هدوء المساء
01-05-2013, 11:07 PM
الام والزوجة
كنت عائداً يوماً بسيارتى من أمريكا داخلاً كندا حيث إقامتي وعلى الحدود أعطيت جواز سفر الكندي إلى الموظفة ففتحته
وبالطبع كان فيه أني مولود في العراق فقالت: كيف العراق ؟
بخير ونرجوا الله أن تبقى بخير
منذ متى و أنت تعيش في كندا
أوشكت أن تنتهى السنة العاشرة
متى زرت العراق
منذ ثلاثة أعوام
فنظرت إلىّ وهي تبتسم وسأ لتني ... من تحب اكثر العراق أم كندا؟
فنظرت إليها وصمت قليلاً ثم قلت لها: الفرق عندى بين العراق و كندا كالفرق بين الام و الزوجة .. فالزوجة نختارها
ونرغب فيها الجمال و نحبها و نعشقها و لكني لو تزوجت بأجمل نساء العالم فلن تنسينى أمي
اما الام فلا نختارها ولكني مِلكُها فحبى لأمي له مذاق آخر .. فأنا لا ارتاح الإ في أحضانها ولا أبكي الإ على صدرها ولا
اتمنى الموت الإ في تراب تحت أقدامها. فأغلقت جواز سفرى وراحت تنظر لى بشئ من العجب وقالت: نسمع عن
زحامها وحرها وضيق العيش فيها فماذا تحب فى العراق قلت لها أتقصدين أمى فابتسمت و قالت و لتكن أمك فقلت: احب
فيها طفولتى .. احب فيها ذكرياتى .... احب ضربها لى و انا صغير تعلمني .. احب حتى و انا مريض على صدرها ..
قد لا تملك أمي ثمن الدواء ولا أجرة طبيب يعالجني و لكن حنان أحضانها وهى تضم جسدي الملتهب ولهفة
قلبها و أنا أرتعش بين يديها يُشفيني بلا دواء ولا طبيب
فراحت تدقق بنظرها فى وجهى وهى تسئلنى: 10 أعوام ومازال الحنين باقى فى قلبك لها ومازلت تذكر ذكرياتك فيها
فقلت لها: أنا إن نسيت تُذكرنى الأماكن والأشياء فهذا الشارع أن سرت فيه يذكرني حين كادت عربه أن تصدمني و وقعت
برأسي على هذا الحجر من هذا الرصيف .. وهذا المطعم أن مررت عليه يناديني ويحكى لي كم أكلت فيه مع أصدقائي
وكم ضحكنا وكم ملكنا الدنيا فى شبابنا .. وهذه الشجرة يروي لي ظلها كم جلست فيه ساعات وساعات .. حتى بحرها ما
أن يراني حتى تجرى أمواجه مسرعة نحوي تسئلنى تطمئن على أحلامي التي كنت أحكيها لها ثم تمسح بمياهها على ظهر
قدمي تواسينى فكم من هموم بُحت بها لها و كم من دمع سقط فيها و راح يضرب الصخر معها. حين ازور العراق فان
أجمل ما فيها هذا الحوار الصامت بيني وبينها
سيدتى أنا إن نسيت فأمي لا تنسى
فمالت قليلاً إلى الأمام على مكتبها وقالت لي: " صف لي العراق
فقلت هي ليست بالشقراء الجميلة و لكن ترتاحي إذا رأيت وجهه
و ليست العيون بالزرقاء و لكن تطمئنى إذا نظرتِ إليها .. ثيابها بسيطة و لكن تحمل فى ثناياها طيبة و رحمة .. لا تتزين
بالذهب والفضة و لكن في عنقها عقد من سنابل قمح تطعم به الجائع. سرقها كل سارق و أغتصبها كل مغتصب و لكنها ما
زالت تبتسم بل وتسامح وضعت جواز سفري على مكتبها ثم وضعت كلتا يديها عليه وقالت لي: أرى التلفاز ولم ارى ما
وصفت لى ذهبت بخيالى بعيداً ثم عدت إليها ونظرت فى عينيها وقلت لها: أنت رأيتي العراق الذي في آسيا على
الخريطة اما أنا فأتحدث عن العراق التي يقع فى أوساط و أحشاء قلبي
فمدت يدها تعطينى جواز سفرى وهى تقول: أراك تقول شعراً في العراق و ارجو أن يكون وفائك لكندا مثل وفائك للعراق
ثم ضحكت وقالت اقصد وفائك لزوجتك مثل وفائك لوالدتك
فأمسكت بجواز سفرى و أشرت إليه قائلاً: أنا بينى وبين كندا وفاء وعهد ولست أنا من لا يوفى بعهده .. و أعلمى أن الوفاء بالعهد هذا ماعلمتنى إياه أمي
فلمعت عيناها وأشارت بيدها كى ادخل كندا فقلت لها: لقد هيجتى في قلبى شجون تحتاج أيام و أيام كي تهدأ .. وأنصرفت..
كنت عائداً يوماً بسيارتى من أمريكا داخلاً كندا حيث إقامتي وعلى الحدود أعطيت جواز سفر الكندي إلى الموظفة ففتحته
وبالطبع كان فيه أني مولود في العراق فقالت: كيف العراق ؟
بخير ونرجوا الله أن تبقى بخير
منذ متى و أنت تعيش في كندا
أوشكت أن تنتهى السنة العاشرة
متى زرت العراق
منذ ثلاثة أعوام
فنظرت إلىّ وهي تبتسم وسأ لتني ... من تحب اكثر العراق أم كندا؟
فنظرت إليها وصمت قليلاً ثم قلت لها: الفرق عندى بين العراق و كندا كالفرق بين الام و الزوجة .. فالزوجة نختارها
ونرغب فيها الجمال و نحبها و نعشقها و لكني لو تزوجت بأجمل نساء العالم فلن تنسينى أمي
اما الام فلا نختارها ولكني مِلكُها فحبى لأمي له مذاق آخر .. فأنا لا ارتاح الإ في أحضانها ولا أبكي الإ على صدرها ولا
اتمنى الموت الإ في تراب تحت أقدامها. فأغلقت جواز سفرى وراحت تنظر لى بشئ من العجب وقالت: نسمع عن
زحامها وحرها وضيق العيش فيها فماذا تحب فى العراق قلت لها أتقصدين أمى فابتسمت و قالت و لتكن أمك فقلت: احب
فيها طفولتى .. احب فيها ذكرياتى .... احب ضربها لى و انا صغير تعلمني .. احب حتى و انا مريض على صدرها ..
قد لا تملك أمي ثمن الدواء ولا أجرة طبيب يعالجني و لكن حنان أحضانها وهى تضم جسدي الملتهب ولهفة
قلبها و أنا أرتعش بين يديها يُشفيني بلا دواء ولا طبيب
فراحت تدقق بنظرها فى وجهى وهى تسئلنى: 10 أعوام ومازال الحنين باقى فى قلبك لها ومازلت تذكر ذكرياتك فيها
فقلت لها: أنا إن نسيت تُذكرنى الأماكن والأشياء فهذا الشارع أن سرت فيه يذكرني حين كادت عربه أن تصدمني و وقعت
برأسي على هذا الحجر من هذا الرصيف .. وهذا المطعم أن مررت عليه يناديني ويحكى لي كم أكلت فيه مع أصدقائي
وكم ضحكنا وكم ملكنا الدنيا فى شبابنا .. وهذه الشجرة يروي لي ظلها كم جلست فيه ساعات وساعات .. حتى بحرها ما
أن يراني حتى تجرى أمواجه مسرعة نحوي تسئلنى تطمئن على أحلامي التي كنت أحكيها لها ثم تمسح بمياهها على ظهر
قدمي تواسينى فكم من هموم بُحت بها لها و كم من دمع سقط فيها و راح يضرب الصخر معها. حين ازور العراق فان
أجمل ما فيها هذا الحوار الصامت بيني وبينها
سيدتى أنا إن نسيت فأمي لا تنسى
فمالت قليلاً إلى الأمام على مكتبها وقالت لي: " صف لي العراق
فقلت هي ليست بالشقراء الجميلة و لكن ترتاحي إذا رأيت وجهه
و ليست العيون بالزرقاء و لكن تطمئنى إذا نظرتِ إليها .. ثيابها بسيطة و لكن تحمل فى ثناياها طيبة و رحمة .. لا تتزين
بالذهب والفضة و لكن في عنقها عقد من سنابل قمح تطعم به الجائع. سرقها كل سارق و أغتصبها كل مغتصب و لكنها ما
زالت تبتسم بل وتسامح وضعت جواز سفري على مكتبها ثم وضعت كلتا يديها عليه وقالت لي: أرى التلفاز ولم ارى ما
وصفت لى ذهبت بخيالى بعيداً ثم عدت إليها ونظرت فى عينيها وقلت لها: أنت رأيتي العراق الذي في آسيا على
الخريطة اما أنا فأتحدث عن العراق التي يقع فى أوساط و أحشاء قلبي
فمدت يدها تعطينى جواز سفرى وهى تقول: أراك تقول شعراً في العراق و ارجو أن يكون وفائك لكندا مثل وفائك للعراق
ثم ضحكت وقالت اقصد وفائك لزوجتك مثل وفائك لوالدتك
فأمسكت بجواز سفرى و أشرت إليه قائلاً: أنا بينى وبين كندا وفاء وعهد ولست أنا من لا يوفى بعهده .. و أعلمى أن الوفاء بالعهد هذا ماعلمتنى إياه أمي
فلمعت عيناها وأشارت بيدها كى ادخل كندا فقلت لها: لقد هيجتى في قلبى شجون تحتاج أيام و أيام كي تهدأ .. وأنصرفت..