الفصل السادس
العين الناقدة
بينما كانت تراقب اهتمام السيد بنغلي بشقيقتها ,لم تدرك إليزابيث أنها نفسها كانت موضع اهتمام صديقه. في المرة الأولى لم يعترف السيد دارسي بأنها جميله. وفي المرة الثانية لم يبحث إلا عن العيوب فيها. لكن حالما أثبت لنفسه ولأصدقائه بأن التعبير الجميل لعينيها الداكنتين جعل من وجهها وجها ذكيا فوق العادة. ثم قام باكتشافات أخرى. فقوامها,مثلا, كان رشيقا ومقبولا, وسلوكها كان جذابا ومسليا.
لم تدرك هذا الاهتمام, بل فكرت فيه فقط على أنه الرجل السيء الطبع الذي رفض أن يرقص معها.
بدأ يرغب في أن تزداد معرفته بها. لاحظته إليزابيث أحيانا واقفا بالقرب منها ,ينصت إلى أحاديثها مع الرجال الآخرين.
قالت لشارلوت أثناء حفلة مسائية أقامها السير وليم لوكاس:"سأعذبه.إن لديه عينا ناقدة,وإذا لم أعذبه فسرعان ماسأخاف منه".
طلبت الآنسة لوكاس من صديقتها أن تغني ,فغنت بأسلوب طبيعي بسيط, الأمر الذي أدى إلى بهجة عظيمة. وسرعان ما كان أعضاء الحفلة الشباب يرقصون في نهاية الغرفة.
وقف السيد دارسي بالقرب منهم غاضبا بصمت بسبب تبديد الأمسية. فضل الحديث الممتع. فتحدث إليه السبر لوكاس.
"كم هي تسلية ممتعة للشبان يا سيد دارسي. ليس هناك شيء مثل الرقص. أعتقد أنه أحد الإنجازات العظيمة للجيل المتمدن"
"بتأكيد, يا سيدي! إنه أيضا شائع بين الناس الأقل تمدنا. فكل همجي يستطيع أن يرقص!"
ابتسم السير وليم, ثم تابع حديثه عندما رأى بنغلي ينضم إلى الراقصين: "إن صديقك يرقص بفرح, أنا متأكد من أنك خبير أيضا يا سيد دارسي".
توقف وهو يأمل بجواب,لكن رفيقه لم يعطه أي جواب. وكانت إليزابيث تسير أمامها في تلك اللحظة, فخطرت للسير وليم فكرة لطيفه فجأة. فناداها قائلا: "عزيزتي الآنسة إليزابيث, لماذا لا ترقصين؟ سيد دارسي, اسمح لي أن أقدم إليك هذه الشابة. لا يسعك أن ترفض الرقص, أنا متأكد, عندما يقف جمال كهذا أمامك!" ثم أخذ يدها وأعطاها إلى السيد دارسي الذي, بالرغم من دهشته, كان يرغب بقوة في أخذها. لكن إليزابيث تراجعت على الفور وقالت للسير وليم بحزم:
"في الواقع,يا سيدي, ليست لدي أية رغبة في الرقص. آمل بصدق أن لا تعتقد بأنني مررت من هذه الطريق لأبحث عن شريك!"
طلب السيد دارسي, بتهذيب شديد, شرف الرقص معها, لكن من دون جدوى. فقد صممت إليزابيث على عدم الرقص. ولم تفلح حجج السير وليم في تغيير رأيها.
"أنت ترقصين جيدا يا آنسة إليزابيث. هذا السيد لا يحب الرقص عادة, لكنني متأكد من أنه لن يعارض الرقص معك لنصف ساعة "
قالت إليزابيث وهي تبتسم:"إن السيد دارسي مهذب جدا"
"إنه كذلك حقا . لكن لا عجب!من يمكنه أن يرفض مثل هذا الشريك ؟"
ابتعدت إليزابيث وقد بدت ساحرة. لم يؤثر رفضها في رأي السيد دارسي فيها . وكان يفكر فيها بفرح عندما أتت إليه الآنسة بنغلي.
"أستطيع أن أحرز ما تفكر فيه"
"أشك في ذلك".
"أنت تفكر في كم هو غير مرض أن تمضي أمسيات كثيرة بهذه الطريقة ومع مثل هؤلاء الناس! أوافقك الرأي,في الواقع.فأنا لم أشعر من قبل بمثل هذا السأم الشديد. البلاهة والضجة! عدم أهمية هؤلاء الناس! إنني أرغب بالتأكيد في أن أسمع آراءك عنهم!"
"إن تخمينك خاطئ تماما. فأفكاري أكثر انسجاما. كنت أفكر في الابتهاج العظيم الذي يمكن اكتشافه في عينين جذابتين في وجه امرأة جميلة".
ركزت الآنسة بنغلي عينيها مباشرة على وجهه وسألت عن السيدة التي يفكر فيها .أجاب السيد دارسي بشجاعة عظيمة :
"الآنسة إليزابيث بنيت".
رددت الآنسة بنغلي:"الآنسة إليزابيث بنيت! أنا مندهشة! منذ متى هي المفضلة لديك؟ومتى أتمنى لك السعادة الزوجية؟"
"هذا تماما هو السؤال الذي توقعت منك طرحه.إن خيال السيدة سريع جدا, فهو يقفز من الإعجاب إلى الحب,ومن الحب إلى الزواج بلحظة".
"لكن إذا كنت جديا سأعتبر أن الزواج قد تدبر تماما.ستكون لديك حماة ساحرة حقا,وطبعا ستكون دائما معكما في بمبرلي".
</b></i>
|