعة عظيمة :
"الآنسة إليزابيث بنيت".


رددت الآنسة بنغلي:"الآنسة إليزابيث بنيت! أنا مندهشة! منذ متى هي المفضلة لديك؟ومتى أتمنى لك السعادة الزوجية؟"




"هذا تماما هو السؤال الذي توقعت منك طرحه.إن خيال السيدة سريع جدا, فهو يقفز من الإعجاب إلى الحب,ومن الحب إلى الزواج بلحظة".
"لكن إذا كنت جديا سأعتبر أن الزواج قد تدبر تماما.ستكون لديك حماة ساحرة حقا,وطبعا ستكون دائما معكما في بمبرلي".
</b></i>

خالد جاسم
08-18-2011, 02:43 AM
الفصل السابع

حمى شديدة

كانت الإبنتان الصغيرتان في العائلة,كيتي وليديا, منشغلتين في ذلك الوقت . في كل يوم كانتا تسيران إلى مريتون, على بعد ميل, لزيارة شقيقة والدتهما, السيدة فيليبس , التي تزوجت محاميا ينتمي إلى تلك البلدة. في كل ليلة كانتا تنقلان الأخبار الكثيرة.فوج جنود وصل مؤخرا إلى مريتون, ومن المقرر أن يمكث فيها طوال الشتاء. في كل يوم اكتشفت كيتي وليديا المزيد عن الضباط, الذين سرعان ما بدأتا التعرف إليهم شخصيا . إن ثروة السيد بنغلي , التي أثارة اهتمام والدتهما, لم تكن شيئا بالمقارنة مع بذلة ضابط صغير السن.


وذات صباح, بعد الاستماع إلى ملاحظتهما عن هذا الموضوع, قال السيد بنيت بهدوء:


"لابد أنكما اثنتان من أسخف الفتيات في البلدة. لقد ارتبت في الأمر لمدة طويلة و لكنني الآن متأكد منه".


قالت السيدة بنيت:"أنا مندهشة يا عزيزي لأنك تظن بأن بناتك سخيفات ,وقد ثبت أنهن ذكيات جدا".


"يسعدني أن أقول إن هذا هو الأمر الوحيد الذي لا نتفق عليه. فأنا ما زلت أعتقد بأن ابنتيك الصغيرتين سخيفتان فوق العادة".

أوشكت السيدة بنيت أن تجيب عندما دخل خادم الغرفة برسالة إلى جاين بنيت . ابتهجت السيدة بنيت وهتفت فبما كانت ابنتها تقرأ:



"حسنا يا جاين , ممن هي؟ ماذا فيها؟ ماذا يقول؟ حسنا يا جاين ,أسرعي وأخبرينا, أسرعي يا حبيبتي!".


قالت جاين :"إنها من الآنسة بنغلي , وهي تتمنى علي أن أتناول العشاء معها ومع السيدة هارست, فالرجال خارجون للعشاء مع الضباط".

قلت السيدة بنيت: "سيكون الرجال في الخارج؟ ذلك حظ سيء للغاية".

سألت جاين: "هل يمكنني أن أستخدم العربة؟"

"لا يا عزيزتي,من الأفضل أن تذهبي على صهوة الجواد,لأنه من المحتمل أن تمطر. وعندئذ سيتوجب عليك قضاء الليلة هناك".

آثرت جاين أن تذهب بالعربة ,لكن كان عليها الذهاب على صهوة الجواد.ودعتها أمها عند الباب مع أمنيات كثيرة فرحة بطقس رديء. وقد تحققت أمنياتها. فما أن غادرت جاين حتى بدأت تمطر بغزارة . قلقت شقيقاتها عليها كثيرا, لكن والدتها كانت فرحة. استمر المطر يهطل طوال المساء, ولم تتمكن جاين من العودة بالتأكيد .



"إنها فكرتي الجيدة!" قالت السيدة بنيت أكثر من مرة وكأنها هي من أرسل المطر .لكنها لم تعرف كم أحسنت تدبير الأمور حتى الصباح التالي . فبعد الفطور مباشرة, أحضر خادم رسالة من جاين. كانت مريضة جدا نتيجة أصابتها بالبلل في اليوم السابق. وقد ألح أصدقاؤها اللطفاء في نذرفيلد على أن تبقى هناك حتى تتحسن.


قال السيد بنيت:" حسنا يا عزيزتي, إذا أصيبت ابنتك بمرض خطيرـ إذا ماتت ـ فإن ما يبعث على الارتياح أن تعرفي أنها قضت نحبها أثناء محاولتها الإيقاع بالسيد بنغلي".


"أوه, أنا لا أخشى موتها.سوف يعتني بها جيدا. وطالما أنها تمكث هناك ستكون بخير".



"كانت إليزابيث متلهفة حقا على رؤية شقيقتها. كانت العربة في الاستخدام, فقررت أن تمشي .


صاحت والدتها :" كم أنت سخيفة! ستكونين مغطاة بالطين عندما تصلين إلى هناك. ولن تكوني ملائمة للرؤية".



"سأكون ملائمة لأرى جاين ـ وهذا كل ما أريده. إنها مسافة ثلاثة أميال فقط. سأعود للعشاء".




ذهبت بمفردها, قاطعة بسرعة حقلا بعد حقل. وأخيرا وصلت إلى نذرفيلد بساقين متعبتين وجوربين قذرين ووجه يتقد بسبب الجهد الذي بذلته . اقتيدت إلى غرفة الطعام حيث جلس الجميع باستثناء جاين . وبصعوبة استطاعت الآنسة بنغلي و السيدة هارست أن تصدقا أنها مشت ثلاثة أميال في وقت مبكر من النهار, في مثل هذا الجو الرديء, وبمفردها. كانت إليزابيث متأكدة من أنهما يستخفان بها. لكنهما استقبلاها بتهذيب بالغ, وكان شقيقهما أكثر من مهذب ـ كان لطيفا ومحبا. تحدث دارسي قليلا ولم يتحدث السيد هارست أبدا.كان الأول يتأمل بإعجاب اللون المتوهج الذي منحه الجهد لوجه إليزابيث. فيما كان الأخير يفكر في فطوره فقط.


لم تنم جاين بنيت جيدا وأصابتها حمى شديدة. ذهبت إليها إليزابيث فورا وأمضت النهار كله إلى جانبها. أتى الطبيب وأمر جاين بملازمة الفراش وتناول بعض الأدوية التي أرسلها لها.



عند الساعة الثالثة شعرت إليزابيث بأن عليها الذهاب إلى البيت وقالت ذلك مرغمة. قدمت الآنسة بنغلي العربة إليها لكن جاين أبدت قلقا شديدا على فراق شقيقتها بحيث اقترحت الآنسة بنغلي أخيرا أن على إليزابيث البقاء في نذرفيلد أيضا.وافقت إليزابيث على ذلك شاكرة, وأرسل خادم إلى لونغبورن لإخبار عائلتها

خالد جاسم
08-18-2011, 02:45 AM
الفصل الثامن

كبرياء ووقاحة



دعيت إليزابيث إلى العشاء عند الساعة السادسة والنصف. سأل الجميع كيف أصبحت جاين, لكنها لم تكن أفضل حالا. أعربت الشقيقتان ثلاث أو أربع مرات عن أسفهما وعن كراهيتهما الوقوع في المرض ـ ثم لم تعودا تفكران في ذلك. وقد أحيت لا مبالاتهما بجاين, عندما لم تكن معهما, كراهية إليزابيث لهما.





كان شقيقهما في الحقيقة الشخص الوحيد الذي أحبته في المجموعة. وقد جعلها قلقه الحقيقي على جاين, وعطفه على إليزابيث نفسها, تشعر بغربة أقل. لم ينتبه إليها إي شخص آخر. كانت الآنسة بنغلي وشقيقتها منشغلين بالسيد دارسي. وكان السيد هارست مهتما فقط بالطعام والشراب ولعب الورق.





عندما انتهى العشاء عادت مباشرة إلى جاين. وحالما أصبحت خارج الغرفة بدأت الآنسة بنغلي في انتقادها: إن تصرفاتها في الواقع سيئة جدا ـ إنها مزيج من الكبرياء والوقاحة. ليست لديها أية حسنات على الإطلاق ـ باستثناء أنها تجيد المشي بشكل ممتاز. كم هو سخيف أن تمشي هذه المسافة البعيدة فقط لأن شقيقتها مصابة بالزكام! إن شعرها غير مرتب. وثوبها مغطى بالوحل.

قال بنغلي: "ربما كنت على حق, لكنني لم ألحظ أي من هذا. أعتقد أن الآنسة إليزابيث بنيت بدت جيدة حقا عندما دخلت الغرفة غي هذا الصباح. لم ألاحظ ثوبها أبدا".




قالت الآنسة بنغلي: " لقد لاحظتها يا دارسي, أنا متأكدة. أعتقد بأنه لن يروق لك أن ترى شقيقتك تظهر هكذا".


"لا بالتأكيد".



قال بنغلي: "إنها تظهر حبا نحو شقيقتها, وهذا لطيف جدا".

قالت الآنسة بنغلي :" أخشى يا سيد دارسي من إعجابك بعينيها قد قل الآن ".

"لا أبدا. فهي أكثر لمعانا من أي وقت مضى ".



تلا هذه الملاحظة توقف قصير. ثم بدأت السيدة هارست الحديث ثانية: "لدي أعظم حب لجاين بنيت. إنها فتاة طيبة جدا وآمل أن تتزوج رجلا جيدا. لكن بوجود مثل هذه الأم وهذا الأب, أخشى أن لا تتاح لها الفرصة. لها عم محام في مريتون. وآخر تاجر في تشيب سايد ! "

ضحكت الشقيقتان بحماسة من فكرة أن يعيش أي امرئ في تشيب سايد.

صاح بنغلي :" لو كانت تشيب سايد ممتلئة بأعمامها, فإن ذلك لن يجعلها أقل جاذبية ".


أجاب دارسي :" لكن ذلك سيقلل بالتأكيد من فرصة زواجها برجل ذي شأن ".


لم يجب بنغلي, لكن شقيقتيه وافقتا على ذلك بحماسة وضحكتا لبعض الوقت على أقارب صديقتهما العزيزة.


جلست إليزابيث مع شقيقتها طوال المساء. كانت جاين ما تزال مريضة جدا, لكنها أخيرا استغرقت في النوم. عندئذ فكرت إليزابيث في أن من اللائق النزول إلى الطابق السفلي. وجدت الآخرين يلعبون الورق, فوقفت بالقرب منهم تراقب اللعب.




كانت الآنسة بنغلي تسأل السيد دارسي عن شقيقته: " كم أنا مشتاقة لرؤيتها ثانية ! إنها مثال الجمال والأخلاق الحميدة ! إنها موهوبة جدا! فهي تعزف على البيانو بشكل جميل "

قال بنغلي: " إنه ليدهشني أن كل الشابات موهوبات في هذه الأيام. إنهن يرسمن اللوحات ويطرزن الستائر ".


قال دارسي: " لكنني لن أقول أنهن موهوبات . فأنا لا أعرف أكثر من ست نساء موهوبات فعلا من بين كل أصدقائي ".


قالت معاونته المخلصة, الآنسة بنغلي : " بالتأكيد, ما من واحدة يمكنها أن تكون موهوبة فعلا إن لم تعرف الكثير عن الموسيقى والغناء والرسم والرقص واللغات. وعلاوة على ذلك, ينبغي أن تتمتع بمظهر جذاب ومشية رشيقة وصوت جميل وأخلاق حميدة ".


قال دارسي موافقا : "ينبغي أن تتمتع بكل ذلك , كما ينبغي أن تكون قد تثقفت بكثير من القراءة الجدية ".


قالت إليزابيث: "لم أعد مندهشة لأنك تعرف ست نساء موهوبات فقط. بل إنني مندهشة لأنك تعرف إي منهن!"


قالت السيدة هارست والآنسة بنغلي أنهما تعرفان الكثير من مثيل هؤلاء النساء. لكن السيد هارست طلب أن توجها انتباههما إلى لعب الورق, فسارعت إليزابيث بعد ذلك إلى مغادرة الغرفة.

قالت الآنسة بنغلي عندما أغلق الباب : "إن إليزابيث بنيت هي واحدة من السيدات الشابات اللواتي يحاولن جعل أنفسهن جذابات للرجال بانتقاد جنسهن. وهذا في رأيي خدعة وضيعة جدا ".

"بلا شك " أجاب دارسي الذي كانت تتحدث إليه " إن كل الخدع التي تستخدمها النساء أحيانا كي تجذب الرجال هي وضيعة قليلا. إن كل ما يمثل الخداع هو سيء ".


لم تقتنع الآنسة بنغلي تماما بهذا الجواب, ولم تتابع الحديث.

كانت جاين في الصباح التالي أفضل بقليل. أرسلت رسالة صغيرة إلى لونغبورن تطلب من والدتها القيام بزيارتها لتقرر ما ينبغي القيام به. وقد وصلت السيدة بنيت وابنتاها الصغيرتان بعد الفطور مباشرة .



لو وجدت جاين في حالة خطرة لكانت السيدة بنيت تعيسة جدا. لكن بما أن المرض لم يكن خطيرا, فهي لم تتمن لها الشفاء السريع ومغادرة نذرفيلد. وبعد أن جلست لفترة قصيرة مع جاين , انضمت إلى السيد بنغلي وشقيقتيه. وفي الحال سأل بنغلي إن هي وجدت ابنتها أسوأ حالا مما توقعت .



فكان جوابها :" في الواقع , يا سيدي, هي مريضة جدا ولا تقوى على الانتقال. وهكذا يعتقد الطبيب أيضا. ينبغي أن نلتمس منك إبقاءها هنا لمدة أطول بقليل ".


صاح بنغلي : " الانتقال! لا تفكري فيه ! أنا متأكدة من أن شقيقتي لن تسمح به ".

وافقت الآنسة بنغلي بتهذيب بارد على وجوب العناية الجيدة بجاين.



شكرتها السيدة بنيت بإسراف. " لست أدري ماذا كان سيحدث لها لو لم يكن لديها الأصدقاء الطيبون. فهي في الواقع مريضة جدا , وتشعر بألم عظيم. لكنها دائما صبورة. إن لها أحلى طبع عرفته في حياتي, وأنا أقول دائما لبناتي الأخريات بأنه لا يمكن لهن التشبه بها. إن لديك غرفة جميلة هنا يا سيد بنغلي ومنظر ساحرا. لم أعهد منزلا في الريف جميلا مثل نذرفيلد. آمل بألا تغادره بسرعة ".








"أنا أقوم دائما بالأشياء على عجل . فإذا قررت مغادرة نذرفيلد سأغادرها خلال خمس دقائق. لكن في الوقت الحاضر ليست لدي أية نية على المغادرة ".


سألت إليزابيث والدتها عما إذا قامت شارلوت لوكاس بزيارة لونغبورن.

"نعم, لقد زارتها البارحة مع والدها. كم هو مقبول السير وليم يا سيد بنغلي ! إنه أنيق جدا ولطيف جدا! إن لديه دائما ما يقوله لأي كان . وهذا هو رأيي في الأخلاق الحسنة, فالناس الذين يظنون أنفسهم مهمين جدا ولا يفتحون أفواههم هم مخطئون جدا", ثم نظرت إلى السيد دارسي.


ارتعشت إليزابيث خوفا من أن تتفوه أمها بالمزيد. كررت السيدة بنيت شكرها بعد صمت قليل. وكان السيد بنغلي مؤدبا حقا في رده وأجبر شقيقته الصغرى على قول كل ما هو ضروري. تحدثت من حرارة, لكن السيدة بينت شعرت بالرضى وسرعان ما نهضت لتغادر.


عادت إليزابيث توا إلى جاين. تركت السيدتين والسيد دارسي يتبادلون الآراء حول أخلاقها وأخلاق أقاربها. لكن الأخير لم يستدرج بسهولة لانتقاد إليزابيث, على الرغم من سخرية الآنسة بنغلي من "العينين الجميلتين".
</b></i>

خالد جاسم
08-18-2011, 02:46 AM
الفصل التاسع

فرصة غير عادية



في المساء التالي أصبحت جاين جيدة كفاية كي تغادر غرفتها لبضع ساعات. أحضرتها إليزابيث إلى قاعة الاستقبال حيث استقبلت بحرارة من قبل صديقتيها. لم يسبق لإليزابيث أن رأتهما لطيفتين هكذا خلال الساعة التي سبقت مجيء الرجال. وعندما دخل الرجال لم تعد جاين موضع اهتمامهما. فالآنسة بنغلي نظرت فورا إلى دارسي. وهو تحدث إلى الآنسة بنيت وهنأها بأدب. وقال السيد هارست أيضا أنه " مسرور جدا ". لكن الحماسة و الدفء ظهرا فقط من خلال ترحيب بنغلي. كان ممتلئا بالفرح والاهتمام, فجلس إلى جانبها ونادرا ما تحدث إلى أحد سواها. وقد تطلعت إليزابيث إلى كل ذلك ببهجة وهي تخيط من الزاوية المقابلة.




عندما انتهى تناول الشاي, رغب السيد هارست في لعب الورق. لكن لم يقبل بذلك أحد, ولم يكن لديه ما يقوم به سوى الاستلقاء على إحدى الأرائك والاستسلام للنوم . تناول دارسي كتابا. وفعلت الآنسة بنغلي الشيء نفسه, فيما لعبت السيدة هارست بأساورها وخواتمها, وشاركت من حين إلى آخر في حديث أخيها مع الآنسة بنيت.




كانت الآنسة بنغلي منهمكة في مراقبة السيد دارسي وهو يقرأ كتابه أكثر من انهماكها في قراءة كتابها. فكانت تسأله باستمرار أسئلة أو تنظر إلى صفحته. لكنها لم تتمكن من استدراجه إلى الحديث, فكان يجيب فقط عن أسئلتها ثم يتابع القراءة. تثاءبت بقوة وقالت: " كم هو ممتع قضاء الأمسية بهذه الطريقة! أنا متأكدة من أن ليس هناك من متعة مثل القراءة. عندما يصبح لدي بيت خاص بي سأكون تعيسة إن لم يكن لدي مكتبة ممتازة ".




تثاءبت مرة ثانية, ألقت الكتاب جانبا, وتطلعت عبر الغرفة بحثا عن تسلية. أخيرا نهضت ومشت في الغرفة. كان لها قوام جميل ومشية رشيقة ـ لكن دارسي, الذي كان هدفها, واصل بحزم القراءة في كتابه. وفي غمره يأسها قامت بمجهود إضافي, فالتفتت نحو إليزابيث وقالت:
" دعينا يا آنسة إليزابيث بنيت نقوم بالسير في الغرفة. فهذا مريح جدا بعد الجلوس هكذا لمدة طويلة ".


استغربت إليزابيث, لكنها وافقت على الفور. كما نجحت الآنسة بنغلي في تحقيق هدفها, إذ تطلع السيد دارسي, وكان مستغربا مثل إليزابيث لياقة الآنسة بنغلي, فأغلق كتابه للحظة.
وفي الحال طلب منه الانضمام إليهما, لكنه رفض قائلا أن هنالك سببين محتملين لسيرهما معا ذهابا إيابا في الغرفة ـ وأن رفقته ستتعارض مع أي منهما.




طلبت الآنسة بنغلي تفسيرا, فقال حالما سمحت له بالكلام: "بالتأكيد. أنتما تسيران معا إما لأن لديكما أسرار تبوحان بها أو أنكما تقومان بذلك لأنكما تعرفان أنكما تبدوان أنيقتين جدا أثناء السير. وإذا كان السبب الأول هو الحقيقي, فسأعترض طريقكما تماما. وإذا كان الثاني, يمكنني الإعجاب بكما بشكل أفضل وأنا جالس بالقرب من النار".



صاحت الآنسة بنغلي: "أوه, شيء مروع! لم أسمع بشيء مروع كهذا من قبل! كيف نعاقبه على ملاحظته هذه؟"


قالت إليزابيث: " ما من شيء أسهل من ذلك إن رغبت. أثيري غيظه ـ اسخري منه! وبما أنك تعرفينه جيدا, فلا بد أن تعرفي كيف تقومين بذلك".

قالت الآنسة بنغلي :"لا تحاولي السخرية من السيد دارسي! من يجرؤ على ذلك؟"
صاحت إليزابيث: "لا يمكن السخرية من السيد دارسي؟ هذه فرصة غير عادية ـ وآمل أن تبقى غير عادية. أنا نفسي لا أحب الضحك كثيرا".

قال: " لقد بالغت الآنسة بنغلي في مدحي. إن أعقل الرجال وأفضلهم قد يصبحون موضع سخرية أي شخص هدفه الوحيد هو المزاح".

قالت إليزابيث:" بالتأكيد, هنالك مثل هؤلاء الأشخاص, لكنني آمل ألا أكون واحدة منهم. آمل بألا أضحك مما هو عاقل وصالح. إني أعترف بأن البلاهة والسخافة توفران لي التسلية حقا, وأنا أضحك منهما بقدر استطاعتي. لكنك لا تمتلك هذه الصفات, على ما أظن".

" لعل ذلك غير ممكن لأي شخص. لكن هدفي في الحياة هو تجنب الضعف الذي غالبا ما يجعل الأذكياء يظهرون سخفاء".


"مثل الغرور والكبرياء؟"

"أجل, إن الغرور هو ضعف حقا, أما الكبرياء ـ فإن أي شخص يتمتع بالذكاء يستطيع السيطرة على كبريائه".

استدارت إليزابيث لتخفي ابتسامة.

فقالت الآنسة بنغلي :" إن امتحانك للسيد دارسي قد انتهى . من فضلك أخبرينا بالنتيجة".

" لقد قررت أن السيد دارسي لا يمتلك أية عيوب. وهو يعترف بذلك بنفسه".

قال السيد دارسي: " كلا, لم أقل ذلك. بل لدي الكثير من العيوب. أعتقد بأنني قاس ـ قاس جدا طبعا بحيث لا أرضي أي شخص. لا أستطيع أن أنسى أخطاء الآخرين وحماقاتهم ـ ولا تهجمهم علي. وعندما أفقد ثقتي بهم, أفقدها إلى الأبد".



صاحت إليزابيث :" هذا عيب بالتأكيد. فالقلب الذي لا يعرف التسامح يعبر عن ضعف في الشخصية. لكنك اخترت عيبك جيدا, ولا يمكنني حقا السخرية منه".


" أعتقد أن لدى كل شخص عيبا مميزا في الشخصية لا يمكن لأفضل تربية معالجته تماما".

" وعيبك هو الميل إلى كراهية الجميع".

أجاب بابتسامة: "وعيبك هو عدم تقبلك لهم".

هتفت الآنسة بنغلي وقد سئمت من الحديث الذي لم تشارك فيه:" لنستمع إلى قليل من الموسيقى. لويزا, هل تسمحين بأن توقضي السيد هارست؟".

فتح البيانو ولم يكن دارسي بعد بضع دقائق آسفا. إذ بدأ يرى خطر توجيه الاهتمام الشديد إلى إليزابيث.




في الصباح التالي كتبت إليزابيث إلى أمها تطلب منها إرسال عربة لهما. لكن السيدة بنيت كانت قد خططت لإبنتيها البقاء في نذرفيلد لمدة أسبوع على الأقل, ولم تكن مسرورة بعودتهما قبل ذلك فأجابت بأنه لن يكون بإمكانهما الحصول على العربة قبل يوم الثلاثاء ـ وأنه إن ألحتا على البقاء لمدة أطول فهي لن تعارض. لكن إليزابيث صممت على عدم البقاء أكثر من ذلك. فأقنعت جاين بأن تطلب عربة من السيد بنغلي.




أثار الطلب احتجاجات كثيرة, وأخيرا قبلت جاين بأن تبقى حتى اليوم التالي. وقد أسفت الآنسة بنغلي لأنها اقترحت أيضا التأجيل, فغيرتها وكراهيتها لإحدى الأختين كانتا أكبر من حبها للأخت الثانية.


رحب السيد دارسي بأخبار رحيلهما . فإليزابيث بقيت في نذرفيلد وقتا كافيا, وقد جذبته أكثر مما أراد ـ وبينما كانت إليزابيث هناك, كانت الآنسة بنغلي وقحة معها ومتعبة له. فقرر بحكمة بألا يظهر المزيد من الإعجاب بها ـ فلا شيء من شأنه أن يمنح إليزابيث أي أمل بحبه. لم يتحدث إليها بأكثر من عشر كلمات خلال النهار كله. وخلال نصف ساعة, عندما كانا معا بمفردهما, قرأ في كتابه ولم ينظر إليها.




غادرتا يوم الأحد. ازداد تهذيب الآنسة بنغلي نحو إليزابيث بسرعة. قبلت جاين بحرارة وصافحت إليزابيث. أما إليزابيث فقد ودعتهم جميعا بروح عالية.





لم تلقيا ترحيبا دافئا في البيت من قبل والدتهما. لكن والدهما, مع أنه لم يقل الكثير, فقد فرح برؤيتهما. إذ افتقد حديثهما في الحلقة العائلية خلال الأمسيات

خالد جاسم
08-18-2011, 02:48 AM
الفصل العاشر


صانع السلام



قال السيد بنيت أثناء الفطور في الصباح التالي: " آمل يا عزيزتي أن تكوني قد أمرت بتحضير عشاء جيد اليوم, فأنا أتوقع ضيفا".


لمعت عينا السيدة بنيت :" إنه السيد بنغلي, أنا متأكدة. لماذا يا جاين ـ لم تذكري أية كلمة عن ذلك! حسنا, أن متأكدة من أنني سأكون سعيدة برؤية السيد بنغلي . . . "

قال زوجها :"إنه ليس السيد بنغلي, بل ابن عمي, السيد كولينز, الذي ربما طردك من هذا المنزل متى شاء, عندما أموت".


قالت زوجته: " أوه, يا عزيزي, أرجوك لا تتحدث عن ذلك الرجل الرهيب! أعتقد أن أقسى شيء في العالم هو أن تذهب أموالك إلى غير أولادك. كان ينبغي أن تفعل شيئا في هذا الصدد منذ وقت طويل!".


حاولت جاين وإليزابيث أن تشرحا لها مرة ثانية قانون الوراثة. فقد ورث السيد بنيت عن والده منزل العائلة في لونغبورن ودخلا مقداره ألفا جنيه في السنة. ولسوء حظ بناته, لا يمكن أن يرث المنزل والدخل إلا إبن بحكم القانون. وبما أن لا أبناء لديه, فلا بد أن ينتقل إلى أقرب أقربائه من الذكور, والذي كان رجل دين اسمه كولينز.





لم تقتنع السيدة بنيت, بل استمرت تتذمر من خطر ترك خمس بنات في الفقر من أجل رجل لم يكترث له أحد.




قال السيد بنيت: " إنه أمر خطر بالتأكيد, ولا يمكن لأحد أن يعفي السيد كولينز من ذنب وراثة لونغبورن. لكن إن استمعت إلى هذه الرسالة ربما فكرت فيه بشكل أكثر لطفا".


" أنا متأكدة من أنني لن أفعل. أعتقد بأنها وقاحة شديدة منه أن يكتب إليك على الإطلاق.فأنا أكره أمثال هؤلاء الأصدقاء المزيفين. لماذا لا يتابع النزاع معك مثلما كان يفعل أبوه من قبله؟".


" لماذا, إنه يبدو قلقا حقا بشأن ذلك كما ستسمعين".

هانسفورد, بالقرب من وسترهام, كنت
15 تشرين الأول(أكتوبر)
سيدي العزيز,
إن النزاع بينك وبين المرحوم والدي جعلني قلقا باستمرار. ومنذ أن ابتليت بفقدانه, رغبت دائما في إنهاء النزاع, لكنني كنت أخشى أحيانا أن أسيء إلى ذكراه إذا ما تصادقت مع أي شخص كان على خلاف معه (السيد بنيت مثلا!)


لقد كان من حسن حظي أن ألتقي رعاية الليدي كاثرين دي بورو الموقرة, أرملة السيد وليم دي بورو. آمل أن تكون مستعدا لتقبل حقيقة أنني التالي الذي سيتولى ميراث مقاطعة لونغبورن.


يحزنني أن أكون مصدر ألم لبناتك, أعذرني لذلك وأعدك بأنني سأبذل قصارى جهدي لتسوية الخلاف حبيا ـ سوف نناقش ذلك فيما بعد. إن لم تعارض استقبالي في منزلك, سيسعدني أن أزورك وأزور عائلتك يوم الاثنين, 18 تشرين الثاني (نوفمبر), الساعة الرابعة. ربما أمكث معكم لمدة أسبوع, طالما أن الليدي كاثرين دي بورو لا تعارض غيابي من وقت إلى آخر.
تحياتي واحترامي , يا سيدي العزيز, لسيدتك وبناتك
صديقك
وليم كولينز"

قال السيد بنيت وهو يطوي الرسالة: "إذا يمكننا أن نتوقع وصول السيد صانع السلام هذا عند الساعة الرابعة. يبدو أنه شاب مهذب جدا. أنا متأكد من أنه سيكون صديقا نافعا, إذ أن الليدي كاثرين هي طيبة كفاية لتسمح له بالقدوم إلينا ثانية".

"إنه محق تماما بما يقول عن الفتيات. لو أنه ينوي مساعدتهن, فأنا سأشجعه".


قالت إليزابيث: "أعتقد بأنه غريب الأطوار. إنني لا أستطيع أن أفهمه. فهو يكتب بطريقة متباهية جدا عن كونه التالي في تولي الميراث. هذا ليس خطأه. هل تعتقد بأنه رجل حساس يا والدي؟".

"كلا, يا عزيزتي. لا أعتقد ذلك. لدي آمال كبيرة بأنه ليس كذلك. أنا متلهف جدا لرؤيته".

أتى السيد كولينز في تمام الساعة الرابعة, فاستقبل بأدب من قبل العائلة كلها. تحدث السيد بنيت قليلا, لكن السيدات كن مستعدات للحديث ولم يكن السيد كولينز بحاجة إلى أي تشجيع. كان رجلا طويل القامة ثقيل الوزن, في الخامسة والعشرين من العمر. كانت تصرفاته جديه ورسمية جدا. وسرعان ما بدأ يهنئ السيدة بنيت على بناتها الخمس. قال أنه متأكدا من أنها ستراهن كلهن متزوجات زواجا جيدا.



"أنت طيب جدا يا سيدي. آمل أن تكون على حق إلا سيكن معدمات. إن قانون الإرث هو أمر مجحف. لا أقصد إهانتك, لأن المسألة هي مسألة حظ".



"أنا قلق جدا بشأن إيذاء بنات عمي الجميلات. لكنني أستطيع أن أعد الشابات بأنني آت إلى هنا لأظهر تقديري لهن. لن أقول المزيد في الوقت الحاضر, لكن عندما يعرف بعضنا بعضا أكثر . . . ".



قاطعته الدعوة للعشاء, فابتسمت الفتيات فيما بينهن. فهن لم يكن موضع إعجابه الوحيد. فكل الغرف وكل الأثاث نال ثناءه أيضا. وهذا كان سيسعد السيدة بنيت أكثر لو لم تشعر بأنه يتطلع إلى كل ذلك على أنه ملكا له في المستقبل.






ونادرا ما تحدث السيد بنيت خلال العشاء عن أي شيء باستثناء سؤاله السيد كولينز عن رأيه بالليدي كاثرين دي بورو. لم يكن ليختار أفضل من هذا الموضوع. إذ انفجر السيد كولينز بالمديح. حتى أنه أصبح أكثر وقارا, وقال أنه لم يسبق له في حياته أن قابل مثل هذا العطف والتقدير لدى إنسانة مرموقة. كانت طيبة كفاية لتوافق على العظات التي كان له الشرف في إلقائها أمامها. دعته للعشاء في منزلها مرتين. أرسلت في طلبه الأسبوع الماضي حين احتاجت رجلا آخر لترقص معه. اعتقد كثيرون من الناس أن الليدي كاثرين متعجرفة, لكنه لم يجدها كذلك أبدا. إذ طالما تحدثت إليه مثلما تتحدث إلى سيد آخر. حتى أنها كانت عطوفة كفاية لتنصحه بالزواج في أسرع ما يمكن. كما أنها قامت بزيارة منزله المتواضع وكانت طيبة كفاية لتقدم بعض المقترحات من أجل تحسينه.




وعندما طرحت عليه السيدة بنيت أسئلة, كان سعيدا ليخبرهم أن الليدي كاثرين دي بورو عاشت في روزينغز بارك, وأن لها إبنة واحدة هي وريثة روزينغز وممتلكات ضخمة. لكن هذه الشابة كانت لسوء الحظ مريضة دائما, لذلك لم تنه تعليمها أو تستمتع بمزايا المجتمع اللندني مثل معظم السيدات من منبتها العريق. وصف السيد كولينز بفخر المجاملات التي أفرح بها الليدي كاثرين وأبنتها. وردا على السيد بنيت, اعترف بوقار أنه تسلى من وقت إلى آخر بتحضير المجاملات سلفا والتي ثبت أنها مفيدة.




وجد السيد بنيت إبن عمه سخيفا مثلما كان يأمل. أنصت باستمتاع عظيم, مسترقا النظر أحيانا إلى إليزابيث التي شاركته فرحه.
</b></i>

خالد جاسم
08-18-2011, 02:51 AM
خطة ممتازة



لم يكن السيد كولينز رجلا سريع البديهة ولم يسعف قلة ذكائه التعليم أو المجتمع الراقي. لقد قضى معظم حياته تحت إشراف أب جاهل وبخيل. وهذا ما جعله أساسا متواضعا تواضعا عظيما في سلوكه, لكن ترقيته إلى منصب الموجه في هانسفورد غيره كثيرا. فاحترامه للطبقة الراقية التي تنتمي إليها الليدي كاثرين دي بورو ورأيه الجيد بنفسه جعلاه مزيجا من الكبرياء والخنوع, من الشعور بالأهمية والتواضع.




وبما أنه يمتلك الآن منزلا جيدا ودخلا, فقد نوى أن يتزوج, وكان هدفه اختيار واحدة من بنات السيد بنيت كزوجة له. وقد ظن أن هذه خطة ممتازة, نبيلة جدا وغير أنانية.


لم تتغير خطته عندما شاهد البنات. فوجه جاين بنيت الجميل جعله يحسم الأمر. كانت لحسن الحظ الابنة الكبرى, وكانت خياره في الأمسية الأولى. وفي الصباح التالي كان له حديث مع السيدة بنيت. فكانت مستغرقة في الابتسام والتشجيع, لكنها حذرته من اختيار جاين. حذرته من احتمال إتمام خطوبة جاين في القريب العاجل. لكن البنات الأخريات, على ما تظن, متحررات من أي اهتمامات أخرى. فتحول السيد كولينز من جاين إلى إليزابيث عندما كانت السيدة تقلب النار .


أملت السيدة بنيت في أن يصبح لديها ابنتان متزوجتان قريبا, والرجل الذي لم تستطع التحدث عنه بالأمس صار يتمتع برضى كبير.


في ذلك الصباح قررت أربع من الأخوات السير على مريتون لزيارة خالتهن, فذهب معهن السيد كولينز. كانت المدينة تعج بالضباط, ولم تستطع الفتيات الصغيرات النظر إلى شيء سواهم, باستثناء إن كان ذلك الشيء قبعة أنيقة حقا, أو ثوب موصلين جديد حقا في واجهه محل.



لكن انتباه كل سيدة انجذب إلى شاب لم يسبق لهن أن شاهدنه أبدا. كان يمشي مع ضابط تعرفه ليديا. وقد تأثرن جميعا بمظهر الغريب النبيل, وتسائلن جميعا عمن يكون. عبرت البنات الصغيرات الطريق للنظر إلى شيء في واجهة محل ولحسن الحظ وصلن إلى الرصيف لدى مرور السيدتين. تحدث الضابط إليهن وقدم صديقه, السيد ويكهام, الذي أتى لتوه من لندن ليصبح ضابطا في فوجهم. كان الشاب يحتاج فقط إلى بزة رسمية لتجعله ساحرا تماما. كان له وجه وسيم وقوام متناسق وأخلاق رفيعة. كانت المجموعة بكاملها تقف معا, تتحدث بفرح شديد, عندما لفت انتباهها صوت جياد, ثم شوهد دارسي و بنغلي منطلقين في الشارع. ولدى رؤية السيدات, أتى السيدان إليهن, وأخبر بنغلي جاين أنه كان في طريقه إلى لونغبورن للسؤال عن صحتها. انحنى السيد دارسي, وكان مصمما على أن لا ينظر إلى إليزابيث حين وقع نظره على الغريب. كانت إليزابيث مذهولة بتأثير اللقاء. تغير لون كل منهما, فبدا الأول شاحبا والثاني محمرا. وبعد لحظات قليلة لمس السيد ويكهام قبعته وهز السيد دارسي رأسه.ماذا يمكن أن يكون معنى ذلك؟ كان من المعتذر تصوره, وكان من المعتذر عدم الرغبة في معرفته.


وسرعان ما انفصلت المجموعة وتابعت الشقيقات طريقهن إلى خالتهن السيدة فيليبس. كانت مثلهن تعرف القدر الضئيل عن السيد ويكهام, لكنها وعدت بأن يقوم زوجها بزيارته ودعوته إلى الانضمام إليهن في لعبة ورق لطيفة ومريحة, وإلى عشاء بسيط دافئ في الأمسية التالية. كان الأمل بمثل تلك المسرات مقبولا تماما, فقلن إلى اللقاء بروح متوثبة

خالد جاسم
08-18-2011, 02:53 AM
الفصل الثاني عشر

الرجل السعيد



نقلت العربة السيد كولينز وبنات عمه الخمس إلى مريتون في المساء التالي. وقد سررن حين علمن أن السيد ويكهام قبل أن ينضم إلى مجموعتهن. وفيما كن ينتظرن, تسنى للسيد كولينز أن ينظر حوله ويراقب بإعجاب أثاث قاعة الاستقبال. ثم أعلن أنها أنيقة تقريبا مثل غرفة الفطور الصيفية الصغيرة في روزينغز. في بادئ الأمر لم تمنح هذه المقارنة السيدة فيليبس الكثير من الرضى. لكن عندما أخبرت بما تكون روزينغز ومن تخص, وبعدما سمعت وصفا عن إحدى قاعات الاستقبال لدى الليدي كاثرين وعلمت أن رف المدفأة فقط كلف ثمانمائة جنيه, شعرت بمزيد من الرضى, وكانت ستفرح حقا لو تمت مقارنة قاعة استقبالها بغرفة مدبرة المنزل في روزينغز.





أخيرا وصل السادة.



كان السيد ويكهام الرجل السعيد الذي التفت صوبه عين كل أنثى تقريبا, وكانت إليزابيث المرأة السعيدة التي جلس بجانبها. بدأ لعب الورق, وجلسا معا مرة ثانية. وهكذا كان السيد ويكهام متمتعا بحرية التحدث إلى إليزابيث, وكانت هي راغبة جدا في الإصغاء إليه. لم تتجرأ حتى على ذكر السيد دارسي, وقل فضولها بشكل غير متوقع. بدأ السيد ويكهام الموضوع بنفسه, فسأل: كم تبعد نذرفيلد عن مريتون. وبعد تلقى جوابها, سأل بأسلوب متردد: منذ متى يقيم السيد دارسي هناك.




فقالت إليزابيث: "منذ شهر تقريبا". ثم أضافت: "إن لديه ممتلكات واسعة جدا في دربي شاير, على ما أعتقد".


قال ويكهام: "أجل, إن مزرعته هناك فخمة, ذات إيراد يبلغ عشرة آلاف صافي في السنة. لم يكن في وسعك أن تلتقي بأي شخص يعرفها أكثر مني. فأنا على علاقة بأسرته منذ الطفولة".

لم تقدر إليزابيث على إخفاء الدهشة.


" لا عجب أن تدهشي يا آنسة بنيت بعد مشاهدة لقائنا البارحةـ هل تعرفين السيد دارسي جيدا؟".


أجابت إليزابيث: "أعرفه بالقدر الذي أريده. لقد أمضيت أربعة أيام معه في النزل نفسه وأعتقد أنه سيء الطبع".



قال ويكهام بعد توقف قصير: "أتساءل عما إذا كان من المحتمل أن يمكث هنا لوقت أطول".

"ليس لي علم بذلك على الإطلاق, لكنني لم أسمع شيئا عن رحيله عندما كنت في نذرفيلد. آمل بأن لا تتغير خططك بسبب وجوده هنا".



"أوه! كلاـ فسيد دارسي لا يستطيع طردي. إن كان يرغب في تجنب رؤيتي, عليه أن يرحل. لسنا على وفاق, لكن ليس لدي أي سبب يدعوني إلى تجنبه. كان والده, يا آنسة بنيت, واحدا من أفضل الرجال. وكان تصرف السيد دارسي تجاهي مخزيا, لكنني أستطيع أن أصفح عن أي شيء, باستثناء الإساءة إلى ذكرى والده".


استمتعت إليزابيث بكل جوارحها, لكن دقة الموضوع حالت دون طرح المزيد من الأسئلة.


"لقد ولدنا في المكان ذاته وأمضينا معظم شبابنا معا. بدا والدي حياته كمحام, لكنه تخلى عن كل شيء في سبيل خدمة والد السيد دارسي. كان محترما جدا من قبل المرحوم السيد دارسي, كما كان صديقه الحميم. وقد تلقى قبل وفاته وعدا برعايتي".


قالت إليزابيث: " كم هذا غريب! إن ما يدهشني هو أنا السيد دارسي لم يكن متكبرا جدا ليكون عديم الشرف".


"أجل, كثيرا ما كان كبرياؤه نصيره المفضل. وكثيرا ما قاده ليكون طيبا وسخياـ ليوزع ماله بسخاء, وليساعد مستأجري أرضه, وليمنح المعونة إلى الفقراء. إنه لم يشأ أن يسيء إلى سمعة عائلته".

"أي من الفتيات هي الآنسة دارسي؟"
هز رأسه وقال: "أتمنى لو أستطيع أن أدعوها لطيفة. يؤلمني أتحدث بالسوء عن عائلة دارسي. لكنها مثل أخيها تماما, متكبرة جدا. عندما كانت طفلة كانت محبة ولطيفة ومولعة بي. أمضيت ساعات أسليها. لكنها ليست شيئا بالنسبة إلي الآن. إنها فتاة جميلة, في الخامسة عشرة أو السادسة عشرة, وموهوبة جدا".



شارفت ألعاب الورق على الانتهاء, فجاء السيد كولينز إلى طاولتهما. خسر في كل جولة. عندما عبرت السيدة فيليبس عن أسفها, قال أن الأمر ليس بذي أهمية.

قال لها: " أعرف جيدا, يا سيدتي, أنه عندما يجلس الناس إلى طاولة لعب الورق عليهم أن يجازفوا بخسارة المال. لحسن الحظ لست في وضع حيث خسارة خمسة شلنات أمر مهم. هنالك بالتأكيد كثيرون ممن لا يسعهم قول الشيء نفسه, لكن الفضل يعود إلى الليدي كاثرين دي بورو في أنني لست بحاجة إلى القلق من هذه الأمور التافهة".


جذب انتباه السيد ويكهام فسأل إليزابيث بصوت منخفض, بعد مراقبة السيد كولينز لبضع دقائق, عما إذا كان إبن عمها يعرف عائلة دي بورو جيدا, فشرحت له العلاقة.



"أنت تعلمين, طبعا, أن الليدي كاثرين دي بورو هي خالة السيد دارسي؟ إن ابنتها, الآنسة دي بورو, سترث ثروة كبيرة جدا ويعتقد أنها وابن خالتها سيتزوجان ليوحدا المزرعتين".


هذه المعلومات جعلت إليزابيث تبتسم وهي تفكر بالآنسة بنغلي المسكينة. فكل اهتمامها بدارسي لا بد أن يكون عديم الجدوى إن كان قد وعد امرأة أخرى بالزواج.



قالت: "إن السيد كولينز يمتدح الليدي كاثرين وابنتها كثيرا. لكن بعض الأمور التي تحدث عنها جعلتني أظن بأن اعترافه بالجميل يضلله. فهي تبدو امرأة متغطرسة معتدة بنفسها".


قال ويكهام: "أعتقد بأنها تتصف بالإثنين.لم أحبها أبدا, وإن تصرفاتها استبدادية وفظة".


تابعا الحديث معا حتى انتهاء لعب الورق. غادرت إليزابيث ورأسها حافل به. لم تستطع التفكير, وهي في طريقها إلى البيت, في شيء سوى السيد ويكهام, وما أخبرها به.
</b></i>

خالد جاسم
08-18-2011, 02:55 AM
الفصل الثالث عشر

الشك الرهيب


كانت حفلة الرقص المنتظرة في نذرفيلد منذ وقت طويل يوم الثلاثاء التالي. وكان الشروع مقبولا تماما لدى كل أنثى في العائلة. سرت السيدة بنيت لأن السيد بنغلي وشقيقتيه. أتوا بأنفسهم لتسليم الدعوة. تطلعت جاين بلهفة إلى قضاء أمسية سعيدة مع السيد بنغلي وشقيقتيه. وفكرت إليزابيث بمتعة في مقدار كبير من الرقص مع السيد ويكهام. كانت روحها متوثبة لدرجة أنها لم تقدر على سؤال السيد كولينز عما إذا كان ينوي قبول دعوة السيد بنغلي, مع أنها قلما تحدثت إليه.





دهشت حين وجدت أنه لا يعارض الرقص. إذ قال: " آمل في أن أرقص مع كل بنات عمي الجميلات. وأنا أستغل هذه الفرصة كي أطلب منك يا آنسة إليزابيث أول رقصتين بصورة خاصة".


شعرت إليزابيث بأنها وقعت في الفخ تماما. فقد كانت تود أن ترقص هاتين الرقصتين مع السيد ويكهام ـ فيما كان لديها السيد كولينز بدلا منه! لكن لم يكن هناك مفر من ذلك. فتم قبول طلب السيد كولينز بأكثر تهذيب ممكن. وفيما راقبت تهذيبه المتزايد تجاهها, ومحاولاته المتعددة لتملق ذكاءها ونضارتها, أصبحت متأكدة من أنها على صواب. وعلاوة على ذلك , لم يمض وقت طويل قبل أن تلمح أمها إلى أن مثل هذا الزواج يناسبها. لكن إليزابيث تظاهرت بأنها لم تفهم التلميح, علما بأن جوابها كان سيسبب خلافا حادا. كما أن السيد كولينز لم يتقدم بعرضه, وإلى أن يفعل ذلك, فإن الخلاف بشأنه لن يجدي.




لم يخطر أبدا لإليزابيث أن السيد ويكهام لن يكون في الحفلة الراقصة في نذرفيلد. فعندما دخلت قاعة الاستقبال أخذت تبحث عنه من دون جدوى. وكانت ارتدت ثيابها بعناية أكثر من المعتاد وتهيأت بروح متوثبة جدا للاستيلاء على قلبه. وفجأة ثار الشك الرهيب في أنه لم يكن مدرجا عن عمد في دعوة السيد بنغلي للضباط. لكن صديقا أخبرهم بأن ويكهام ذهب إلى لندن في عمل ما. ثم أضاف وهو يبتسم: "لا أعتقد أن عمله كان يستدعي رحيله لولا أنه رغب في تجنب سيد ما هنا".




إذا, كان دارسي مسؤولا عن غياب ويكهام. كانت غاضبة جدا خائبة بحيث أنها عجزت عن الاستجابة بأدب إلى دارسي عندما أتى في الحال من أجل التحدث إليها. قررت ألا تتحدث إليه أبدا وأعرضت عنه بوقاحة تقريبا. لكن إليزابيث لا تستطيع أبدا أن تبقى سيئة المزاج لوقت طويل. فبعد رقصتين تعيستين مع السيد كولينز, الذي كان أسوأ راقص ممكن, استمتعت بالرقص مع ضابط وبالحديث عن ويكهام ثانية. كانت تتحدث إلى شارلوت لوكاس عندما أتى السيد دارسي ودعاها إلى أن ترى الدهشة في عيون جيرانها للشرف الذي حظيت به. تحدثا قليلا أثناء الرقص. وفي آخر الأمر سأل عما إذا كانت تذهب غالبا هي وشقيقاتها إلى مريتون سيرا على الأقدام. فقالت أنهن يفعلن ذلك ـ ثم بعبث: "عندما التقيت بنا هناك في ذلك النهار, تعرفنا إلى صديق جديد".


كانت النتيجة سريعة. فقد بدا متعاليا أكثر من ذي قبل ولم يقل شيئا لفترة. ثم قال متهجما: "إن للسيد ويكهام أخلاق حميدة بحيث أنه يستطيع دائما أن يصادق الأصدقاء ـ لكنه غير قادر دائما على الاحتفاظ بهم".

ردت إليزابيث: " إنه سيء الحظ بخسارته صداقتك, وقد يعاني ذلك طوال حياته".


لم يعطي دارسي أي جواب.

"أذكر أنني سمعتك تقول يا سيد دارسي أنك قلما تسامح أي إنسان. أعتقد بأنك حذر جدا بشأن المباشرة بأية ضغينة".

"أنا كذلك".
"إن الناس الذي لا يغيرون رأيهم لا بد أنهم متأكدين من أنهم على صواب".

"هل لي أن أسأل ماذا تعني هذه الأسئلة؟"

قالت وهي تحاول أن تضحك: "ما زلت أحاول أن أفهم شخصيتك. فأنا أسمع قصصا مختلفة عنك بحيث أنك تحيرني كثيرا!"

أجاب بجدية: "أستطيع أن أعتقد تماما بأن التقارير الواردة عني ربما تنوعت كثيرا. آمل يا آنسة بنيت بألا تتخذي قرارك ربما لن يكون منصفا لنا".

أنهيا الرقصة بصمت وافترقا غير راضيين.لكن مشاعر دارسي نحوها كانت قوية كفاية لتجعله يسامحها ويضع كل اللوم على ويكهام.

لم تحدث بقية الأمسية شيئا سوى الألم لإليزابيث. ولم يمنحها أية بهجة سوى مشهد فرح جاين برفقة السيد بنغلي. لكنها استاءت من الصوت المرتفع الذي وصفت فيه السيدة بنيت للسيدة لوكاس ميزات الزواج بين جاين و بنغلي. تحدثت وكأن الأمر قد تقرر, واستطاعت إليزابيث أن ترى دارسي ينصت بازدراء وتجهم, فيما حاولت من جدوى أن تحمل والدتها على الحديث بهدوء أكثر. كذلك تألمت من رؤية السيد كولينز يسيء إلى سمعة العائلة. فقد اكتشف أن السيد دارسي, ابن أخت الليدي كاثرين دي بورو, كان موجودا وأصر, خلافا لجميع نصائح إليزابيث, على تقديم نفسه. استمع السيد دارسي بدهشة واشمئزاز إلى أحاديثه الطويلة وابتعد أخيرا بانحناءة صغيرة.



بدا وكأن كل الشقيقات في عائلة إليزابيث, باستثناء جاين, قد اتفقن على إظهار أنفسهن بأسوأ حال.


لكن السيدة بنيت كانت سعيدة تماما عندما غادرن نذرفيلد. كانت متأكدة من أنها سترى إحدى بناتها تسكن نذرفيلد في غضون أشهر قليلة ـ وأخرى متزوجة من السيد كولينز.
</b></i>
</span>

خالد جاسم
08-18-2011, 02:56 AM
الفصل الرابع عشر

أمل فوق العادة



في اليوم التالي أعلن السيد كولينز قراره. فقال للأم بعد أن وجد السيدة بنيت وإليزابيث وكيتي معا بعد الفطور: "آمل يا سيدتي أن تسمحي لابنتك الجميلة إليزابيث برؤيتي على انفراد خلال الصباح؟"


وقبل أن تتمكن إليزابيث من فعل شيء سوى الاحمرار من الدهشة, أجابت السيدة بنيت في الحال: "أوه يا عزيزي, نعم ـ بالتأكيد! أنا متأكدة من أن إليزابيث ستكون سعيدة جدا ـ تعالي يا كيتي, أنا بحاجة إليك في الطابق العلوي".

كانت تغادر الغرفة عندما نادت إليزابيث: "أمي العزيزة, لا تذهبي! أرجوك لا تذهبي! أن السيد كولينز سيسامحني. لا يمكن أن يكون لديه ما يقوله لي على انفراد. أنا من سيرحل".


ولكن قبل أن تتمكن من الهروب, قالت أمها: "لا, لا. هذه سخافة! أنا أصر على بقائك يا إليزابيث".

لم يسع إليزابيث مخالفة مثل هذا الأمر ـ وقد جعلتها لحظة من التفكير تدرك أن من الأفضل إنهاء الأمر بأسرع ما يمكن.


جلست ثانية, وحالما خرج الآخرون, قال السيد كولينز:

"صدقيني يا عزيزتي الآنسة إليزابيث أن تواضعك يزيد في كمالك. كدت تكونين أقل جاذبية بالنسبة إلي لو لم تظهري هذه المعارضة الضعيفة. قلما تستطيعين الشك بنواياي. فما أن دخلت هذا المنزل حتى اخترتك شريكة لحياتي في المستقبل. لكن قبل أن أترك مشاعري ترحل معي, دعيني أخبرك عن أسباب الزواج, فهي: أولا, أنا أعتقد أن كل شخص ينبغي أن يكون قدوة لغيره من خلال الزواج. ثانيا, أنا مقتنع بأنه سيزيد من سعادتي. ثالثا, لقد نصحتني بذلك السيدة النبيلة جدا التي هي راعيتي. قالت لي: ابحث عن سيدة من النوع النشيط والمفيد. عد بها إلى هانسفورد وأنا سأقوم بزيارتها.



هذه هي الأسباب التي جعلتني أقرر الزواج. ينبغي الآن أنأخبرك لماذا قررت البحث عن زوجة في لونغبورن بدلا من البحث عنها بين جيراني. الحقيقة هي بما أنني سأرث هذه المزرعة بعد وفاة والدك, إذن أرغب في أن أختار زوجة من بين بناته. هذا هو هدفي يا ابنة عمي العزيزة, وأنا واثق من أنه لن يقلل من احترامك لي. لم يبق الآن شيء سوى التأكيد على شدة الحب لك. فأنا لست مكترثا للمال ولن أطلب أي منه. كل ما يمكنك توقعه هو ألف جنيه بفائدة 4% تستلميه إثر وفاة والدتك. سوف ألبث صامتا حيال هذا الأمر, ويمكنك أن تتأكدي من أنني لن أقوم بأي توبيخ مهين بشأنه عندما نتزوج".




كان من الضروري وضع حد له. فصاحت به:

"أنت متسرع جدا يا سيدي. دعني أعطيك جوابي في الحال. أشكرك على الشرف الذي تمنحه لي, لكن يستحيل علي القبول به".

لوح السيد كولينز بيده وقال: "أفهم أن السيدات الصغيرات يرفضن غالبا مثل هذا العرض في بداية. لذلك فأنت لا تثبطين همتي. إنني ما زلت أتطلع بأمل إلى زواجنا".

صاحت إليزابيث: "ذلك أمل غير عادي يا سيدي. فأنا لست واحدة من السيدات الشابات اللواتي يخاطرن بسعادتهن أملا في أن يسألن مرة ثانية! أنا أعني ما أقول. لا يمكنك أن تجعلني سعيدة وأنا متأكدة من أنني لن أستطيع أن أجعلك سعيدا. لو كانت صديقتك الليدي كاثرين تعرفني فأنا متأكدة من أنها ستوافق على أنني غير مناسبة لأكون زوجة لك".




إن كل ما استطاعت إليزابيث قوله لم يقتنع السيد كولينز بأنها جادة بدا له من المستحيل أن ترفض عرضه. فأوضح ثانية أن الزواج أمر مرغوب فيه كثيرا. وبصرف النظر عن مركزه الاجتماعي الرفيع, أخذ يذكر إليزابيث بضعفها. فمن ميزاتها الساحرة الكثيرة. إن المبلغ الضئيل الذي سترثه سيثبط همم الرجال الآخرين. لذلك كان مقتنعا بأن رفضها كان مفتعلا ويهدف إلى جذبه أكثر. أخيرا, وبعدما فشلت في إقناعه, غادرت إليزابيث الغرفة, وقد أسكتها الغيظ.


اندفعت السيدة بنيت لتهنئ السيد كولينز حالما رأت ابنتها تتركه. تقبل السيد كولينز تهانيها بفرح مماثل ثم أخبرها بتفاصيل حديثهما.

أدخلت معلوماته الذعر إلى قلب السيدة بنيت. لم تستطع أن تصدق أن ابنتها قصدت فقط إلى تشجيعه من خلال رفضها. لم تقدر على البوح بذلك. فأضافت: "لكن لا تقلق يا سيد كولينز. سأتحدث إليها بنفسي مباشرة. إنها فتاة غبية ولا تعلم ما هو الأفضل لها. لكنني سأجعلها تعرفه!".


لم تمنحه الوقت للرد. بل هرعت إلى زوجها مستنجدة وهي تدخل غرفته. "أوه, يا سيد بنيت, أنت مطلوب في الحال! نحن جميعا في اضطراب. عليك أن تأتب لتحمل إليزابيث على الزواج بالسيد كولينز, فهي تقسم بأنها لن تتزوجه, وإذا لم تسرع فهو سيغير رأيه ولن يتزوجها!".


أبعد السيد بنيت نظره عن كتابه عندما دخلت وأخذ يراقبها بهدوء, ثم قال: "أنا لا أفهمك,عما تتحدثين؟ ماذا يسعني أن أفعل بشأنه؟".


"خاطب إليزابيث بشأنه. أخبرها بأنك تصر على زواجها به".

"استدعها. سأعلمها برأيي".

دقت السيدة بنيت الجرس واستدعيت الآنسة إليزابيث إلى الغرفة.

صاح والدها عندما ظهرت: "تعالي يا ابنتي, لقد أرسلت في طلبك لأمر مهم. أصحيح أن السيد كولينز قدم لك عرضا للزواج؟".


أجابت إليزابيث أنه فعل. "وهل رفضت ذلك؟" ردت إليزابيث بنعم. "حسنا. لقد وصلنا الآن إلى صميم الموضوع. إن أمك تصر على قبولك. أليس كذلك يا سيدة بنيت؟"

"أجل, وإلا لن أراها ثانية".

"أمامك خيار غير مرض يا إليزابيث. فمن هذا اليوم ينبغي أن تكوني غريبة بالنسبة إلى واحد من والديك. إن والدتك لن تراك ثانية إن لم تتزوجي السيد كولينز, وأنا لن أراك ثانية إن فعلت!"


لم تستسلم السيدة بالرغم من خيبة أملها. تحدثت إلى إليزابيث مرارا وتكرارا, متوسلة تارة أخرى. لكن إليزابيث بقيت ثابتة.

في تلك الأثناء, أخذ السيد كولينز يفكر منفردا في ما حدث. لم يستطع أن يفهم لماذا رفضته ابنة عمه. لم يكن لديه أي تعلق صادق بها, وقد حال هذا النموذج عن قوة إرادتها دون شعوره بأي أسف. شعر بأنه محظوظ لأنه اكتشف شخصيتها الحقيقية قبل فوات الأوان. لم يقم بأية محاولة لاختصار زيارته, لكنه أبدى استياءه عبر الصمت وخشونة الطبع. ولحسن الحظ, أتت الآنسة لوكاس لتمضية النهار, فتمكن في ذلك اليوم وفي أيام تالية من أن يكرس نفسه لها. وقد منح صبرها أثناء الإصغاء إليه الارتياح للجميع.


تحياتي
الكم دنيال الغالي

أنين الليل
08-23-2011, 03:21 AM
يعطيك العافية اخ دنيال
ع الرواية الرائعة
تحياتي إلك

خالد جاسم
08-24-2011, 01:35 PM
منوره اختي
:1 (9):ع المرور :oo5o.com (25):

عاشقة العترة
12-01-2011, 11:25 AM
جزيت الف خيراخي العزيز
لطرحك الموفق

خالد جاسم
12-01-2011, 02:37 PM
منورة

نور الزهرا
12-01-2011, 11:01 PM
مشكور اخوي على القصة تسلم ايدك
تقبل مروري

ياخاطري
12-14-2011, 02:18 PM
الله يعطيك العافيه

عاشقة العترة
12-14-2011, 04:53 PM
ربي يعطيك ألف عافية

خالد جاسم
12-25-2011, 08:32 PM
الله يعافيك
منورين الغالين