عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 08-07-2011, 06:42 PM
الشيخ الحجاري الرميثي الشيخ الحجاري الرميثي غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
الدولة: 1956
العمر: 69
المشاركات: 28
معدل تقييم المستوى: 0
الشيخ الحجاري الرميثي is on a distinguished road

Icon30 أكثر أسباب الجَلْطة وأمراض القَلب وضِيق النفس مِن تَعاطِي الرِّبا: تفسِير الحَجاري


الجِزءُ الثانِي فِي تَفسِير آيَة الرِّبا
******************

وَفِي الحَدِيثِ ما خالَطَـت الصَدقـَةُ مالاً إِلاَّ أَهْلَكَتهُ,, بَـلْ هُـوَ حَـضٌّ عَلى

تَعجيلِ الزَكاةِ مِن قبْلُ أَنْ تَختلِطَ بالمالِ ألرَبوي بعدَ وجُوبِها فِيهِ فتذهبُ

بهِ كَمّا وَردَ بِهلاكِهِم قرآناً وَقالَ (وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً)(الكهف59)

أي لِوقتِ هِلاكِهم أجَلاً (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثلُ الرِّبا) الآيَةُ هُنا

نَزَلـَت بإنـْذار اليَهُود وَزَجْرِهِم الذِينَ زَعَمُوا إنـَهُ حَيْثُ أُحِـلَّ بَينَهُم بَـيعُ

ما قِيمَتَـهُ دُرهَـمٍ بـِدُرهَمَينِ, أو دِينارٍ ما قِيمَتَـهُ بِدِينارينِ حَـلالاً مُؤجَـلاً

فَجَعلُوا الرِّبا أصْلاً حَلالاً وتَشِبيه البَيع بِهِ مُبالغةً مِنهُم في التَماثِلِ عَلى

ما حَرمَ اللهُ تَعالى عَلى الرابِي وَالمُرتَبي,,

فِاستُأنِفَ قَولِهِم على الذِيـنَ يَتخَبَطـُونَ الرِّبا فِي مَذاهِـبِ المُسْلِِمِينَ كَما

تَخَبطَ الشيطانُ بِمَسِ اليَهُود,, وعَـن رَسولِ الله صَلى اللـَّهُ عليهِ وآلِـهِ

بشأنِ ذِكْــرِ حـال المُرابـينَ الذِيـن لا يَهمَّهُـم غـَيرُ مَصالِحِهِـم الخاصَّـة

وَنشُوء رَفاهَتِهِم: وَقالَ (لمَّا أُسريَّ بـِيَ إلى السماءِ رأيتُ قـوماً يُـريـدُ

أحدَهُم أن يَقـومَ فلا يَـقدَر أنْ يَقومَ مِن عُظْـمِ بَطنـِهِ، فقلـْتُ مَـن هَـؤلاء

يا جبرائِيل, قالَ قوله تَعالى هـؤلاء الذِينَ يأكِلُونَ الرِّبـا (لا يَقُومُونَ إِلَّا

كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ) أيْ مِن المُحتَمل أنَ تَكُونَ

الآيةُ إشارَةٌ إلى المَعنِيينَ بالرِِّبـا على اعتبار أنَّهُم أشـبَهُ بالمَجانِين في

أعمالِهِم الرِّبَوبيَة فَيُحشَرُونَ يَـوم القِيامَةِ كالمَجانِينَ دَلِيلاً لِمَعنى الآيَـة

لأنَ مَسَّ الشيطانُ كِنايَةٌ عَن الأمْراضِ النفسِيَةِ وَالجِنُون,,

أليْسَ المُرابينَ هُـمْ على وَهْـمٍ وَكَأنَهُم يَفتَقِـرُونَ بأموالِهِم إلـى التَفكِـيرِ

وبِرَجاحَةِ عَقلٍ سَلِيمٍ، بَلْ إنْهُم كَالأنعامِ لا يُشخِّصُونَ ما يَفعلُونَ والآيَـة

دَلِيلٌ على إنَ مَشاعِـرَ المَواساة والعَواطِفَ الإنسانِيَة وَأمثالُها لامَفهومَ

لَها فِي عقولِهِم الطائِشَةِ الزائِفةِ,, فَهُم لا يُطيعُونَ إلا عِبادَة المال الذِي

سَيْطـَرَ عَلى عُقولِهِـم المَريـضَة إلـى دَرجَـةٍ أنَّها تـُعمِيَّهُـم عَـن الإدراكِ

الحِسِّي ما سَتؤدِّي إليهِ أعمالَهُم أللاّ عَدلِيَـة الجَشعَـة فِـي غـرْسِ رُوحِ

الحِقدِ المُتَغلغِل فِي قلوبِ الطبقاتِ الفَقِيرَةِ الكادِحَةِ وَما سَيَعقِبُ ذلكَ مِن

فِتَنٍ اجتماعِيَةٍ تعَرض أساس المُلْكِيَة الحَياتِيَة لِلخَطـَرِ وَالفَساد,, فَنزَلَ

قولِهِ تَعالى بِإنذارِهِم (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبـا) أي: إبْطالٌ مِن اللهِ

تَعالى لِقولِ اليَهُودِ وَالمُشْركِينَ قُرَِيش حِينَ قالوا (إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثلُ الرِّبا)

لأنَ اللهَ يَمحِقُ الرَّبا الفاحِش, والمَحقُ هُوَ النقصانُ الذِي يُذهِب البرَكَة

بالمالِ وإنْ كانَ زيادَةً فِيهِ فَهُوَ نِقصانٌ في الحَقِيقةِ,,

يَعني لَما كانَ الرابي يَزعَمُ عَلى تَحصِيلَهِ على المَزيدِ مِن المالِ الوافِـر

وَالصارفُ عَـنِ الصَدقاتِ والاحـتِرازِ عَـن نِقصانِها, فـَبَيَّنَ اللـَّهُ بِمَحـْقِ

الرِِّبـا وَجَعَلَ البَيعُ حَلالاً, وحَلال الابْتِياعُ هُـوَ الاشْتِراءُ, وَمِـنَ المَفهُومِ

الشَرعِي (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ) (البقرة:276) بَلْ: يُنْمى

المالُ الذِي أُخْرِجَت مِنهُ الصَدقاتِ فَيُزَكِه اللـَّه وَيَجْعلَهُ أكـْثرُ مِمّا يَـزدادُ

بِمالِ المُرابي, لآنَ الرَبوَةَ النَفخُ وَالزيادَة,,

فَلَّمّا حَرمَ اللـَّهُ تَعالى الرِّبـا بَينَ صِفوفِ المُسْلِمِين جَعلَ مَكانَهُ القـَرضُ

الحَسنُ: وَقال (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ) يَعنِي: إذا كانَ المُسْلم الفقِـير بَـينَ

صِفُوفِكُم فِي ضِـقِّ حـالِ مِـنَ عَـدمِ المال فَيُعطى لَـهُ مِـنَ المالِ المُيَـسَرِ

عِندَكُم (فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) (البقرة:280) فَعَليْكُم تَأخِيرَهُ دُونَ تَضْيِقهِ

وَالنَظرَةُ اسْمٌ مِن الانتظارِ وَهُـوَ الإمْهالُ لِحينِ تَيَسُرُه, لأنَ العُسْرَ بَـينَ

يُسْرينِ إمّا فرَجٌ عاجلٌ في الدُّنيا, وإمّا فِي الآخِرَةِ، فأرادَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ

بالعُسْرِ فِي الدُنيا عَلى المُؤمِنِ أَنـهُ يُبْدِلـَهُ يُـسْراً في الدُنيا, ويُـسْراً في

الآخرةِ, فَيَكونُ إمَّا ثوابٌ عاجِلٌ في الدُنيا بزيادَةِ المال وإمَّا ثوابٌ آجِلٌ

في الآخرةِ لَهُ نَصيبُ الجَنةَ, وَهذا الحِكْم عامٌُ في كُلِ عُرفٍ وَدينٍ, وَفي

القوْلِ لوْ دَخلَ العُسْرُ جُحْراً ضَيِّقاً لَدَخَلَ اليُسْرُ عَليه,,

وَفي الحَديثِ الشَريف (مَن أنظَّـرَ مُعـْسِراً أو وَضعَ عَـنهُ أظَلَهُ اللـَّه في

ظُلِهِ يَومَ لا ظلَّ إلا ظلَّه)

(فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ) الوَعْظ والعِظَّةُ والمَوْعِظَةُ هُوَ النُّصْحُ أو

التَذكِيرُ بالعَواقِبِ, أي تَذكِـيرٌ بِما يُلَيِّن قلـْب الإنسان مِـن ثـَوابٍ وَعِقابٍ

في شَأنِ الرِّبا وَغيرَهُ مِن المُحَرماتِ والآيَة دَلِيلٌ وَهِيَّ حُكْمٌ كُليِّ تَشْمِلُ

جَميع المُوبِقاتِ بالمَغفرَةِ أو بشِدَةِ العِقوبَةِ التي لَـمْ يَنتَهي عَنها الرابي

كَما وَردَ عَنهُ قرآناً (فَانْتَهَى) بالتَوبَـةِ (فَلَهُ مَا سَلَفَ) بالانتفاعِ مامَضى

مِـنَ المُوبِقاتِ (وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ) بالمَغفرةِ فَيَتـُوب اللـَّهُ عليهِ عَمّا سَلفَ

وَاللهُ هُوَ الغَفُورُ الغَفّارُ جَلَّ ثناؤُهُ وَهُما أسْمان ومَعناهُما الساتِرُ لِذنوبِ

عِبادِهِ المُتجاوِّز عَـنِ خَطاياهِم,, وَالمَغفِرَة هِيَّ التَوبَةُ مِنْ تَقصِيرِ العَبدِ

في شِكْرِ النِعَمِ وَالعبُودِيةِ,,

(وَمَنْ عَادَ) يَعنِي: إذا لَـمْ يَنتَهيَّ عَـن المُحَرَماتِ وَأصَّـرَ على ذَنبِهِ وَلَـمْ

يَقبْل الحُكْم بالعَذابِ, فَيَشِيرُ عَنهُ اللـَّه إنـَهُ الكُفـْر بِعَينـِهِ بِقولِـهِ (فَأُولَئِكَ

أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) أي: عِندَئِذٍ يُطَبَق حكْمُ الرِّبا وَهُوَ جازمٌ

عَليهم فَسَوفَ يَسْعُونَ إلى جَهنَمَ وَيَوْقَـِدُوها بِكُفرِهِم وَهُـم دائِمُونَ فِيها

مِن الخُلودِ بِمّا رَكنُوا إلَيها وَألْزَمُوها,, وَلكِنَنا نَسألُ اللـَّهَ فِيهُم الهِدايَـة

لَعَلى أنْ يَكُونَ التَسلِيمُ لِلَّهِ بِعَدمِ خلُودِهِم فِي النار,, تفسِيرُ ألحَجاري


وَكانَ رأيُ آيَـة الله السَيد مَحمد حِسين الطَباطبائي فـي تَفسِيرهِ المُيَسَر


(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ
الْمَسِّ) الخبطُ هُوَ المَشي على غَيرِ اسْتواءٍ, والإنسانُ المَمسُوس
المُرابي قد اختَلفت قوة تَميزَهُ فَهوَ لا يُفرق بينَ الحَسَنِ والقَبيحِ
والنافعِ والضارِ والخَيرِ والشَرِ, وهذا حال المُرابي لأنَهُ يَنجَرُ إلى
اختلاسِ المال مِن يَدِ المُدنينَ فيَنمُو مالَهُ مِن مالِ المُدنينَ وفي ذلكَ
انهدام المُدنينَ فالرِّبا يُضاد التَوازن والتَعـادل الاجتماعي ويُفسـد
صِراط الفِطرة (ذَلِـكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا) فقد اختَلَ عندهُم
أصْل المُعامَلة والمعاوَضة فقالوا إنما البيعُ مِثلُ الرِّبا لا يَزيدُ عليهِ
بِمَزيهِ فلا مُوجب لِتَركِهِ (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) وهِيَّ إخبارٌ في
حُكمٍ سابقٍ وتوطئَةً لِما بَعدهُ (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ) في شَأنِ
الرِّبا وغيره فَهوَ حِكْمٌ كُلي يَشملُ جَميع الكَبائر المُوبِقَة (فَانْتَهَى)
بالتَوبةِ وترك الفِعل المُنهيَّ عَنه (فَلَهُ مَا سَلَفَ) فَهوَ مُنتَفعٌ بِما سَلف
(وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ) فربما أطلقهُم في بَعضِ الأحكام, وربما وَضعَ عَليهُم
ما يَتدارَك بِهِ ما فَوتوه (وَمَنْ عَادَ) ولَم يَنته وأصَرَ على ذنبهِ ولمْ يَقبَل
الحُكم وهذا هُوَ الكُفر والرِّدَة باطِناً ولَوْ لَمْ يَتلفظ بِلسانهِ بِما يَدلُ على
ذلكَ فَلن يَكونَ مِنَ المُفلحينَ (فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)
(البقرة:275) فعَدم التَسلِيم لِلحُكمِ يَستوجب الخِلود في النار,,
(انتهى تفسِير الطَباطبائي)
رد مع اقتباس مشاركة محذوفة