الشيخ الحجاري
01-17-2013, 03:57 PM
http://i48.servimg.com/u/f48/12/08/50/06/caoane10.jpg (http://forum.sendbad.net/forum)
http://iraqeana.com/5606/alhham.gif (http://iraqeana.com/5606/alhham.gif)
(تَفسِيرُ مِعراج النَبِّي مُحَمَد (ص)
(وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى) (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) (عَلَّمَهُ شَدِيدُ
الْقُوَى) (ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى)(وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى) (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى
(فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى)
(سُورَة النَجْم: آية10)
http://i68.servimg.com/u/f68/12/08/50/06/clip_i10.gif
تَفسِيرُ (وَمَا يَنْطِقُ) النَطْقُ جَمْع نطاق (عَـنِ الْهَـوَى) مَا يَتَكَلم
رسَولَ اللـَّهِ مُحَمَد صَلى اللهُ عَليهِ وآلِـهِ عَـنْ نَفسِهِ, ولاّ يَصْدِر
نَطْقَهُ بمَّا يُعَبِر بِالقرآنِ المُنَزَل لِلناسِ عَن هَواه وَشَهْوَته,,
وَنُسِبَ النَطْقُ إلَيـهِ مِنْ حَـيْثُ تَفهَمُ عَـنهُ الأمُور, وَتَتَحَدَثُ عَـنهُ
الأجْيال أنْكالاً لِدَعَوةِ قُرَيْش بِمَّا كَذبُوه فَرَدَّ عَليهُم اللهُ جَلَّ وَعَلاَ
لِيُبَيِّنَ لَهُم بأنَ مُحَمداً لا يَنطِقُ عَنْ هَواه, بَلْ أسْنَدَ اللهُ الفِعل إلى
القُرآن بأنَهُ هُوَ الناطِقُ, وَقالَ لِتَحذِيرِهِم وَتَوْبِيخِهِم (هَـذَا كِتَابُنَا
يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(الجاثِيَة29
(إِنْ هُوَ) وَحيُِ القُرآن المَجِيد يُرادُ بـهِ نِزُول المَعانِي فِي خَفاءٍ
بِالإلهامِ والإشـارَةِ لِلنَبِّيِّ لِيَحفَظها مِـنَ الوَحِـي كَـمَّا أشـارَ اللـَّهُ
وََقالَ (إِلَّـا وَحْيٌ) مُحِِي وَهُوَ جُبْرائيلُ مَا (يُوحَى) إليهِ مِنَ اللـَّهِ
تَعالى: وَالجُملةُ صِفـَةٌ مُؤكَـدَةٌ كَمَّا هيَ مِشْـيَةُ القَوِِّيّ: يُقال إذا
هَوى يَعنِي مَنْ صَبَبَ أي يَنْحَطُّ وذلِك هَوَى يَهْوِي هَوِيَّاً بالفتح
إذا هَبَطَ, وهَوَى يَهْوِي هُوِيَّاً بالضَّمِ إذا صَعِدَ وهُـوَ كَالبِراقِ إذا
انْطلقَ يَهْوِي, أي يُسْرِعُ كَمَّا جاءَ في نظِيرِ قوْله سُبْحانَهُ تَعالى
(لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء)(ابراهيم:43) أي قلُوبٌ
فارغةٌ هاوِّيةٌ مِنَ الإيمانِ,,
والضَمِيرُ فِي قوْلِهِ تَعالى يَعُـودُ إلى جُبْرائِيلَ قالَ (عَلَّمَهُ) لِمُحَمَدٍ
القُرآنَ لِيَكُونَ مُلْهَماً لِلصَّوابِ وَالخَيْرِ فَتَناقَضَ صَوابَهُ مَعَ كُفارِ
قُرَيْش ( وَقَالُـوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ ) (الدخان:14) فرَدَّ عَليْهُم اللـَّهُ
تَعالى: وَقالَ (مَا كَذَب الْفُـؤَادُ مَا رَأَى) (سُورَة النَجِم آيَـة:11)
يَعنِّي: مَا أنكَـرَ فُؤادَ مُحَمَدٍ صَلى اللهُ عَليهِ وَآلِـهِ مَا رَآهُ بِبَصَّرِهِ
مِـنْ صُـورَةِ جُبْرائِيلَ بِحَقِيقَتِـهِ ومَلَكُـوت السَماواتِ السَـبْع مِـنْ
عَجائِبِ آياتِ اللهِ الكُبْرى التِي تُدرَك بالقَلْبِ ثُمَ بالبَصَرِ,,
وَكُفارُ قُرَيْش لاَّ يَعلَمُونَ مَّنْ الذِي يُعَلِمَهُ وَهُوَ ( شَدِيدُ الْقُوَى )
جُبْرائِيلُ عَليهِ السَلام الذِي بَلـَغَ مِـنْ شِـدَّةِ قوَتِـهِ أنْ يَقلَعَ قـرى
قوْم لُوطٍ وَرَفعَ عالِيَها إلى السَماءِ, ثُمَ قلَبَ سافِلها إلى الأرْضِ
وَكَذلكَ صاحَ بقـَوْمِ ثَمُودَ صَيْحَةً أهلَكَهُم وجَعلَهُم جـذاذاً مَنثوراً
وَكـانَ هبُوطَـهُ عَلـى الأنـبياءِ وَالرُسُـلِ, وَعرُوجـهُ إلى السَماءِ
أسْرَعَ مِن طَرْفِِ العَـيْنِ, يُـشاَدُّ الدِيـنَ يُقَوِّيه وَيُقاَومَهُ, ويُكلّـف
نفْسَهُ بتَعلِيمِ الرَسُولِ مُحَمَدٍ (ص) فوْقَ طاقَتِهِ, وَالمُشادَدَّةُ هِيَّ
المُغاَلَبَةُ أيْ هُوَ جُبرِيلُ ذُو قوَيةٍ مِِنَ اللَّـهِ (إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)
(ذُو مِرَّةٍ) جُبْرائِيلُ ذُو مَنظَرٍ حَسَنٍ باسْتِحكام عَقلِهِ, وهُوَ كِنايةٌ
عَن ظهُورِ آثارهِ ومُعجِزاتِهِ العَجيبةِ البَديعةِ التِي كُلِفَ بِها مِـنَ
اللهِ تَعالى إلى النَبِيِّ مُحَمَدٍ,,
وَالمَعلُوم أنَّ رَسُولَ الله صَلى الله عليه وآلِهِ أحَبَّ أنْ يرَّ جُبْريلَ
عَلى صُورَتِهِ التِي جُبِلَ عَليْها (فَاسْتَوَى) جُبْرائِيلَ لَهُ فِي الأفـُق
الأعلى وَهُوَ أُفُق الشَمْس لِمَشْرِقِها فمَلأَ الأُفُق بِجُناحَيْهِ فاسْتَقامَ
وَظَهَرَ في صُورَتِهِ المَلائِكِيةِ التِي هُوَ عليْها وَكانَ النبيُ الكَريم
مُحَمد صَلى اللـَّهُ عليهِ وآلـهِ عِـندَ غـارِ حَراء فِي بادِئِ النبُـوَّةِ
فنَظَرَ إليهِ ( وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ) أيْ: بالجِهَةِِ العُلْيا مِنْ سَماءِِ
الدُنـيا, ويَجُـوز أنْ يَكُـونَ الأفـُقُ واحِـداً وجَمْعاً، كَالْفـُلْكِ: فـسَّدَ
جُبْرائِيلُ أفُقَ الشَمْس بِجُناحَيهِ, فَناداهُ مِنَ الهَواءِ يا مُحَمَد أنتَ
رَسُولُ الله حَقاً، حَتى قالَ لَـهُ وَأنَّا جُبْريلُ فَعِندَ ذلِك يَسْكُنُ جَأش
النَبِّي مِنهُ، وتَقِـرُ عَيْنَيْهِ لِعَظَمَتِه، حَتى تَبَدَّى لـَهُ جُبْريلَ والنَبِيُ
الكَريـمُ يَنظِـرُ إليـهِ وَهُـوَ عَلـى صُورَتِـهِ التِي خَلَقـَهُ اللـَّه عَليْها
وَلِعُظُمِ خَلْقِـهِ قَـَد سَـدَّ بِجَناحَيهِ عُظْـم الأفـُق المَشْرِق الـذِي هُـوَ
أعلّى المَغرِب،, فاقتَرَبَ مِنهُ وَأوْحى إلَيـهِ عَـن اللـَّه عَـزَّ وَجَّـل
مَّا أمَرَهُ بـهِ,, فَعِندَ ذلِك عَرَفَ النَبِيُ عَظمَة جُبْرائِيلَ فِي جَلالَـةِ
قَدْرِهِ وعُلُوَّ مَكانَتَه عندَ اللهِ الذِي بَعثَهُ إلَيه, وكانَ الأمرُ عَجيبٌ
على النبِّيِ إنَهُ لَـمْ يَـرَ جُبرائِيلَ بصُورَتِهِ المَلائكيةِ مِنْ قبـْلُ أنْ
يَرَهُ فِي صُورةٍ آدَمِيةٍ فرآهُ النبِّي نفسَهُ مَرَتَينِ مَرةً في الأرْضِِ
وَأُخْرى في السَماءِ السابعَةِ عِندَ سِدرَةِ المُنتَهى, ولَمْ يَراهُ أحَدٌ
مِـنَ الأنبياءِ قَـَطْ عَلى صُورَتِـهِ المَلائكِيةِ إلاَّ النبِّيُ مُحمَدٌ صَلى
اللهُ عَليهِ وآلهِ,, فخَـرَ مَغشِياً عَليهِ في أوْلِها, فألْطَفَهُ جُبْرائِيلُ
بعدَ أن تَمَثلَ لَـهُ فِي صُورَةٍ آدَمِيةٍ وَضَمَهُ إلى نفسِهِ حَتى أفاقَ
النبِّيُ مِنْ غِشيَتِهِ,,
وَالمُرادُ مِنْ مَعنَّى الآيَة ( وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ) هِيَّ إبهامٌ عَلى
جِهَـةِ التَفخِيمِ والتَعظِيمِ، والـذِي عـرُفَ مِـنْ ذلـِِكَ الإعـراجُ إلى
السَـماء هُـوَ لِغَرَضِ فَـرْض الصَلَوات الخَمـْس بَعـدَ أنْ اسْتَوِّيـا
النَبِيُ وجُبْريلَ بالأفُق الأعلى تَسْبِقَهُ لَيلَة الإسْراء,,
والدَلِيلُ على قوْلِنا هذا هُوَ قولَهُ تَعالى قالَ (ثُـمَّ دَنَـا فَتَدَلَّى) أي
بَعدَمَّا كانَ جُبْرائِيلُ فِي الهَواءِ فَنَزَلَ فَدَنَا مِنَ النَبِّي الأكْرَم وَهذا
جائزٌ إذا كانَ المَعْنى فِي الفِعلَيْنِ مِنْ دَنَا فَتَدَلَّى واحِداً بَلْ دَنّا مِنْ
مُحَمَدٍ ثُمَّ تَدَلَّى أَي زادَ فِي القُرْبِ مِنهُ كَمَّا تَقول قَدْ دَنَا فُلانُ مِنِّي
وَقرُبَ؟؟
وَالدُنُو والدُّنيا أيْضاً اسمٌ لِهذهِ الحَياةِ لبُعدِ الآخِرَةِ عَنها وسَماءُ
الدُنـيا لِقـُرْبِها مِنْ ساكِنِي الأرْضِ,, فقَـرُبَ جُبرائِيلُ مِـنَ النبِّيِِ
الكَريم حَتى زادَ في القُرْبِ وَكانَ أقرَبَ شَيءٍ إليهِ ( فَكَانَ قَابَ
قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) مِنَ النبيِِِّ الأكرَم بقـدَرِ قوْسَينِ مِـنَ الأقواسِ
التي تُسْتَعمَل عِندَ قرَيْشٍ, والقَوْسُ مَعرُوفَةٌ عِندَهُم, وَهِيَّ آلَـةُ
رَمِيِّ السِهامِ والقابُ عِندَهُم هُوَ القَدْرُ كَمَّا جاءَ التقدِيرُ لِلأطوالِِ
العَربيةِ بالقوْسِ, والرُمْحِ, والذراعِ, والبَاعِ, والخُطْوَةِ والشِبِرِ
والقوْسُ هُوَ نصْفُ الدائرةِ وبُعدِها, والقابُ عِندَهُم مابَينَ وِترِ
القوْسِِ وَمَقْبضِها,, فإذا أرادُوا قِياسَ أرْضٍ يُخْرِجُونَ قوْسَيْنِ
وَيُلْصِقُونَ إحَدَاهُما بالآخَرِ فيَكُونا قابٌ واحِدٌ,,
وَمِنْ هـذا الدِليلُ أقول: فكانَ جُبرائيلُ مُلاصِقاً للنبِّيِ مُحَمدٍ كَمَّا
يُلاصِِق القابُ القابَ مِنَ القَوْسَيْنِ, أوْ أدنِّى مِنْ ذلِك,,
وَعلى هذا نُحَذِرُ عُلَماءَ التَفسِير: بأنَ كُلَّ تَفسِيرِ يُؤُول بتَأوِّيلِهِ
زَعماً مِنهُم بِمَّا يُلاصِق القابُ القابَ مِنَ القوْسَِيْنِ بِقرْبِ مُحَمدٍ
مِنَ اللهِ فهُوَ كُفـْرٌ وافتِراءٌ,, كَمَّا دَوَنـُوا بأنَ مُحَمَداً أقتَرَبَ مِنْ
عَرْشِ اللـَّهِ فَدَخَلَهُ بَعدَ أنْ هَمَّ أنْ يَخلَعَ نَعَلَيه,, فَسَمَعَ نِداءَ الله
إلَيه وقالَ (دُسْ عَلى بِساطِنا فَلَقَد اصْطفَيْناكَ السَيْد المُفَضَل)
وَفِي كَلامِـنَّا تَعقِيبٌ وَإنـذارٌ وَالمَعنى فِيهُمَّا أقُـولُ لِلعُلَماءِ:: أنَ
المُرادَ بقُرْبِ النبِّي مِنَ اللهِ القُرْب بالذِكْرِ وَالعَمَلِ الصالِح لا قُرْبُ
الذات وَالمَكان: لأنَّ ذلِكَ مِن صِفاتِ الأجْسام وَالمُحدِثاتِ, واللهُ
يَتَعالى عَن ذلِكَ ويَتَقدَّسُ كَمَّا جاءَ فِي نَظِيرِ قولِهِ جّلَّ وَعَلا قالَ
عَـنْ ذاتِـهِ (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ
الْخَـبِيرُ) (الأنعام:103) أيْ: لا تـُحِيـطُ بِعَظمةِ اللـَّهِ تَعالى عَلى
مَا هُـوَ عَليهِ أبْصارُ الخَلائقِ في الدُنيا وَلاّ الآخِـرَةِ أبَـداً,, وكَمَّا
لا تُدركُهُ الأبْصارُ إدراكَ إحاطةُ مَكانٍ أوْ زَمانٍ بِكُنْهِهِ أوْ حَقيقتِهِ
ومَعنَّى الإدراكُ أخَـصَ على هـذا السَبيلِ مِـنْ الرُؤْيةِ التِي هـِيَّ
المُعايَنَة,, فنَفيهِ تَعالى لا يَقتَضِي نَفِي الرُؤْيةِ مِن مَخلُوقاتهِِ إذا
نفِيَّ الأخَصُ بذاتِـهِ لا يَلتزمُ نفِي الأعَـم بمَخلُوقاتِهِ,, فكَيفَ بِـنَّا
ونَحنُ لا نُدْركُ رُؤَْيةَ الشَمْس بحَِقيقتِها,, والآيةُ الكريمة تَعكِسُ
الرُؤَْيةَ بذلِك, بَلْ اللهُ (يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ) ولاّ يُدركُهُ أحَدٌ مِن خَلقِهِ
بَـلْ هُوَ يُدْركُ القـُوَةَ التِي تُدْركَ بِها المُبْصِراتِ كَوْنَهُ خالِقاً فِيها
القُوى وَالحَواس,,
وَفِي أسْماءِ اللّهِ تَعالى: البَصِيرُ, هُوَ الذِي يُشاهدُ الأشياءَ كُلََّها
ظاهِرَها وخافِيَها بغـَيرِِ جارحَةٍ, والبَصَـرُ فِـي حَقِـهِ عبارَةٌ عَـنْ
الصِّفةِ التي يَنكشِفُ بِِها نعُوت المُبْصَرَات, وفِي الحَدِيثِ بَصْـرُ
كُلَّ سَماءٍ مَسِيرَةُ خَمْسمائَةَ عامٍ, أيْ سُمْكَها وَغُلْظَها,,
فَرُؤْيَةُ العََبد مِن رَبِّـهِِ هُوَ الإيمانُ في القَلْبِ كَمَّا وَرَدَ فِي الذِكْرِ
الحَكِيمِ ( قَـدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَـرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ
عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ)(الأنعام:104)
البَصائرُ هِيَّ آياتُ القرآن وَبُرهانَهُ الذِي يَهتَدُونَ بهِ إلى صِراطِ
الحَقِ المُسْتقِيم: والبَصِيرَةُ لِلقلْـبِ بمَنزِلَةِ البَصَرِ لِلعَيْـن يُسَّمى
النُور الذِي يَبْصرُ بهِ القَلب,, فإذا أدرَكتُم آياتُ اللهِ أبْصَرتمٌوها
قلْباًَ أبْصَرتُم اللهَ مِِن إطْلاقِ إسْم المُستَبْصِرُِ عَلى البَصِير, واللهُ
تَعالى هُوَ البَصِيرُ الذِي (عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) أي: برَقِيبٍ,,
وَالمُرادُ بقرْبِ اللّهِ مِـنْ نَبيهِ مُحَمدٍ اقُـرْبُ نِعَّمِهِ, وألْطافِهِ مِـنَهُ
وَبِرَّّهُ وإحْسانَهُ إليهِ, وتَرادُفُ مِنَنَهُ عِندَهُ وفَيْض مَواهِبهُ عليه
كَمَّا يُقال صِفةُ هذِهِ الأمَّةَ في قُرْبانِهم دِماؤَهُم والقُرْبانُ مَصدرٌ
مَن قَرُبَ يَقْرُب: بَلْ يَتَقَرَّبونَ إلى اللـَّهِ تَعالى بإراقةِ دِمائِهم في
الجِهادِ وَكانَ قُرْبانُ الأمةَ أيْضاً ذَبْحُ البَقَر والغنَم والإبِل فسُمىَّ
قُرباناً, ومنهُ الحَدِيث الصَلاةُ قُرْبانَ كُـلَّ تَقِيِّ,, أيْ إنَ الأتْقِياءَ
مِنَ الناسِ يَتَقَّربونَ بِهِ إلى اللهِ, أي يَطلِبونَ القُرْبَ مِنهُ بِهِ كَما
تَقَرَبَ النبِّيُ مِنَ اللهِ بالإيمانِ,,
ومِنهُ حَدِيث الجُمْعَة: مَنْ راحَ في الساعةِ الأُولى فكَأنَما قَـرَّبَ
بُدَنَة أي كَأنما أهْدى ذلِكَ إلى اللهِ تَعالى كَما يُهْدى القُرْبان إلى
بَيْتِ اللّهِ الحَرام,,
وَمِنهُ حَدِيث المُنتَظر يَتَقارَبُ الزَمان حَتى تَكُونَ السَّنَة كَالشَّهر
أرادَ يَطِـيب الزَمان حَتى لاّ يُسْـتَطال، وَأيـام السُّرُور وَالعافِيَـة
قَصِيرَة, هُـوَ يَومَهُ كِنايَـةٌ في خرُوجِهِ عَن قِصَرِ الأعْمار وَقِلّةِ
البَركَةِ,,
وبهذا المَعنى الذِي قدَمناهُ,, ضََمَهُ جُبرائِيلُ إلى نَفسِهِ وألْطَفَـهُ
مِِن رَوْعِهِِ حَتى أفاقَ النبِّي (فَأَوْحَى) لـَهُ بأمْرِ اللهِ تَعالى ( إِلَى
عَبْدِهِ) مُحَمدٍ صَلى اللهُ عَليهِ وآلهِ (مَا أَوْحَى) مِن إعدادِ السُورِ
والآياتِ والإعراجُ بـهِ إلى السَماءِ السابِعَةِ فارْتَفعَ النبِّيُ صَلى
اللهُ عَليهِ وآلِـهِ حَتى بَلَغَ الأُفـُق الأعلى مِـنَ البَشَرِيَةِ,, وَتَـدَلَّى
جُبْريلُ عَليهِ السَلام حَتَى بَلَغ الأُفُقِ الأَدنَّى مِنْ المُلكِيَة فَتَفارَقا
عِندَ السَماءِ السابِعَةِ ولَمْ يَبْق بَيْنَهُما إلاَّ حَقِيقةُ حال المَنزِلَة,،
وعَلى هذا المَعنى فَفِي فاعِلٌ هُوَ اللهُ تَعالى قَد أوْحى إلى عَبْدِهِ
مُحَمَدٍ مِـنْ وَراءِ الحجُـبِ تَفخِيماً بَعدَمـَا إنتَهَـت مُهِمَة جُبرائِيلَ
بالإيحاءِ إليهِ,,
(وَلَقَدْ رَآهُ) أي رآى النبِّيُ صَلى اللهُ عَليهِ جبرائِيلَ مِنَ السَماءِ
السابعةِ في صُورَتهِ المَلائِكِيةِ التِي خُلقَ عليها,, ثمَ (رآهُ نَزْلَةً
أُُخْـرَى) (النجم:13) غـَيرُ التي رآى بها جُبرائِيلَ التِي أغْشِيَّ
عَليـهِ مِنْ خِلالِها فِي غـارِ حَـراء: بَـلْ رآهُ النَبِّي (عِـنْدَ سِـدْرَةِ
الْمُنْتَهَى) (النجم:14) فِي السماءِ السابعةَ لَيلَـة المِعراج مَـرَةً
ثانِيةً,, ثـُمَ رُفِـعَ النبِّيُ إلى سِـدْرةِ المُنْتهى التِي يُسْتَظَلُ تَحتَها
المَلائِكَة فِي مُنتَهى السَماواتِ السَـبْعِ, وَالسِـدْرُ: شَجَـرُ النَبـق
وَسِـدْرَةُ المُنْتهى شَجَـرةٌ في أقْصَى الجَـنةِ إلـيها يَنْتهِي عِلـُوم
الأولّينَ وَالآخرينَ, ولا يَتَعدَّاها أحَدٌ كَوْنَها مَصْدرُ الإنتهاءِ مِنْ
يَمِينِ العَرْش التِي تَنبَعُ مِن أصْلِها الأنهار فلا يَستَطيعُ الراجِل
أنْ يَسِيرَ في ظِلِها وإنْ قَطَعَ سَبعِينَ عاماً لاّ يَقطَعَها,,
وَإضافةُ السِدرَة مِِنَ النبِّيِ مِنْ إضافةِ الشَيءِ إلى مَكانِهِ,,
وسُمِيَت المُنتَهى لأنتِهاءِِ عِلُومِ الخَلائِقِ إليها كَمَّا وَصَفَها اللـَّهُ
( عِنْدَهَا جَـنَّةُ الْمَأْوَى ) وَهيَّ التِي يَـأوِيَ إلَيها المُتَقرَبِينَ مِـنَ
الإتقِياءِ وَالأوْصِياءِ: يُقال أوَى وآوَى بمَعنى واحِد, والمَقصورُ
مِنهمُا لازمٌ ومُتَعَد, مَن أوَى يَأوِي,,
ومِن المَمْدُودِ حَدِيث الدُعاء, الحَمْدُ للّهِ الذِي كَفانـَّا وَآوانَّا, أيْ
رَدَّنا إلى مَأوىً لَنَّا وَلَمْ يَجْعَلَنا مُنتَشِرينَ كَالبَهائمِِ: وَالمأوَى هُوَ
المَنزلُ, وَنسألُ الله تَعالى أنْ يَجْعَلَ مَأوانَّا جَنَةَ المَأوَى,,
وَكانَ عرَوجَهُ صَلى اللهُ عَليهِ وَآلهِ قبْلُ الهِجْرَةِ بثلاثِ سِنِين أوْ
أقـلُ مِنْ ذلِك كَمَّا جاءَ في نَصِ الآيَـة ( لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّـه
الْكُبْرَى)(النجم:18) فشاهدَّ صَلى اللهُ عَليهِ وآلِهِ رَبَّهُ بقلبِهِ مِنْ
خِلالِ تِلكَ العَجائبِ وَالمَعاجِز فِي السَمَواتِ السَبْع التِي لمْ يطلِعُ
عَليها نبِّيٌ مِنْ قبْلِهِ كَمَّا ورَدَ فِي نَظِيرِ قوْلِهِ تَعالى (إِنَّهَا لَإِحْدَى
الْكُـبَرِ ) يَعنِي: في الكَلامِ مُضافٌ غَيرُ مَحذُوفٍ تَقدِيرُهُ بشَرائعِ
دِينِ اللهِ الكُبَر التِي تَلَقاها النبِّيُ مُحَمَدٍ مِنْ ربِّـهِ لَيلةَ مِعراجِهِ,,
واللـَّهُ العالِمُ انتَهى تَفسِير الشَيخ ألحَجاري
http://i68.servimg.com/u/f68/12/08/50/06/clip_i10.gif
تقدَمَ آية الله مَحمد حسين الطباطبائي فِي تفسِيرهِ المُقتَصَر
تفسيرَهُ ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ) هَوى النفس ( إِنْ هُوَ ) أي
القرآن ( إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ) مِن اللـَّهِ ( عَلَّمَهُ ) للنبي أو القرآن
( شَدِيدُ الْقُوَى ) قيلَ هوَ جبريلُ أو اللهُ سُبحانهُ ( ذُو مِرَّةٍ ) أي
شدة أو حصافة أو مروراً بالنبي ( فَاسْتَوَى ) جبريلُ واستقامَ
على صورتهِ الأصلية التي خُلِقَ عليها ( وَهُـوَ ) أي النبي, أو
جبريلُ ( بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ) ناحية الشرق مِن السماءِ ( ثُمَّ دَنَا )
جبريلُ (فَتَدَلَّى) وتعَلقَ بالنبي لِيعرجَ بهِ إلى السماواتِ, أو إنَ
النبي دنَّى مِن ساحةِ القـربِ مِنَ اللـَّهِ ( فَكَانَ قَابَ ) أي: قـدر
(قَوْسَيْنِ) أو ذراعينِ (أَوْ أَدْنَى) مِن ذلكَ (فَأَوْحَى) اللـَّه ( إِلَى
عَبْدِهِ ) مُحمدٌ (مَا أَوْحَى) مِن الأوامرِ أو التكاليفُ أو غير ذلك
انتَهى تفسِير السَيد الطباطبائي
http://i68.servimg.com/u/f68/12/08/50/06/clip_i10.gif
http://www10.0zz0.com/2011/04/30/18/131122314.gif (http://www10.0zz0.com/2011/04/30/18/131122314.gif)
http://iraqeana.com/5606/alhham.gif (http://iraqeana.com/5606/alhham.gif)
(تَفسِيرُ مِعراج النَبِّي مُحَمَد (ص)
(وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى) (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) (عَلَّمَهُ شَدِيدُ
الْقُوَى) (ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى)(وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى) (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى
(فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى)
(سُورَة النَجْم: آية10)
http://i68.servimg.com/u/f68/12/08/50/06/clip_i10.gif
تَفسِيرُ (وَمَا يَنْطِقُ) النَطْقُ جَمْع نطاق (عَـنِ الْهَـوَى) مَا يَتَكَلم
رسَولَ اللـَّهِ مُحَمَد صَلى اللهُ عَليهِ وآلِـهِ عَـنْ نَفسِهِ, ولاّ يَصْدِر
نَطْقَهُ بمَّا يُعَبِر بِالقرآنِ المُنَزَل لِلناسِ عَن هَواه وَشَهْوَته,,
وَنُسِبَ النَطْقُ إلَيـهِ مِنْ حَـيْثُ تَفهَمُ عَـنهُ الأمُور, وَتَتَحَدَثُ عَـنهُ
الأجْيال أنْكالاً لِدَعَوةِ قُرَيْش بِمَّا كَذبُوه فَرَدَّ عَليهُم اللهُ جَلَّ وَعَلاَ
لِيُبَيِّنَ لَهُم بأنَ مُحَمداً لا يَنطِقُ عَنْ هَواه, بَلْ أسْنَدَ اللهُ الفِعل إلى
القُرآن بأنَهُ هُوَ الناطِقُ, وَقالَ لِتَحذِيرِهِم وَتَوْبِيخِهِم (هَـذَا كِتَابُنَا
يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(الجاثِيَة29
(إِنْ هُوَ) وَحيُِ القُرآن المَجِيد يُرادُ بـهِ نِزُول المَعانِي فِي خَفاءٍ
بِالإلهامِ والإشـارَةِ لِلنَبِّيِّ لِيَحفَظها مِـنَ الوَحِـي كَـمَّا أشـارَ اللـَّهُ
وََقالَ (إِلَّـا وَحْيٌ) مُحِِي وَهُوَ جُبْرائيلُ مَا (يُوحَى) إليهِ مِنَ اللـَّهِ
تَعالى: وَالجُملةُ صِفـَةٌ مُؤكَـدَةٌ كَمَّا هيَ مِشْـيَةُ القَوِِّيّ: يُقال إذا
هَوى يَعنِي مَنْ صَبَبَ أي يَنْحَطُّ وذلِك هَوَى يَهْوِي هَوِيَّاً بالفتح
إذا هَبَطَ, وهَوَى يَهْوِي هُوِيَّاً بالضَّمِ إذا صَعِدَ وهُـوَ كَالبِراقِ إذا
انْطلقَ يَهْوِي, أي يُسْرِعُ كَمَّا جاءَ في نظِيرِ قوْله سُبْحانَهُ تَعالى
(لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء)(ابراهيم:43) أي قلُوبٌ
فارغةٌ هاوِّيةٌ مِنَ الإيمانِ,,
والضَمِيرُ فِي قوْلِهِ تَعالى يَعُـودُ إلى جُبْرائِيلَ قالَ (عَلَّمَهُ) لِمُحَمَدٍ
القُرآنَ لِيَكُونَ مُلْهَماً لِلصَّوابِ وَالخَيْرِ فَتَناقَضَ صَوابَهُ مَعَ كُفارِ
قُرَيْش ( وَقَالُـوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ ) (الدخان:14) فرَدَّ عَليْهُم اللـَّهُ
تَعالى: وَقالَ (مَا كَذَب الْفُـؤَادُ مَا رَأَى) (سُورَة النَجِم آيَـة:11)
يَعنِّي: مَا أنكَـرَ فُؤادَ مُحَمَدٍ صَلى اللهُ عَليهِ وَآلِـهِ مَا رَآهُ بِبَصَّرِهِ
مِـنْ صُـورَةِ جُبْرائِيلَ بِحَقِيقَتِـهِ ومَلَكُـوت السَماواتِ السَـبْع مِـنْ
عَجائِبِ آياتِ اللهِ الكُبْرى التِي تُدرَك بالقَلْبِ ثُمَ بالبَصَرِ,,
وَكُفارُ قُرَيْش لاَّ يَعلَمُونَ مَّنْ الذِي يُعَلِمَهُ وَهُوَ ( شَدِيدُ الْقُوَى )
جُبْرائِيلُ عَليهِ السَلام الذِي بَلـَغَ مِـنْ شِـدَّةِ قوَتِـهِ أنْ يَقلَعَ قـرى
قوْم لُوطٍ وَرَفعَ عالِيَها إلى السَماءِ, ثُمَ قلَبَ سافِلها إلى الأرْضِ
وَكَذلكَ صاحَ بقـَوْمِ ثَمُودَ صَيْحَةً أهلَكَهُم وجَعلَهُم جـذاذاً مَنثوراً
وَكـانَ هبُوطَـهُ عَلـى الأنـبياءِ وَالرُسُـلِ, وَعرُوجـهُ إلى السَماءِ
أسْرَعَ مِن طَرْفِِ العَـيْنِ, يُـشاَدُّ الدِيـنَ يُقَوِّيه وَيُقاَومَهُ, ويُكلّـف
نفْسَهُ بتَعلِيمِ الرَسُولِ مُحَمَدٍ (ص) فوْقَ طاقَتِهِ, وَالمُشادَدَّةُ هِيَّ
المُغاَلَبَةُ أيْ هُوَ جُبرِيلُ ذُو قوَيةٍ مِِنَ اللَّـهِ (إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)
(ذُو مِرَّةٍ) جُبْرائِيلُ ذُو مَنظَرٍ حَسَنٍ باسْتِحكام عَقلِهِ, وهُوَ كِنايةٌ
عَن ظهُورِ آثارهِ ومُعجِزاتِهِ العَجيبةِ البَديعةِ التِي كُلِفَ بِها مِـنَ
اللهِ تَعالى إلى النَبِيِّ مُحَمَدٍ,,
وَالمَعلُوم أنَّ رَسُولَ الله صَلى الله عليه وآلِهِ أحَبَّ أنْ يرَّ جُبْريلَ
عَلى صُورَتِهِ التِي جُبِلَ عَليْها (فَاسْتَوَى) جُبْرائِيلَ لَهُ فِي الأفـُق
الأعلى وَهُوَ أُفُق الشَمْس لِمَشْرِقِها فمَلأَ الأُفُق بِجُناحَيْهِ فاسْتَقامَ
وَظَهَرَ في صُورَتِهِ المَلائِكِيةِ التِي هُوَ عليْها وَكانَ النبيُ الكَريم
مُحَمد صَلى اللـَّهُ عليهِ وآلـهِ عِـندَ غـارِ حَراء فِي بادِئِ النبُـوَّةِ
فنَظَرَ إليهِ ( وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ) أيْ: بالجِهَةِِ العُلْيا مِنْ سَماءِِ
الدُنـيا, ويَجُـوز أنْ يَكُـونَ الأفـُقُ واحِـداً وجَمْعاً، كَالْفـُلْكِ: فـسَّدَ
جُبْرائِيلُ أفُقَ الشَمْس بِجُناحَيهِ, فَناداهُ مِنَ الهَواءِ يا مُحَمَد أنتَ
رَسُولُ الله حَقاً، حَتى قالَ لَـهُ وَأنَّا جُبْريلُ فَعِندَ ذلِك يَسْكُنُ جَأش
النَبِّي مِنهُ، وتَقِـرُ عَيْنَيْهِ لِعَظَمَتِه، حَتى تَبَدَّى لـَهُ جُبْريلَ والنَبِيُ
الكَريـمُ يَنظِـرُ إليـهِ وَهُـوَ عَلـى صُورَتِـهِ التِي خَلَقـَهُ اللـَّه عَليْها
وَلِعُظُمِ خَلْقِـهِ قَـَد سَـدَّ بِجَناحَيهِ عُظْـم الأفـُق المَشْرِق الـذِي هُـوَ
أعلّى المَغرِب،, فاقتَرَبَ مِنهُ وَأوْحى إلَيـهِ عَـن اللـَّه عَـزَّ وَجَّـل
مَّا أمَرَهُ بـهِ,, فَعِندَ ذلِك عَرَفَ النَبِيُ عَظمَة جُبْرائِيلَ فِي جَلالَـةِ
قَدْرِهِ وعُلُوَّ مَكانَتَه عندَ اللهِ الذِي بَعثَهُ إلَيه, وكانَ الأمرُ عَجيبٌ
على النبِّيِ إنَهُ لَـمْ يَـرَ جُبرائِيلَ بصُورَتِهِ المَلائكيةِ مِنْ قبـْلُ أنْ
يَرَهُ فِي صُورةٍ آدَمِيةٍ فرآهُ النبِّي نفسَهُ مَرَتَينِ مَرةً في الأرْضِِ
وَأُخْرى في السَماءِ السابعَةِ عِندَ سِدرَةِ المُنتَهى, ولَمْ يَراهُ أحَدٌ
مِـنَ الأنبياءِ قَـَطْ عَلى صُورَتِـهِ المَلائكِيةِ إلاَّ النبِّيُ مُحمَدٌ صَلى
اللهُ عَليهِ وآلهِ,, فخَـرَ مَغشِياً عَليهِ في أوْلِها, فألْطَفَهُ جُبْرائِيلُ
بعدَ أن تَمَثلَ لَـهُ فِي صُورَةٍ آدَمِيةٍ وَضَمَهُ إلى نفسِهِ حَتى أفاقَ
النبِّيُ مِنْ غِشيَتِهِ,,
وَالمُرادُ مِنْ مَعنَّى الآيَة ( وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ) هِيَّ إبهامٌ عَلى
جِهَـةِ التَفخِيمِ والتَعظِيمِ، والـذِي عـرُفَ مِـنْ ذلـِِكَ الإعـراجُ إلى
السَـماء هُـوَ لِغَرَضِ فَـرْض الصَلَوات الخَمـْس بَعـدَ أنْ اسْتَوِّيـا
النَبِيُ وجُبْريلَ بالأفُق الأعلى تَسْبِقَهُ لَيلَة الإسْراء,,
والدَلِيلُ على قوْلِنا هذا هُوَ قولَهُ تَعالى قالَ (ثُـمَّ دَنَـا فَتَدَلَّى) أي
بَعدَمَّا كانَ جُبْرائِيلُ فِي الهَواءِ فَنَزَلَ فَدَنَا مِنَ النَبِّي الأكْرَم وَهذا
جائزٌ إذا كانَ المَعْنى فِي الفِعلَيْنِ مِنْ دَنَا فَتَدَلَّى واحِداً بَلْ دَنّا مِنْ
مُحَمَدٍ ثُمَّ تَدَلَّى أَي زادَ فِي القُرْبِ مِنهُ كَمَّا تَقول قَدْ دَنَا فُلانُ مِنِّي
وَقرُبَ؟؟
وَالدُنُو والدُّنيا أيْضاً اسمٌ لِهذهِ الحَياةِ لبُعدِ الآخِرَةِ عَنها وسَماءُ
الدُنـيا لِقـُرْبِها مِنْ ساكِنِي الأرْضِ,, فقَـرُبَ جُبرائِيلُ مِـنَ النبِّيِِ
الكَريم حَتى زادَ في القُرْبِ وَكانَ أقرَبَ شَيءٍ إليهِ ( فَكَانَ قَابَ
قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) مِنَ النبيِِِّ الأكرَم بقـدَرِ قوْسَينِ مِـنَ الأقواسِ
التي تُسْتَعمَل عِندَ قرَيْشٍ, والقَوْسُ مَعرُوفَةٌ عِندَهُم, وَهِيَّ آلَـةُ
رَمِيِّ السِهامِ والقابُ عِندَهُم هُوَ القَدْرُ كَمَّا جاءَ التقدِيرُ لِلأطوالِِ
العَربيةِ بالقوْسِ, والرُمْحِ, والذراعِ, والبَاعِ, والخُطْوَةِ والشِبِرِ
والقوْسُ هُوَ نصْفُ الدائرةِ وبُعدِها, والقابُ عِندَهُم مابَينَ وِترِ
القوْسِِ وَمَقْبضِها,, فإذا أرادُوا قِياسَ أرْضٍ يُخْرِجُونَ قوْسَيْنِ
وَيُلْصِقُونَ إحَدَاهُما بالآخَرِ فيَكُونا قابٌ واحِدٌ,,
وَمِنْ هـذا الدِليلُ أقول: فكانَ جُبرائيلُ مُلاصِقاً للنبِّيِ مُحَمدٍ كَمَّا
يُلاصِِق القابُ القابَ مِنَ القَوْسَيْنِ, أوْ أدنِّى مِنْ ذلِك,,
وَعلى هذا نُحَذِرُ عُلَماءَ التَفسِير: بأنَ كُلَّ تَفسِيرِ يُؤُول بتَأوِّيلِهِ
زَعماً مِنهُم بِمَّا يُلاصِق القابُ القابَ مِنَ القوْسَِيْنِ بِقرْبِ مُحَمدٍ
مِنَ اللهِ فهُوَ كُفـْرٌ وافتِراءٌ,, كَمَّا دَوَنـُوا بأنَ مُحَمَداً أقتَرَبَ مِنْ
عَرْشِ اللـَّهِ فَدَخَلَهُ بَعدَ أنْ هَمَّ أنْ يَخلَعَ نَعَلَيه,, فَسَمَعَ نِداءَ الله
إلَيه وقالَ (دُسْ عَلى بِساطِنا فَلَقَد اصْطفَيْناكَ السَيْد المُفَضَل)
وَفِي كَلامِـنَّا تَعقِيبٌ وَإنـذارٌ وَالمَعنى فِيهُمَّا أقُـولُ لِلعُلَماءِ:: أنَ
المُرادَ بقُرْبِ النبِّي مِنَ اللهِ القُرْب بالذِكْرِ وَالعَمَلِ الصالِح لا قُرْبُ
الذات وَالمَكان: لأنَّ ذلِكَ مِن صِفاتِ الأجْسام وَالمُحدِثاتِ, واللهُ
يَتَعالى عَن ذلِكَ ويَتَقدَّسُ كَمَّا جاءَ فِي نَظِيرِ قولِهِ جّلَّ وَعَلا قالَ
عَـنْ ذاتِـهِ (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ
الْخَـبِيرُ) (الأنعام:103) أيْ: لا تـُحِيـطُ بِعَظمةِ اللـَّهِ تَعالى عَلى
مَا هُـوَ عَليهِ أبْصارُ الخَلائقِ في الدُنيا وَلاّ الآخِـرَةِ أبَـداً,, وكَمَّا
لا تُدركُهُ الأبْصارُ إدراكَ إحاطةُ مَكانٍ أوْ زَمانٍ بِكُنْهِهِ أوْ حَقيقتِهِ
ومَعنَّى الإدراكُ أخَـصَ على هـذا السَبيلِ مِـنْ الرُؤْيةِ التِي هـِيَّ
المُعايَنَة,, فنَفيهِ تَعالى لا يَقتَضِي نَفِي الرُؤْيةِ مِن مَخلُوقاتهِِ إذا
نفِيَّ الأخَصُ بذاتِـهِ لا يَلتزمُ نفِي الأعَـم بمَخلُوقاتِهِ,, فكَيفَ بِـنَّا
ونَحنُ لا نُدْركُ رُؤَْيةَ الشَمْس بحَِقيقتِها,, والآيةُ الكريمة تَعكِسُ
الرُؤَْيةَ بذلِك, بَلْ اللهُ (يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ) ولاّ يُدركُهُ أحَدٌ مِن خَلقِهِ
بَـلْ هُوَ يُدْركُ القـُوَةَ التِي تُدْركَ بِها المُبْصِراتِ كَوْنَهُ خالِقاً فِيها
القُوى وَالحَواس,,
وَفِي أسْماءِ اللّهِ تَعالى: البَصِيرُ, هُوَ الذِي يُشاهدُ الأشياءَ كُلََّها
ظاهِرَها وخافِيَها بغـَيرِِ جارحَةٍ, والبَصَـرُ فِـي حَقِـهِ عبارَةٌ عَـنْ
الصِّفةِ التي يَنكشِفُ بِِها نعُوت المُبْصَرَات, وفِي الحَدِيثِ بَصْـرُ
كُلَّ سَماءٍ مَسِيرَةُ خَمْسمائَةَ عامٍ, أيْ سُمْكَها وَغُلْظَها,,
فَرُؤْيَةُ العََبد مِن رَبِّـهِِ هُوَ الإيمانُ في القَلْبِ كَمَّا وَرَدَ فِي الذِكْرِ
الحَكِيمِ ( قَـدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَـرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ
عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ)(الأنعام:104)
البَصائرُ هِيَّ آياتُ القرآن وَبُرهانَهُ الذِي يَهتَدُونَ بهِ إلى صِراطِ
الحَقِ المُسْتقِيم: والبَصِيرَةُ لِلقلْـبِ بمَنزِلَةِ البَصَرِ لِلعَيْـن يُسَّمى
النُور الذِي يَبْصرُ بهِ القَلب,, فإذا أدرَكتُم آياتُ اللهِ أبْصَرتمٌوها
قلْباًَ أبْصَرتُم اللهَ مِِن إطْلاقِ إسْم المُستَبْصِرُِ عَلى البَصِير, واللهُ
تَعالى هُوَ البَصِيرُ الذِي (عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) أي: برَقِيبٍ,,
وَالمُرادُ بقرْبِ اللّهِ مِـنْ نَبيهِ مُحَمدٍ اقُـرْبُ نِعَّمِهِ, وألْطافِهِ مِـنَهُ
وَبِرَّّهُ وإحْسانَهُ إليهِ, وتَرادُفُ مِنَنَهُ عِندَهُ وفَيْض مَواهِبهُ عليه
كَمَّا يُقال صِفةُ هذِهِ الأمَّةَ في قُرْبانِهم دِماؤَهُم والقُرْبانُ مَصدرٌ
مَن قَرُبَ يَقْرُب: بَلْ يَتَقَرَّبونَ إلى اللـَّهِ تَعالى بإراقةِ دِمائِهم في
الجِهادِ وَكانَ قُرْبانُ الأمةَ أيْضاً ذَبْحُ البَقَر والغنَم والإبِل فسُمىَّ
قُرباناً, ومنهُ الحَدِيث الصَلاةُ قُرْبانَ كُـلَّ تَقِيِّ,, أيْ إنَ الأتْقِياءَ
مِنَ الناسِ يَتَقَّربونَ بِهِ إلى اللهِ, أي يَطلِبونَ القُرْبَ مِنهُ بِهِ كَما
تَقَرَبَ النبِّيُ مِنَ اللهِ بالإيمانِ,,
ومِنهُ حَدِيث الجُمْعَة: مَنْ راحَ في الساعةِ الأُولى فكَأنَما قَـرَّبَ
بُدَنَة أي كَأنما أهْدى ذلِكَ إلى اللهِ تَعالى كَما يُهْدى القُرْبان إلى
بَيْتِ اللّهِ الحَرام,,
وَمِنهُ حَدِيث المُنتَظر يَتَقارَبُ الزَمان حَتى تَكُونَ السَّنَة كَالشَّهر
أرادَ يَطِـيب الزَمان حَتى لاّ يُسْـتَطال، وَأيـام السُّرُور وَالعافِيَـة
قَصِيرَة, هُـوَ يَومَهُ كِنايَـةٌ في خرُوجِهِ عَن قِصَرِ الأعْمار وَقِلّةِ
البَركَةِ,,
وبهذا المَعنى الذِي قدَمناهُ,, ضََمَهُ جُبرائِيلُ إلى نَفسِهِ وألْطَفَـهُ
مِِن رَوْعِهِِ حَتى أفاقَ النبِّي (فَأَوْحَى) لـَهُ بأمْرِ اللهِ تَعالى ( إِلَى
عَبْدِهِ) مُحَمدٍ صَلى اللهُ عَليهِ وآلهِ (مَا أَوْحَى) مِن إعدادِ السُورِ
والآياتِ والإعراجُ بـهِ إلى السَماءِ السابِعَةِ فارْتَفعَ النبِّيُ صَلى
اللهُ عَليهِ وآلِـهِ حَتى بَلَغَ الأُفـُق الأعلى مِـنَ البَشَرِيَةِ,, وَتَـدَلَّى
جُبْريلُ عَليهِ السَلام حَتَى بَلَغ الأُفُقِ الأَدنَّى مِنْ المُلكِيَة فَتَفارَقا
عِندَ السَماءِ السابِعَةِ ولَمْ يَبْق بَيْنَهُما إلاَّ حَقِيقةُ حال المَنزِلَة,،
وعَلى هذا المَعنى فَفِي فاعِلٌ هُوَ اللهُ تَعالى قَد أوْحى إلى عَبْدِهِ
مُحَمَدٍ مِـنْ وَراءِ الحجُـبِ تَفخِيماً بَعدَمـَا إنتَهَـت مُهِمَة جُبرائِيلَ
بالإيحاءِ إليهِ,,
(وَلَقَدْ رَآهُ) أي رآى النبِّيُ صَلى اللهُ عَليهِ جبرائِيلَ مِنَ السَماءِ
السابعةِ في صُورَتهِ المَلائِكِيةِ التِي خُلقَ عليها,, ثمَ (رآهُ نَزْلَةً
أُُخْـرَى) (النجم:13) غـَيرُ التي رآى بها جُبرائِيلَ التِي أغْشِيَّ
عَليـهِ مِنْ خِلالِها فِي غـارِ حَـراء: بَـلْ رآهُ النَبِّي (عِـنْدَ سِـدْرَةِ
الْمُنْتَهَى) (النجم:14) فِي السماءِ السابعةَ لَيلَـة المِعراج مَـرَةً
ثانِيةً,, ثـُمَ رُفِـعَ النبِّيُ إلى سِـدْرةِ المُنْتهى التِي يُسْتَظَلُ تَحتَها
المَلائِكَة فِي مُنتَهى السَماواتِ السَـبْعِ, وَالسِـدْرُ: شَجَـرُ النَبـق
وَسِـدْرَةُ المُنْتهى شَجَـرةٌ في أقْصَى الجَـنةِ إلـيها يَنْتهِي عِلـُوم
الأولّينَ وَالآخرينَ, ولا يَتَعدَّاها أحَدٌ كَوْنَها مَصْدرُ الإنتهاءِ مِنْ
يَمِينِ العَرْش التِي تَنبَعُ مِن أصْلِها الأنهار فلا يَستَطيعُ الراجِل
أنْ يَسِيرَ في ظِلِها وإنْ قَطَعَ سَبعِينَ عاماً لاّ يَقطَعَها,,
وَإضافةُ السِدرَة مِِنَ النبِّيِ مِنْ إضافةِ الشَيءِ إلى مَكانِهِ,,
وسُمِيَت المُنتَهى لأنتِهاءِِ عِلُومِ الخَلائِقِ إليها كَمَّا وَصَفَها اللـَّهُ
( عِنْدَهَا جَـنَّةُ الْمَأْوَى ) وَهيَّ التِي يَـأوِيَ إلَيها المُتَقرَبِينَ مِـنَ
الإتقِياءِ وَالأوْصِياءِ: يُقال أوَى وآوَى بمَعنى واحِد, والمَقصورُ
مِنهمُا لازمٌ ومُتَعَد, مَن أوَى يَأوِي,,
ومِن المَمْدُودِ حَدِيث الدُعاء, الحَمْدُ للّهِ الذِي كَفانـَّا وَآوانَّا, أيْ
رَدَّنا إلى مَأوىً لَنَّا وَلَمْ يَجْعَلَنا مُنتَشِرينَ كَالبَهائمِِ: وَالمأوَى هُوَ
المَنزلُ, وَنسألُ الله تَعالى أنْ يَجْعَلَ مَأوانَّا جَنَةَ المَأوَى,,
وَكانَ عرَوجَهُ صَلى اللهُ عَليهِ وَآلهِ قبْلُ الهِجْرَةِ بثلاثِ سِنِين أوْ
أقـلُ مِنْ ذلِك كَمَّا جاءَ في نَصِ الآيَـة ( لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّـه
الْكُبْرَى)(النجم:18) فشاهدَّ صَلى اللهُ عَليهِ وآلِهِ رَبَّهُ بقلبِهِ مِنْ
خِلالِ تِلكَ العَجائبِ وَالمَعاجِز فِي السَمَواتِ السَبْع التِي لمْ يطلِعُ
عَليها نبِّيٌ مِنْ قبْلِهِ كَمَّا ورَدَ فِي نَظِيرِ قوْلِهِ تَعالى (إِنَّهَا لَإِحْدَى
الْكُـبَرِ ) يَعنِي: في الكَلامِ مُضافٌ غَيرُ مَحذُوفٍ تَقدِيرُهُ بشَرائعِ
دِينِ اللهِ الكُبَر التِي تَلَقاها النبِّيُ مُحَمَدٍ مِنْ ربِّـهِ لَيلةَ مِعراجِهِ,,
واللـَّهُ العالِمُ انتَهى تَفسِير الشَيخ ألحَجاري
http://i68.servimg.com/u/f68/12/08/50/06/clip_i10.gif
تقدَمَ آية الله مَحمد حسين الطباطبائي فِي تفسِيرهِ المُقتَصَر
تفسيرَهُ ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ) هَوى النفس ( إِنْ هُوَ ) أي
القرآن ( إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ) مِن اللـَّهِ ( عَلَّمَهُ ) للنبي أو القرآن
( شَدِيدُ الْقُوَى ) قيلَ هوَ جبريلُ أو اللهُ سُبحانهُ ( ذُو مِرَّةٍ ) أي
شدة أو حصافة أو مروراً بالنبي ( فَاسْتَوَى ) جبريلُ واستقامَ
على صورتهِ الأصلية التي خُلِقَ عليها ( وَهُـوَ ) أي النبي, أو
جبريلُ ( بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ) ناحية الشرق مِن السماءِ ( ثُمَّ دَنَا )
جبريلُ (فَتَدَلَّى) وتعَلقَ بالنبي لِيعرجَ بهِ إلى السماواتِ, أو إنَ
النبي دنَّى مِن ساحةِ القـربِ مِنَ اللـَّهِ ( فَكَانَ قَابَ ) أي: قـدر
(قَوْسَيْنِ) أو ذراعينِ (أَوْ أَدْنَى) مِن ذلكَ (فَأَوْحَى) اللـَّه ( إِلَى
عَبْدِهِ ) مُحمدٌ (مَا أَوْحَى) مِن الأوامرِ أو التكاليفُ أو غير ذلك
انتَهى تفسِير السَيد الطباطبائي
http://i68.servimg.com/u/f68/12/08/50/06/clip_i10.gif
http://www10.0zz0.com/2011/04/30/18/131122314.gif (http://www10.0zz0.com/2011/04/30/18/131122314.gif)