حوريه انسيه
10-11-2010, 10:59 PM
http://imagecache.te3p.com/imgcache/9317296266bd29ecec32721b12d33303.jpg
يستيقظ نبيل (4 سنوات) من نومه يبكي خائفًا وتحاول والدته تهدئته وطمأنته لكنه يقول لها إن الثعلب المكّار طرق بابه ويريد أن يلتهمه. إنه الخوف الذي ينتاب معظم الأطفال في هذه السن، ويظهر بأشكال مختلفة: الخوف من العتمة، الخوف من الحيوانات المتوحشة والأليفة، الخوف من الماء...
من المعلوم أن الخوف عند الطفل شعور طبيعي وجزء من تطوّره النفسي والعاطفي. ويرى اختصاصيو علم نفس الطفل أن الشعور بالخوف يبدأ بالظهور في سن الثمانية أشهر، ففي هذه السن يتولّد لدى الطفل قلق الانفصال عن والدته، وعندما يرى شخصاً غريباً قد يخاف، ويقال بالعامية «استغرب»، وهذا أول مظاهر الخوف العلنية عند الطفل. ففي هذه السن صارت لديه القدرة على حفظ وجوه بعض الأشخاص المقرّبين منه، وعندما يرى وجهاً غير مألوف قد يخاف ويرفض الاقتراب منه ويعبّر عن ذلك بالبكاء. وعندما يبلغ الطفل الثلاث سنوات يصبح عنده نموّ عقلي وتتطوّر عنده ملكة التخيل، فيخترع أموراً وهمية لا وجود لها في الواقع، إلا أنه في الوقت نفسه لا ينسجها من محض خياله فقط، بل يستمدها من مشاهد رآها في التلفزيون أو قصصاً قرأتها له والدته.
وقد يكون الخوف شعورًا مزمنًا يظهر من شيء أو شخص موجود في الواقع ويعتبره الطفل لسبب ما خطرًا عليه، وهذا الخوف المزمن بحسب سيغموند فرويد ثابت: فمثلاً الخوف من اللون الأسود، ومن الوحدة ومن الغرباء والأشياء الجديدة ومن الحيوانات كالكلاب... وعندما يظهر الخوف بشكل مكرر ومنظم أثناء وجود شيء ما أو في موقف محدّد مسالم، يمكن التحدّث عن الفوبيا أو الرهاب ويظهر بين الخامسة والسادسة. وإذا لاحظ الأهل أن طفلهم يعاني هذا النوع من الخوف عليهم استشارة اختصاصي نفسي لمعرفة أسباب المشكلة ومساعدة الطفل في التخلّص منها.
ويشير الاختصاصيون إلى أن بعض المخاوف تكون عادية ويجب عدم القلق منها. فالطفل الرضيع يخاف من الضجيج المفاجئ، والطفل الصغير يخاف من الانفصال عن والديه، والخوف من الغرباء يظهر في الشهر الثامن. وفي السنة الأولى يخاف الطفل من صوت المكنسة الكهربائية، ورنين الهاتف... في الثانية يخاف الطفل من الضجيج القوي مثل صوت الإسعاف ونباح الكلب... في الثالثة يبدأ الطفل يخاف من الحيوانات، خصوصًا إذا كان سلوك الحيوان الأليف عدوانيًا ومن الطبيعي أن يخاف منه الطفل.
http://imagecache.te3p.com/imgcache/12eddc4202433f37b7e2ca574ff9ac9f.jpg
الخوف من الظُلمة لأنها تجعله تائهًا
من النادر أن نجد طفلاً لا يخاف من الظُلمة. ويظهر هذا الخوف بشكل متكرر بين الثانية والخامسة، وتكرس هذا القلق أمور مختلفة. ففي العتمة يستحيل على الطفل إيجاد لعبته المفضّلة والسيطرة على محيطه، والتأكد من أن الوحش لا يطوف في أرجاء غرفته. كما أنه في العتمة لا يستطيع أن يعرف مكان سريره أو التوجه إلى الحمام. وتصبح العتمة بالنسبة إلى الطفل شركًا كبيرًا يباغته ليجد نفسه في وسطه مجرّدًا من أسلحة الأمان. فهو ينام بصعوبة، وعندما يستيقظ ليلاً باكيًا ينادي أمه لإنقاذه من العتمة. عندها على الأم أن تتوجه مباشرة إلى غرفته وتشعل النور، وإذا أخبرها أن الساحرة تختبئ وراء الستارة عليها أن تمسكه بيدها و تتأكد معه أن لا وجود للساحرة خلف الستارة ثم تحضنه وتطمئنه وتعيده إلى النوم.
وينصح الاختصاصيون الأم أن تضع في غرفة طفلها مصباحًا خافت الضوء أو أن تُبقي رواق غرف النوم مضاءً على أن تترك باب غرفة الطفل مفتوحًا قليلاً. فبين العتمة والنور الخافت جدًا فارق كبير، العتمة تسبب القلق، والنور الخافت يمنح الطمأنينة.
التآلف مع الخوف حتى يتمكن الطفل من تخطيه
يرى الاختصاصيون أن التحدي الحقيقي للأم يكمن في مساعدة طفلها في التآلف مع الخوف والانتصار عليه. ويحدث هذا عبر الحوار معه، وتحديد أسباب التوتر، وأخذ الأمر على محمل الجد من دون جعله دراماتيكيًا، وحض الطفل على إيجاد أجوبة عن أسئلته. ويكون ذلك بالطلب منه وصف خوفه من أجل تحديده. وعليها أن تظهر له أنها تفهم مخاوفه من دون أن تتبنّاها أو تُشعره بأنها خائفة مثله، فبدل أن تقول له مثلاً: «أنا أيضًا أشعر بالخوف من كذا»، وبالتالي تعزّز خوفه، عليها أن تتذكر أحد مخاوفها التي لا تشبه مخاوفه ، مما يشعره بأنه قوي. ويمكنها أن تذكّره بخوف شعر به في الماضي وعرف كيف يتخطّاه، مثلا النوم في بيت الجدة أو السباحة في البحر خلال العطلة، وتتيح له الوقت ليتذكر بنفسه كيف استطاع التغلب على خوفه في تلك الفترة.
وعند المساء ساعة الذهاب إلى السرير، يمكن أن تغني الأم والطفل معًا أغنية تتحدث عن الانتصار على الخوف مما يساعده في استخراج خوفه. كما يمكن الأم أن توفّر في غرفة طفلها نقاط مرجع يمكنه اللجوء إليها عند الحاجة، كأن يكون زر تشغيل النور في متناول يده: «إذا رغبت في النور يمكنك إشعاله بهذه الطريقة». ويشير الاختصاصييون إلى أنه من الطبيعي ألا تتبدد مخاوف الطفل بين ليلة وضحاها، ولكن بهذه الطريقة يمكن الطفل الانتصار على مخاوفه كي يتقدم بشكل هادئ في حياته.
الخوف من الوحوشالساحرة الشريرة والثعلب الخبيث... يحب الأطفال قراءة القصص التي تثير الخوف فيهم، وإن كانت هذه القصص أخافت أهلهم عندما كانوا صغارًا. ورغم ذلك فإن هذا الميل للشعور بقشعريرة الخوف أمر طبيعي جدًا، ولا داعي للقلق. فالخوف هو جزء من مراحل النمو النفسي عند الطفل، إلى درجة معينة. و إذا نتج عن هذا الخوف كوابيس وقلق نهاري، فهذا مؤشر لأن هذه القصة أثارت خوفًا دفينًا عند الطفل. وعمومًا يكفي عدم المبالغة بجعل الأمر دراماتيكيًا والتركيز على الشخصية الخيالية الموجودة في القصة.
لماذا يحب الأطفال هذا النوع من القصص؟
يرغب جميع الأهل في حماية أطفالهم من الألم والحزن، فمن منا لم يحاول أن يخفي أو يحوّر فكرة موت أحد الأقارب، بالإدعاء أنه سافر إلى بلاد بعيدة. ورغم محاولات محيط الطفل الاجتماعي فإنه لا يستطيع تجنب الخوف، فيقلق من خلاف والديه، أو هموم سببها العمل، أو ببساطة يسأل عن الضجيج الغريب الذي يسمعه ليلاً. إذا اتصاله بالواقع ليس مطمئنًا بالضرورة، وهو في حاجة إلى اختراع عالم حيث يكون فيه السيد ويمارس كل سلطته، من ضمنها مخاوفه. والقصص التي تتحدث عن الساحرة والأشرار تساعد الطفل في السيطرة على المتخيّل. إذ تظهر التحليلات النفسية لقصص أدب الطفل الكلاسيكية، أن هذه القصص لا ترعب الطفل بل تعزز هيكلية تفكيره بإخباره عما يمكن مواجهته من صعاب.وهي طريقة للتآلف مع المخاوف الواقعية. ومهما كانت القصة تتضمن من ساحرات وأشرار، فإن شخصيات القصص الخيالية تستجيب بطريقة محددة لقلق الأطفال. الملك والملكة هما الوالدان الطيّبان اللذان يحميان ابنهما، وزوجة الأب و الوحش هما جزء من خيال الطفل الذي يرى الأهل أحيانًا أشرارًا ويسببون له توترًا.
ويشعر الطفل بالسعادة أيضًا عندما تكون الخاتمة سعيدة بالنسبة إلى شخص عاثر الحظ. ويعيش حالة من التغيير عندما يتماهى مع بطل القصة، ففي خياله ينتصر على الأشرار وقوى الشر. إذًا الطفل يتمتع بالخوف الذي يكون من فعله لأنه يدرك تمامًا أنه يسيطر عليه.
ما الفارق بين قصص أدب الأطفال الخيالية وقصص الرعب؟
هناك فارق كبير وعميق بين قصص أدب الأطفال الكلاسيكية وبين القصص الخيالية المرعبة التي تقشعر لها الأبدان ، فهذه القصص تدخل الطفل القارئ في نظام تفكير يكون اللاواقعي فيه موازيًا للواقعي. وفجأة يؤمن الطفل بوجود كون مليء بالمخلوقات غير المرئية والشريرة، مما يجعله قلقًا. وانجذابه إلى هذا النوع من القراءات يعبّر عن رغبة دفينة في الوصول إلى حقيقة مخفية أكثر من متعة افتعال الخوف، وعلى الأهل أن يذكّروا أطفالهم بأن هناك قصة مخترعة في النوعين.
الخوف من الحيوانات الأليفة
يعتبر الخوف من الحيوانات مشكلة يعاني منها الكثير من الأطفال. فالخوف عند طفل كما ذكرنا سابقًا يظهر في سن صغيرة جدًا، وهو مع ذلك شعور إيجابي يسمح له بتفادي العديد من الحوادث. ويصعب تحديد متى يتخطى الخوف حدوده الطبيعية، ولكن يمكن الإقرار بأن الخوف هو محرك دفاعي طبيعي، ويصبح مرضيًا عندما يرافقه قلق عميق. فبعض المخاوف تكون تلقائية، وبعضها يترجم خوف الأهل الذي ينتقل إلى الأبناء. ويخاف الطفل من الكلب لأنه يكبره حجمًا، ويخاف من نباحه، كما يمكن أن يكون خوفه ناتجًا عن خوف مخفي عند الأهل من أن يقترب طفلهم من الكلب. صحيح أنه من الصعب أن يخفي الأهل ردة فعلهم، لكن يمكنهم تبرير موقفهم و شرح سبب الخوف من الكلب . كأن يقول له والده «أنا لا أخاف من الكلب لكنه يزعجني». وهذا قلق مشروع، فالطفل قد يخاطر بإزعاج الكلب الذي تكون ردة فعله أحيانًا خطرة على حياة الطفل.
ويحدث أحياناً أن يعزز الأهل الخوف عند الطفل من الحيوانات بسبب الممارسات الخاطئة وغير المقصودة في التربية. فمثلاً عندما يخاف طفل من القط يقول له والده أنت جبان، وقد يقرّبه بالقوة من القط الذي قد يخدشه مما يزيده خوفاً منه لأنه تأذى. وقد ينتج عن ذلك عدم ثقة الطفل بوالده، لأنه سبّب له الأذى في الوقت الذي يجب أن يحميه.
http://imagecache.te3p.com/imgcache/501e09bf806b9b1626d5252a5841049a.jpg
الخوف من الماء الماء عنصر حيوي يعرفه الطفل جيّدًا، فهو عاش فيه تسعة أشهر حين كان جنينًا، لذا يثير فيه إحساسًا رائعًا عندما يلامس بشرته و يمنحه شعورًا بالأمان. وبذلك يكون الاتصال الأول مع الماء بعد الولادة مصدر متعة كبيرة، وتلاحظ الأم ذلك منذ حمام الطفل الأوّل. ومع ذلك يشعر بعض الأطفال بالخوف عند الاقتراب من البحر ويبدو أنهم يكرهونه، وينتابهم خوف رهيب من هدير الأمواج والنشاطات البحرية، وصيحات الأطفال، فضلاً عن أن قلق الأهل على الطفل أثناء اقترابه من البحر يعزز خوفه. أما أسباب هذا الرعب فعديدة، وذكرى مؤلمة تكون كافية لظهور هذا الخوف الذي لا يستطيع الطفل تخطيه. مثلاً ربما يكون الطفل قد ابتلع ماء أثناء استحمامه أو أثناء تعليمه السباحة أو ربما سمع عن حادثة غرق أودت بحياة أحدهم...
ويمكن الأهل مساعدة طفلهم في تخطي هذا الخوف. في البداية لا يجوز أبدًا رمي الطفل في حوض السباحة أو في البحر بل عليهم أخذ الوقت في تعويده تدريجًا ومصالحته مع الماء، باللعب معه على مقربة من الشاطئ، أو حفر حفرة في رمال الشاطئ وملء الدلو بالماء وإفراغه فيها، الغناء مع الطفل أثناء اللعب على الشاطئ... ومن حيث لا يدري يتآلف الطفل مع البحر ويقترب منه تلقائيًا.
ويمكن التحدث مع الطفل عمّا يشعر به اثناء اقترابه من الماء.هل برودة الماء تجعله ينفر منها؟ فإذا كان هذا هو السبب يمكن الأم والطفل ملء حوض مطاطي بماء البحر يجلس فيه الطفل، ويلعب.
http://imagecache.te3p.com/imgcache/7f5a2dd4af6372d0bef5ec2b29cae907.jpg
هل الملح الذي يجف على بشرته يثير فيه شعورًا بالاحتراق؟
عندها على الأم أن تذهب إلى شاطئ مجهّز في شكل جيد حيث يمكن أخذ حمّام بعد السباحة، أو تأخذ معها زجاجة ماء ترشه على الطفل بعد خروجه من البحر. ومهما كان سبب المشكلة يجب أن يكون اكتشاف الماء عن طريق اللعب والمتعة.
http://imagecache.te3p.com/imgcache/14999ac0155a8b0c6763e8cb59860680.jpg
الخوف من خسارة المركزقد يكون الخوف عند الطفل أحياناً سبب قلقه من خسارة مركزه في العائلة. فعند قدوم مولود من الطبيعي أن يحوز اهتمام الأهل، غير أن الطفل لا يستطيع تفهّم هذا الأمر ويشعر بأن هذا الصغير جاء ليحتل مكانه، مما يشعره بالقلق الذي قد يعبّر عنه بنوبات الخوف التي تنتابه، كأن يستيقظ في الليل خائفاً مدعياً، إذا صح التعبير، أن شبحاً يريد أن يخنقه أو أن ألعابه تنظر إليه ويصرّ على أن ينام في غرفة والديه. فهو بذلك يبعث رسالة إلى أهله مفادها ضرورة الاهتمام به دون أن يعي ذلك. ومن الملاحظ بحسب اختصاصيي علم نفس الطفل أن معظم الأطفال الذين يزورن عياداتهم لا يبدو عليهم الخوف أثناء روايتهم الأحداث التي تحصل معهم في الليل. فإذا سُئل طفل مثلاً :ما بك؟ يردّ وهو مبتسم: «أخاف عندما أكون وحدي في غرفتي، وأشعر بأن الذئب سوف يأتي ليلتهمني. لكنه يذهب بمجرد أن تدخل والدتي إلى الغرفة». هذا النوع من الخوف ينتمي إلى خيال الطفل الذي يجد فيه وسيلة ممكنة لحل مشكلة يعانيها لكنه لا يدرك ذلك. ودور الأهل أن يُشعروا الطفل بالطمأنينة وأنهم دائماً بقربه لحمايته، ويؤكدوا له محبتهم. فمثلاً حين يقول الطفل أنه رأى ذئباً في غرفته يريد أن يلتهمه، يمكن الأم أن تقول له «الذئب أكل ليلى في القصة لكنه لا يمكن أن يأتي إلى غرفتك لأن المنزل بعيد عن الغابة وأبوابه موصدة ولا يمكنه الدخول».
http://imagecache.te3p.com/imgcache/34e6364c419993aa4411966ab1ec5e8c.jpg
هل يمكن أن يتحوّل خوف الطفل إلى فوبيا؟
نعم، يمكن أن تظهر أحيانًا عند الطفل فوبيا أو رهاب. أكثرها شيوعًا الفوبيا المدرسية أو الرهاب المدرسي، وسببه الخوف من موقف محدد يحدث في المدرسة وأحيانًا من المسافة بين البيت والمدرسة، فقد تحصل مشكلة أثناء ذهاب الطفل إلى المدرسة، كالتعرّض لحادث سير مثلاً، تسبب للطفل رهابًا مدرسيًا يجعله يواجه قلقًا وتوترًا شديدين في كل مرة يذهب فيها إلى المدرسة. ويظهر هذا الرهاب على شكل مرض جسدي، فعند الصباح يشكو الطفل ألمًا شديدًا في معدته وهو ألم حقيقي لا يدّعيه إنما شعور حقيقي رغم أنه لا أسباب طبية له. لذا ينصح الأهل باصطحاب الطفل إلى الطبيب أوّلاً للتأكد من الأمر ثم مرافقته إلى المدرسة والبقاء معه مدة ساعة أو ساعتين لطمأنته. ويشير الاختصاصيون إلى أن الطفل أحيانًا لا يخاف فعلاً من المدرسة وإنما لا يريد ترك مكان يشكّل بالنسبة إليه صمّام أمان، وهذا خوف من الانفصال. فقلق الطفل من الانفصال عن أهله يرهبه لذا يكون الحل في تعويد الطفل على الانفصال تدريجيًا، كأن تتركه والدته عند جدّته نصف ساعة، أويمكنها إشراكه في نشاط رياضي مدته ساعة، وهكذا إلى أن يعتاد الانفصال الموقت ويفهمه. فهو بعد عودته يجد والدته في انتظاره مما يبدد خوفه من أنه لن يراها مجدّدًا.
ويشير الاختصاصيون إلى إن معظم الأطفال الذين يأتون إلى عياداتهم ويعانون الخوف، هم من الذكور. والسبب أن الأهل يعتقدون أن الصبي يجب أن يتمتّع بصفة القوة والشجاعة في حين أن البنت في رأيهم ليس معيباً أن تخاف من الحيوانات أو من القفز في حوض السباحة. لذا ينصح اختصاصيو علم نفس الطفل الأهل بعدم التمييز بين خوف البنت وخوف الصبي فكلاهما في حاجة إلى الشعور بالأمان والطمأنينة.
وأخيراً يشدد الاختصاصيون على أن السنوات الأولى من حياة الطفل هي مرحلة اكتشاف يحاول فيها التعرف إلى محيطه، ومن الطبيعي أن يشعر بالخوف وأن يكون حذراً من كل ما هو غامض بالنسبة إليه. ودور الأهل مساعدته في تخطي كل الصعاب التي يواجهها.
m :1 (51):k
يستيقظ نبيل (4 سنوات) من نومه يبكي خائفًا وتحاول والدته تهدئته وطمأنته لكنه يقول لها إن الثعلب المكّار طرق بابه ويريد أن يلتهمه. إنه الخوف الذي ينتاب معظم الأطفال في هذه السن، ويظهر بأشكال مختلفة: الخوف من العتمة، الخوف من الحيوانات المتوحشة والأليفة، الخوف من الماء...
من المعلوم أن الخوف عند الطفل شعور طبيعي وجزء من تطوّره النفسي والعاطفي. ويرى اختصاصيو علم نفس الطفل أن الشعور بالخوف يبدأ بالظهور في سن الثمانية أشهر، ففي هذه السن يتولّد لدى الطفل قلق الانفصال عن والدته، وعندما يرى شخصاً غريباً قد يخاف، ويقال بالعامية «استغرب»، وهذا أول مظاهر الخوف العلنية عند الطفل. ففي هذه السن صارت لديه القدرة على حفظ وجوه بعض الأشخاص المقرّبين منه، وعندما يرى وجهاً غير مألوف قد يخاف ويرفض الاقتراب منه ويعبّر عن ذلك بالبكاء. وعندما يبلغ الطفل الثلاث سنوات يصبح عنده نموّ عقلي وتتطوّر عنده ملكة التخيل، فيخترع أموراً وهمية لا وجود لها في الواقع، إلا أنه في الوقت نفسه لا ينسجها من محض خياله فقط، بل يستمدها من مشاهد رآها في التلفزيون أو قصصاً قرأتها له والدته.
وقد يكون الخوف شعورًا مزمنًا يظهر من شيء أو شخص موجود في الواقع ويعتبره الطفل لسبب ما خطرًا عليه، وهذا الخوف المزمن بحسب سيغموند فرويد ثابت: فمثلاً الخوف من اللون الأسود، ومن الوحدة ومن الغرباء والأشياء الجديدة ومن الحيوانات كالكلاب... وعندما يظهر الخوف بشكل مكرر ومنظم أثناء وجود شيء ما أو في موقف محدّد مسالم، يمكن التحدّث عن الفوبيا أو الرهاب ويظهر بين الخامسة والسادسة. وإذا لاحظ الأهل أن طفلهم يعاني هذا النوع من الخوف عليهم استشارة اختصاصي نفسي لمعرفة أسباب المشكلة ومساعدة الطفل في التخلّص منها.
ويشير الاختصاصيون إلى أن بعض المخاوف تكون عادية ويجب عدم القلق منها. فالطفل الرضيع يخاف من الضجيج المفاجئ، والطفل الصغير يخاف من الانفصال عن والديه، والخوف من الغرباء يظهر في الشهر الثامن. وفي السنة الأولى يخاف الطفل من صوت المكنسة الكهربائية، ورنين الهاتف... في الثانية يخاف الطفل من الضجيج القوي مثل صوت الإسعاف ونباح الكلب... في الثالثة يبدأ الطفل يخاف من الحيوانات، خصوصًا إذا كان سلوك الحيوان الأليف عدوانيًا ومن الطبيعي أن يخاف منه الطفل.
http://imagecache.te3p.com/imgcache/12eddc4202433f37b7e2ca574ff9ac9f.jpg
الخوف من الظُلمة لأنها تجعله تائهًا
من النادر أن نجد طفلاً لا يخاف من الظُلمة. ويظهر هذا الخوف بشكل متكرر بين الثانية والخامسة، وتكرس هذا القلق أمور مختلفة. ففي العتمة يستحيل على الطفل إيجاد لعبته المفضّلة والسيطرة على محيطه، والتأكد من أن الوحش لا يطوف في أرجاء غرفته. كما أنه في العتمة لا يستطيع أن يعرف مكان سريره أو التوجه إلى الحمام. وتصبح العتمة بالنسبة إلى الطفل شركًا كبيرًا يباغته ليجد نفسه في وسطه مجرّدًا من أسلحة الأمان. فهو ينام بصعوبة، وعندما يستيقظ ليلاً باكيًا ينادي أمه لإنقاذه من العتمة. عندها على الأم أن تتوجه مباشرة إلى غرفته وتشعل النور، وإذا أخبرها أن الساحرة تختبئ وراء الستارة عليها أن تمسكه بيدها و تتأكد معه أن لا وجود للساحرة خلف الستارة ثم تحضنه وتطمئنه وتعيده إلى النوم.
وينصح الاختصاصيون الأم أن تضع في غرفة طفلها مصباحًا خافت الضوء أو أن تُبقي رواق غرف النوم مضاءً على أن تترك باب غرفة الطفل مفتوحًا قليلاً. فبين العتمة والنور الخافت جدًا فارق كبير، العتمة تسبب القلق، والنور الخافت يمنح الطمأنينة.
التآلف مع الخوف حتى يتمكن الطفل من تخطيه
يرى الاختصاصيون أن التحدي الحقيقي للأم يكمن في مساعدة طفلها في التآلف مع الخوف والانتصار عليه. ويحدث هذا عبر الحوار معه، وتحديد أسباب التوتر، وأخذ الأمر على محمل الجد من دون جعله دراماتيكيًا، وحض الطفل على إيجاد أجوبة عن أسئلته. ويكون ذلك بالطلب منه وصف خوفه من أجل تحديده. وعليها أن تظهر له أنها تفهم مخاوفه من دون أن تتبنّاها أو تُشعره بأنها خائفة مثله، فبدل أن تقول له مثلاً: «أنا أيضًا أشعر بالخوف من كذا»، وبالتالي تعزّز خوفه، عليها أن تتذكر أحد مخاوفها التي لا تشبه مخاوفه ، مما يشعره بأنه قوي. ويمكنها أن تذكّره بخوف شعر به في الماضي وعرف كيف يتخطّاه، مثلا النوم في بيت الجدة أو السباحة في البحر خلال العطلة، وتتيح له الوقت ليتذكر بنفسه كيف استطاع التغلب على خوفه في تلك الفترة.
وعند المساء ساعة الذهاب إلى السرير، يمكن أن تغني الأم والطفل معًا أغنية تتحدث عن الانتصار على الخوف مما يساعده في استخراج خوفه. كما يمكن الأم أن توفّر في غرفة طفلها نقاط مرجع يمكنه اللجوء إليها عند الحاجة، كأن يكون زر تشغيل النور في متناول يده: «إذا رغبت في النور يمكنك إشعاله بهذه الطريقة». ويشير الاختصاصييون إلى أنه من الطبيعي ألا تتبدد مخاوف الطفل بين ليلة وضحاها، ولكن بهذه الطريقة يمكن الطفل الانتصار على مخاوفه كي يتقدم بشكل هادئ في حياته.
الخوف من الوحوشالساحرة الشريرة والثعلب الخبيث... يحب الأطفال قراءة القصص التي تثير الخوف فيهم، وإن كانت هذه القصص أخافت أهلهم عندما كانوا صغارًا. ورغم ذلك فإن هذا الميل للشعور بقشعريرة الخوف أمر طبيعي جدًا، ولا داعي للقلق. فالخوف هو جزء من مراحل النمو النفسي عند الطفل، إلى درجة معينة. و إذا نتج عن هذا الخوف كوابيس وقلق نهاري، فهذا مؤشر لأن هذه القصة أثارت خوفًا دفينًا عند الطفل. وعمومًا يكفي عدم المبالغة بجعل الأمر دراماتيكيًا والتركيز على الشخصية الخيالية الموجودة في القصة.
لماذا يحب الأطفال هذا النوع من القصص؟
يرغب جميع الأهل في حماية أطفالهم من الألم والحزن، فمن منا لم يحاول أن يخفي أو يحوّر فكرة موت أحد الأقارب، بالإدعاء أنه سافر إلى بلاد بعيدة. ورغم محاولات محيط الطفل الاجتماعي فإنه لا يستطيع تجنب الخوف، فيقلق من خلاف والديه، أو هموم سببها العمل، أو ببساطة يسأل عن الضجيج الغريب الذي يسمعه ليلاً. إذا اتصاله بالواقع ليس مطمئنًا بالضرورة، وهو في حاجة إلى اختراع عالم حيث يكون فيه السيد ويمارس كل سلطته، من ضمنها مخاوفه. والقصص التي تتحدث عن الساحرة والأشرار تساعد الطفل في السيطرة على المتخيّل. إذ تظهر التحليلات النفسية لقصص أدب الطفل الكلاسيكية، أن هذه القصص لا ترعب الطفل بل تعزز هيكلية تفكيره بإخباره عما يمكن مواجهته من صعاب.وهي طريقة للتآلف مع المخاوف الواقعية. ومهما كانت القصة تتضمن من ساحرات وأشرار، فإن شخصيات القصص الخيالية تستجيب بطريقة محددة لقلق الأطفال. الملك والملكة هما الوالدان الطيّبان اللذان يحميان ابنهما، وزوجة الأب و الوحش هما جزء من خيال الطفل الذي يرى الأهل أحيانًا أشرارًا ويسببون له توترًا.
ويشعر الطفل بالسعادة أيضًا عندما تكون الخاتمة سعيدة بالنسبة إلى شخص عاثر الحظ. ويعيش حالة من التغيير عندما يتماهى مع بطل القصة، ففي خياله ينتصر على الأشرار وقوى الشر. إذًا الطفل يتمتع بالخوف الذي يكون من فعله لأنه يدرك تمامًا أنه يسيطر عليه.
ما الفارق بين قصص أدب الأطفال الخيالية وقصص الرعب؟
هناك فارق كبير وعميق بين قصص أدب الأطفال الكلاسيكية وبين القصص الخيالية المرعبة التي تقشعر لها الأبدان ، فهذه القصص تدخل الطفل القارئ في نظام تفكير يكون اللاواقعي فيه موازيًا للواقعي. وفجأة يؤمن الطفل بوجود كون مليء بالمخلوقات غير المرئية والشريرة، مما يجعله قلقًا. وانجذابه إلى هذا النوع من القراءات يعبّر عن رغبة دفينة في الوصول إلى حقيقة مخفية أكثر من متعة افتعال الخوف، وعلى الأهل أن يذكّروا أطفالهم بأن هناك قصة مخترعة في النوعين.
الخوف من الحيوانات الأليفة
يعتبر الخوف من الحيوانات مشكلة يعاني منها الكثير من الأطفال. فالخوف عند طفل كما ذكرنا سابقًا يظهر في سن صغيرة جدًا، وهو مع ذلك شعور إيجابي يسمح له بتفادي العديد من الحوادث. ويصعب تحديد متى يتخطى الخوف حدوده الطبيعية، ولكن يمكن الإقرار بأن الخوف هو محرك دفاعي طبيعي، ويصبح مرضيًا عندما يرافقه قلق عميق. فبعض المخاوف تكون تلقائية، وبعضها يترجم خوف الأهل الذي ينتقل إلى الأبناء. ويخاف الطفل من الكلب لأنه يكبره حجمًا، ويخاف من نباحه، كما يمكن أن يكون خوفه ناتجًا عن خوف مخفي عند الأهل من أن يقترب طفلهم من الكلب. صحيح أنه من الصعب أن يخفي الأهل ردة فعلهم، لكن يمكنهم تبرير موقفهم و شرح سبب الخوف من الكلب . كأن يقول له والده «أنا لا أخاف من الكلب لكنه يزعجني». وهذا قلق مشروع، فالطفل قد يخاطر بإزعاج الكلب الذي تكون ردة فعله أحيانًا خطرة على حياة الطفل.
ويحدث أحياناً أن يعزز الأهل الخوف عند الطفل من الحيوانات بسبب الممارسات الخاطئة وغير المقصودة في التربية. فمثلاً عندما يخاف طفل من القط يقول له والده أنت جبان، وقد يقرّبه بالقوة من القط الذي قد يخدشه مما يزيده خوفاً منه لأنه تأذى. وقد ينتج عن ذلك عدم ثقة الطفل بوالده، لأنه سبّب له الأذى في الوقت الذي يجب أن يحميه.
http://imagecache.te3p.com/imgcache/501e09bf806b9b1626d5252a5841049a.jpg
الخوف من الماء الماء عنصر حيوي يعرفه الطفل جيّدًا، فهو عاش فيه تسعة أشهر حين كان جنينًا، لذا يثير فيه إحساسًا رائعًا عندما يلامس بشرته و يمنحه شعورًا بالأمان. وبذلك يكون الاتصال الأول مع الماء بعد الولادة مصدر متعة كبيرة، وتلاحظ الأم ذلك منذ حمام الطفل الأوّل. ومع ذلك يشعر بعض الأطفال بالخوف عند الاقتراب من البحر ويبدو أنهم يكرهونه، وينتابهم خوف رهيب من هدير الأمواج والنشاطات البحرية، وصيحات الأطفال، فضلاً عن أن قلق الأهل على الطفل أثناء اقترابه من البحر يعزز خوفه. أما أسباب هذا الرعب فعديدة، وذكرى مؤلمة تكون كافية لظهور هذا الخوف الذي لا يستطيع الطفل تخطيه. مثلاً ربما يكون الطفل قد ابتلع ماء أثناء استحمامه أو أثناء تعليمه السباحة أو ربما سمع عن حادثة غرق أودت بحياة أحدهم...
ويمكن الأهل مساعدة طفلهم في تخطي هذا الخوف. في البداية لا يجوز أبدًا رمي الطفل في حوض السباحة أو في البحر بل عليهم أخذ الوقت في تعويده تدريجًا ومصالحته مع الماء، باللعب معه على مقربة من الشاطئ، أو حفر حفرة في رمال الشاطئ وملء الدلو بالماء وإفراغه فيها، الغناء مع الطفل أثناء اللعب على الشاطئ... ومن حيث لا يدري يتآلف الطفل مع البحر ويقترب منه تلقائيًا.
ويمكن التحدث مع الطفل عمّا يشعر به اثناء اقترابه من الماء.هل برودة الماء تجعله ينفر منها؟ فإذا كان هذا هو السبب يمكن الأم والطفل ملء حوض مطاطي بماء البحر يجلس فيه الطفل، ويلعب.
http://imagecache.te3p.com/imgcache/7f5a2dd4af6372d0bef5ec2b29cae907.jpg
هل الملح الذي يجف على بشرته يثير فيه شعورًا بالاحتراق؟
عندها على الأم أن تذهب إلى شاطئ مجهّز في شكل جيد حيث يمكن أخذ حمّام بعد السباحة، أو تأخذ معها زجاجة ماء ترشه على الطفل بعد خروجه من البحر. ومهما كان سبب المشكلة يجب أن يكون اكتشاف الماء عن طريق اللعب والمتعة.
http://imagecache.te3p.com/imgcache/14999ac0155a8b0c6763e8cb59860680.jpg
الخوف من خسارة المركزقد يكون الخوف عند الطفل أحياناً سبب قلقه من خسارة مركزه في العائلة. فعند قدوم مولود من الطبيعي أن يحوز اهتمام الأهل، غير أن الطفل لا يستطيع تفهّم هذا الأمر ويشعر بأن هذا الصغير جاء ليحتل مكانه، مما يشعره بالقلق الذي قد يعبّر عنه بنوبات الخوف التي تنتابه، كأن يستيقظ في الليل خائفاً مدعياً، إذا صح التعبير، أن شبحاً يريد أن يخنقه أو أن ألعابه تنظر إليه ويصرّ على أن ينام في غرفة والديه. فهو بذلك يبعث رسالة إلى أهله مفادها ضرورة الاهتمام به دون أن يعي ذلك. ومن الملاحظ بحسب اختصاصيي علم نفس الطفل أن معظم الأطفال الذين يزورن عياداتهم لا يبدو عليهم الخوف أثناء روايتهم الأحداث التي تحصل معهم في الليل. فإذا سُئل طفل مثلاً :ما بك؟ يردّ وهو مبتسم: «أخاف عندما أكون وحدي في غرفتي، وأشعر بأن الذئب سوف يأتي ليلتهمني. لكنه يذهب بمجرد أن تدخل والدتي إلى الغرفة». هذا النوع من الخوف ينتمي إلى خيال الطفل الذي يجد فيه وسيلة ممكنة لحل مشكلة يعانيها لكنه لا يدرك ذلك. ودور الأهل أن يُشعروا الطفل بالطمأنينة وأنهم دائماً بقربه لحمايته، ويؤكدوا له محبتهم. فمثلاً حين يقول الطفل أنه رأى ذئباً في غرفته يريد أن يلتهمه، يمكن الأم أن تقول له «الذئب أكل ليلى في القصة لكنه لا يمكن أن يأتي إلى غرفتك لأن المنزل بعيد عن الغابة وأبوابه موصدة ولا يمكنه الدخول».
http://imagecache.te3p.com/imgcache/34e6364c419993aa4411966ab1ec5e8c.jpg
هل يمكن أن يتحوّل خوف الطفل إلى فوبيا؟
نعم، يمكن أن تظهر أحيانًا عند الطفل فوبيا أو رهاب. أكثرها شيوعًا الفوبيا المدرسية أو الرهاب المدرسي، وسببه الخوف من موقف محدد يحدث في المدرسة وأحيانًا من المسافة بين البيت والمدرسة، فقد تحصل مشكلة أثناء ذهاب الطفل إلى المدرسة، كالتعرّض لحادث سير مثلاً، تسبب للطفل رهابًا مدرسيًا يجعله يواجه قلقًا وتوترًا شديدين في كل مرة يذهب فيها إلى المدرسة. ويظهر هذا الرهاب على شكل مرض جسدي، فعند الصباح يشكو الطفل ألمًا شديدًا في معدته وهو ألم حقيقي لا يدّعيه إنما شعور حقيقي رغم أنه لا أسباب طبية له. لذا ينصح الأهل باصطحاب الطفل إلى الطبيب أوّلاً للتأكد من الأمر ثم مرافقته إلى المدرسة والبقاء معه مدة ساعة أو ساعتين لطمأنته. ويشير الاختصاصيون إلى أن الطفل أحيانًا لا يخاف فعلاً من المدرسة وإنما لا يريد ترك مكان يشكّل بالنسبة إليه صمّام أمان، وهذا خوف من الانفصال. فقلق الطفل من الانفصال عن أهله يرهبه لذا يكون الحل في تعويد الطفل على الانفصال تدريجيًا، كأن تتركه والدته عند جدّته نصف ساعة، أويمكنها إشراكه في نشاط رياضي مدته ساعة، وهكذا إلى أن يعتاد الانفصال الموقت ويفهمه. فهو بعد عودته يجد والدته في انتظاره مما يبدد خوفه من أنه لن يراها مجدّدًا.
ويشير الاختصاصيون إلى إن معظم الأطفال الذين يأتون إلى عياداتهم ويعانون الخوف، هم من الذكور. والسبب أن الأهل يعتقدون أن الصبي يجب أن يتمتّع بصفة القوة والشجاعة في حين أن البنت في رأيهم ليس معيباً أن تخاف من الحيوانات أو من القفز في حوض السباحة. لذا ينصح اختصاصيو علم نفس الطفل الأهل بعدم التمييز بين خوف البنت وخوف الصبي فكلاهما في حاجة إلى الشعور بالأمان والطمأنينة.
وأخيراً يشدد الاختصاصيون على أن السنوات الأولى من حياة الطفل هي مرحلة اكتشاف يحاول فيها التعرف إلى محيطه، ومن الطبيعي أن يشعر بالخوف وأن يكون حذراً من كل ما هو غامض بالنسبة إليه. ودور الأهل مساعدته في تخطي كل الصعاب التي يواجهها.
m :1 (51):k