فلسفة واقعنا
04-27-2010, 05:54 PM
الشاعر الشهيد الكميت بن زيد الأسدي
( 60 ـ 126هـ )
من أعلام الشعر في العصر الأموي
حسن الشيخ حسين
يُعتبر الكميت بن زيد الأسدي من أوائل شعراء الإسلام الذين جعلوا من الشعر أداة للتعبير عن آرائهم ومواقفهم، وكان لذلك أثره البعيد في تثقيف جمهور الناس الذين استلهموا من هذه الأشعار روح الثورة وفكرة الإصلاح والتغيير.
مولده ونسبه
هو الكميت بن زيد الأسدي، لقبه أبو المستهل، نسبه ينتهي إلى مُضَر. ولد في الكوفة سنة 60 هـ على عهد بني أمية وقضى شطراً من صباه في مسقط رأسه، حيث تغذى فكره بثورة الحسين عليه السّلام، وقد عُرف عنه في مطلع حياته أنه كان يعلّم الصبيان في مسجد الكوفة (1). ثم نبغ في الشعر حتّى أضحى من فحول الشعراء في عصره، حيث ارتسمت في قصائده صورة العصر وانعكست في مرآة أدبه حياة المجتمع من الناحيتين الاجتماعية والسياسية.
أخلاقه وصفاته
كان عالماً بلغات العرب، خبيراً بأيامها، وكان فيه عشر خصال لم تكن في شاعر: « كان خطيب بني أسد، فقيهاً، حافظاً للقرآن، ثبت الجنان، كاتباً حسن الخط، نشّابة جدلاً، أول من ناظر في التشيع، رامياً لم يكن في بني أسد أرمى منه، فارساً شجاعاً، سخياً ديِّناً » (2).
وكان معروفاً بموالاته لأهل البيت عليهم السّلام مشهوراً بذلك، كما تشهد بذلك القصائد الهاشميات، وهي من جيّد شعره ومختاره. وكان جريئاً، مستبسلاً في الدفاع عن عقيدته، حتّى ولو كلفته حياته، وقد عانى في سبيل ذلك ألم السجن والتشرد والغربة حتّى فاز بالشهادة.
نبوغه في الشعر
منذ مطلع شبابه، أظهر الكيمت ذكاءاً نادراً، كما شهد له بذلك الشاعر الفرزدق حين التقاه في الكوفة وعرض عليه بواكير شعره فأثنى عليه وذلك أن الكميت قال له: إني قلت شيئاً أحب أن تسمعه مني يا أبا فراس، فقال له: نعم هاتِه، فأنشده قوله:
طربتُ وما شوقاً إلى البيض أطربُ ولا لعباً منـي وذو الشوق يلعـبُ!
فقال له: قد طربتَ إلى شيءٍ ما طرب إليه أحد قبلك.
ولم يُلْهني دارٌ ولا رسم منزلٍ ولم يتطـربني بَنان مخـضَّبُ
قال: ما يطربك يا ابن أخي ؟ قال:
ولا السـانحـات البارحات عشيةً أمرَّ سليمُ القرن أم مرَّ أعضبُ (3)
فقال: أجل لا تتطير. فقال:
ولكن إلى أهل الفضائل والنُّهى وخير بني حوّاء والخيرُ يُطلَبُ
قال: مَن هؤلاء ويحك ؟ فقال:
إلى النفر البيـض الذين بحبهـم إلـى الله فيمـا نابنـي أتقـرّبُ
بني هـاشمٍ رهـط النبي محمـدٍ بهم ولهم أرضى مراراً وأغضبُ
خفضت لهم مني جناحَي مـودةٍ إلى كنف عِطفاه أهلٌ ومـرحبُ
وكنت لهم مـن هـؤلاء وهـؤلا مجنّاً علـى أنـي أُذمُّ وأقصـبُ
وأُرمى وأرمي بالعـداوة أهلهـا وإنـي لأُوذى فيـهـمُ وأُؤنَّـبُ
فأُعجب عند ذلك الفرزدق بشاعرية الكميت قائلاً: أذِعْ، أذِعْ شعرك، فأنت أشعر من مضى ومَن بقي
( 60 ـ 126هـ )
من أعلام الشعر في العصر الأموي
حسن الشيخ حسين
يُعتبر الكميت بن زيد الأسدي من أوائل شعراء الإسلام الذين جعلوا من الشعر أداة للتعبير عن آرائهم ومواقفهم، وكان لذلك أثره البعيد في تثقيف جمهور الناس الذين استلهموا من هذه الأشعار روح الثورة وفكرة الإصلاح والتغيير.
مولده ونسبه
هو الكميت بن زيد الأسدي، لقبه أبو المستهل، نسبه ينتهي إلى مُضَر. ولد في الكوفة سنة 60 هـ على عهد بني أمية وقضى شطراً من صباه في مسقط رأسه، حيث تغذى فكره بثورة الحسين عليه السّلام، وقد عُرف عنه في مطلع حياته أنه كان يعلّم الصبيان في مسجد الكوفة (1). ثم نبغ في الشعر حتّى أضحى من فحول الشعراء في عصره، حيث ارتسمت في قصائده صورة العصر وانعكست في مرآة أدبه حياة المجتمع من الناحيتين الاجتماعية والسياسية.
أخلاقه وصفاته
كان عالماً بلغات العرب، خبيراً بأيامها، وكان فيه عشر خصال لم تكن في شاعر: « كان خطيب بني أسد، فقيهاً، حافظاً للقرآن، ثبت الجنان، كاتباً حسن الخط، نشّابة جدلاً، أول من ناظر في التشيع، رامياً لم يكن في بني أسد أرمى منه، فارساً شجاعاً، سخياً ديِّناً » (2).
وكان معروفاً بموالاته لأهل البيت عليهم السّلام مشهوراً بذلك، كما تشهد بذلك القصائد الهاشميات، وهي من جيّد شعره ومختاره. وكان جريئاً، مستبسلاً في الدفاع عن عقيدته، حتّى ولو كلفته حياته، وقد عانى في سبيل ذلك ألم السجن والتشرد والغربة حتّى فاز بالشهادة.
نبوغه في الشعر
منذ مطلع شبابه، أظهر الكيمت ذكاءاً نادراً، كما شهد له بذلك الشاعر الفرزدق حين التقاه في الكوفة وعرض عليه بواكير شعره فأثنى عليه وذلك أن الكميت قال له: إني قلت شيئاً أحب أن تسمعه مني يا أبا فراس، فقال له: نعم هاتِه، فأنشده قوله:
طربتُ وما شوقاً إلى البيض أطربُ ولا لعباً منـي وذو الشوق يلعـبُ!
فقال له: قد طربتَ إلى شيءٍ ما طرب إليه أحد قبلك.
ولم يُلْهني دارٌ ولا رسم منزلٍ ولم يتطـربني بَنان مخـضَّبُ
قال: ما يطربك يا ابن أخي ؟ قال:
ولا السـانحـات البارحات عشيةً أمرَّ سليمُ القرن أم مرَّ أعضبُ (3)
فقال: أجل لا تتطير. فقال:
ولكن إلى أهل الفضائل والنُّهى وخير بني حوّاء والخيرُ يُطلَبُ
قال: مَن هؤلاء ويحك ؟ فقال:
إلى النفر البيـض الذين بحبهـم إلـى الله فيمـا نابنـي أتقـرّبُ
بني هـاشمٍ رهـط النبي محمـدٍ بهم ولهم أرضى مراراً وأغضبُ
خفضت لهم مني جناحَي مـودةٍ إلى كنف عِطفاه أهلٌ ومـرحبُ
وكنت لهم مـن هـؤلاء وهـؤلا مجنّاً علـى أنـي أُذمُّ وأقصـبُ
وأُرمى وأرمي بالعـداوة أهلهـا وإنـي لأُوذى فيـهـمُ وأُؤنَّـبُ
فأُعجب عند ذلك الفرزدق بشاعرية الكميت قائلاً: أذِعْ، أذِعْ شعرك، فأنت أشعر من مضى ومَن بقي