عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 08-18-2011, 02:46 AM
خالد جاسم خالد جاسم غير متواجد حالياً
مشرف قسم الترحيب والإهداءات
 
تاريخ التسجيل: May 2011
الدولة: في قلب صاحبه
المشاركات: 4,278
معدل تقييم المستوى: 20
خالد جاسم will become famous soon enoughخالد جاسم will become famous soon enough

افتراضي


الفصل التاسع

فرصة غير عادية



في المساء التالي أصبحت جاين جيدة كفاية كي تغادر غرفتها لبضع ساعات. أحضرتها إليزابيث إلى قاعة الاستقبال حيث استقبلت بحرارة من قبل صديقتيها. لم يسبق لإليزابيث أن رأتهما لطيفتين هكذا خلال الساعة التي سبقت مجيء الرجال. وعندما دخل الرجال لم تعد جاين موضع اهتمامهما. فالآنسة بنغلي نظرت فورا إلى دارسي. وهو تحدث إلى الآنسة بنيت وهنأها بأدب. وقال السيد هارست أيضا أنه " مسرور جدا ". لكن الحماسة و الدفء ظهرا فقط من خلال ترحيب بنغلي. كان ممتلئا بالفرح والاهتمام, فجلس إلى جانبها ونادرا ما تحدث إلى أحد سواها. وقد تطلعت إليزابيث إلى كل ذلك ببهجة وهي تخيط من الزاوية المقابلة.




عندما انتهى تناول الشاي, رغب السيد هارست في لعب الورق. لكن لم يقبل بذلك أحد, ولم يكن لديه ما يقوم به سوى الاستلقاء على إحدى الأرائك والاستسلام للنوم . تناول دارسي كتابا. وفعلت الآنسة بنغلي الشيء نفسه, فيما لعبت السيدة هارست بأساورها وخواتمها, وشاركت من حين إلى آخر في حديث أخيها مع الآنسة بنيت.




كانت الآنسة بنغلي منهمكة في مراقبة السيد دارسي وهو يقرأ كتابه أكثر من انهماكها في قراءة كتابها. فكانت تسأله باستمرار أسئلة أو تنظر إلى صفحته. لكنها لم تتمكن من استدراجه إلى الحديث, فكان يجيب فقط عن أسئلتها ثم يتابع القراءة. تثاءبت بقوة وقالت: " كم هو ممتع قضاء الأمسية بهذه الطريقة! أنا متأكدة من أن ليس هناك من متعة مثل القراءة. عندما يصبح لدي بيت خاص بي سأكون تعيسة إن لم يكن لدي مكتبة ممتازة ".




تثاءبت مرة ثانية, ألقت الكتاب جانبا, وتطلعت عبر الغرفة بحثا عن تسلية. أخيرا نهضت ومشت في الغرفة. كان لها قوام جميل ومشية رشيقة ـ لكن دارسي, الذي كان هدفها, واصل بحزم القراءة في كتابه. وفي غمره يأسها قامت بمجهود إضافي, فالتفتت نحو إليزابيث وقالت:
" دعينا يا آنسة إليزابيث بنيت نقوم بالسير في الغرفة. فهذا مريح جدا بعد الجلوس هكذا لمدة طويلة ".


استغربت إليزابيث, لكنها وافقت على الفور. كما نجحت الآنسة بنغلي في تحقيق هدفها, إذ تطلع السيد دارسي, وكان مستغربا مثل إليزابيث لياقة الآنسة بنغلي, فأغلق كتابه للحظة.
وفي الحال طلب منه الانضمام إليهما, لكنه رفض قائلا أن هنالك سببين محتملين لسيرهما معا ذهابا إيابا في الغرفة ـ وأن رفقته ستتعارض مع أي منهما.




طلبت الآنسة بنغلي تفسيرا, فقال حالما سمحت له بالكلام: "بالتأكيد. أنتما تسيران معا إما لأن لديكما أسرار تبوحان بها أو أنكما تقومان بذلك لأنكما تعرفان أنكما تبدوان أنيقتين جدا أثناء السير. وإذا كان السبب الأول هو الحقيقي, فسأعترض طريقكما تماما. وإذا كان الثاني, يمكنني الإعجاب بكما بشكل أفضل وأنا جالس بالقرب من النار".



صاحت الآنسة بنغلي: "أوه, شيء مروع! لم أسمع بشيء مروع كهذا من قبل! كيف نعاقبه على ملاحظته هذه؟"


قالت إليزابيث: " ما من شيء أسهل من ذلك إن رغبت. أثيري غيظه ـ اسخري منه! وبما أنك تعرفينه جيدا, فلا بد أن تعرفي كيف تقومين بذلك".

قالت الآنسة بنغلي :"لا تحاولي السخرية من السيد دارسي! من يجرؤ على ذلك؟"
صاحت إليزابيث: "لا يمكن السخرية من السيد دارسي؟ هذه فرصة غير عادية ـ وآمل أن تبقى غير عادية. أنا نفسي لا أحب الضحك كثيرا".

قال: " لقد بالغت الآنسة بنغلي في مدحي. إن أعقل الرجال وأفضلهم قد يصبحون موضع سخرية أي شخص هدفه الوحيد هو المزاح".

قالت إليزابيث:" بالتأكيد, هنالك مثل هؤلاء الأشخاص, لكنني آمل ألا أكون واحدة منهم. آمل بألا أضحك مما هو عاقل وصالح. إني أعترف بأن البلاهة والسخافة توفران لي التسلية حقا, وأنا أضحك منهما بقدر استطاعتي. لكنك لا تمتلك هذه الصفات, على ما أظن".

" لعل ذلك غير ممكن لأي شخص. لكن هدفي في الحياة هو تجنب الضعف الذي غالبا ما يجعل الأذكياء يظهرون سخفاء".


"مثل الغرور والكبرياء؟"

"أجل, إن الغرور هو ضعف حقا, أما الكبرياء ـ فإن أي شخص يتمتع بالذكاء يستطيع السيطرة على كبريائه".

استدارت إليزابيث لتخفي ابتسامة.

فقالت الآنسة بنغلي :" إن امتحانك للسيد دارسي قد انتهى . من فضلك أخبرينا بالنتيجة".

" لقد قررت أن السيد دارسي لا يمتلك أية عيوب. وهو يعترف بذلك بنفسه".

قال السيد دارسي: " كلا, لم أقل ذلك. بل لدي الكثير من العيوب. أعتقد بأنني قاس ـ قاس جدا طبعا بحيث لا أرضي أي شخص. لا أستطيع أن أنسى أخطاء الآخرين وحماقاتهم ـ ولا تهجمهم علي. وعندما أفقد ثقتي بهم, أفقدها إلى الأبد".



صاحت إليزابيث :" هذا عيب بالتأكيد. فالقلب الذي لا يعرف التسامح يعبر عن ضعف في الشخصية. لكنك اخترت عيبك جيدا, ولا يمكنني حقا السخرية منه".


" أعتقد أن لدى كل شخص عيبا مميزا في الشخصية لا يمكن لأفضل تربية معالجته تماما".

" وعيبك هو الميل إلى كراهية الجميع".

أجاب بابتسامة: "وعيبك هو عدم تقبلك لهم".

هتفت الآنسة بنغلي وقد سئمت من الحديث الذي لم تشارك فيه:" لنستمع إلى قليل من الموسيقى. لويزا, هل تسمحين بأن توقضي السيد هارست؟".

فتح البيانو ولم يكن دارسي بعد بضع دقائق آسفا. إذ بدأ يرى خطر توجيه الاهتمام الشديد إلى إليزابيث.




في الصباح التالي كتبت إليزابيث إلى أمها تطلب منها إرسال عربة لهما. لكن السيدة بنيت كانت قد خططت لإبنتيها البقاء في نذرفيلد لمدة أسبوع على الأقل, ولم تكن مسرورة بعودتهما قبل ذلك فأجابت بأنه لن يكون بإمكانهما الحصول على العربة قبل يوم الثلاثاء ـ وأنه إن ألحتا على البقاء لمدة أطول فهي لن تعارض. لكن إليزابيث صممت على عدم البقاء أكثر من ذلك. فأقنعت جاين بأن تطلب عربة من السيد بنغلي.




أثار الطلب احتجاجات كثيرة, وأخيرا قبلت جاين بأن تبقى حتى اليوم التالي. وقد أسفت الآنسة بنغلي لأنها اقترحت أيضا التأجيل, فغيرتها وكراهيتها لإحدى الأختين كانتا أكبر من حبها للأخت الثانية.


رحب السيد دارسي بأخبار رحيلهما . فإليزابيث بقيت في نذرفيلد وقتا كافيا, وقد جذبته أكثر مما أراد ـ وبينما كانت إليزابيث هناك, كانت الآنسة بنغلي وقحة معها ومتعبة له. فقرر بحكمة بألا يظهر المزيد من الإعجاب بها ـ فلا شيء من شأنه أن يمنح إليزابيث أي أمل بحبه. لم يتحدث إليها بأكثر من عشر كلمات خلال النهار كله. وخلال نصف ساعة, عندما كانا معا بمفردهما, قرأ في كتابه ولم ينظر إليها.




غادرتا يوم الأحد. ازداد تهذيب الآنسة بنغلي نحو إليزابيث بسرعة. قبلت جاين بحرارة وصافحت إليزابيث. أما إليزابيث فقد ودعتهم جميعا بروح عالية.





لم تلقيا ترحيبا دافئا في البيت من قبل والدتهما. لكن والدهما, مع أنه لم يقل الكثير, فقد فرح برؤيتهما. إذ افتقد حديثهما في الحلقة العائلية خلال الأمسيات
رد مع اقتباس مشاركة محذوفة