الفصل الثاني عشر
الرجل السعيد
نقلت العربة السيد كولينز وبنات عمه الخمس إلى مريتون في المساء التالي. وقد سررن حين علمن أن السيد ويكهام قبل أن ينضم إلى مجموعتهن. وفيما كن ينتظرن, تسنى للسيد كولينز أن ينظر حوله ويراقب بإعجاب أثاث قاعة الاستقبال. ثم أعلن أنها أنيقة تقريبا مثل غرفة الفطور الصيفية الصغيرة في روزينغز. في بادئ الأمر لم تمنح هذه المقارنة السيدة فيليبس الكثير من الرضى. لكن عندما أخبرت بما تكون روزينغز ومن تخص, وبعدما سمعت وصفا عن إحدى قاعات الاستقبال لدى الليدي كاثرين وعلمت أن رف المدفأة فقط كلف ثمانمائة جنيه, شعرت بمزيد من الرضى, وكانت ستفرح حقا لو تمت مقارنة قاعة استقبالها بغرفة مدبرة المنزل في روزينغز.
أخيرا وصل السادة.
كان السيد ويكهام الرجل السعيد الذي التفت صوبه عين كل أنثى تقريبا, وكانت إليزابيث المرأة السعيدة التي جلس بجانبها. بدأ لعب الورق, وجلسا معا مرة ثانية. وهكذا كان السيد ويكهام متمتعا بحرية التحدث إلى إليزابيث, وكانت هي راغبة جدا في الإصغاء إليه. لم تتجرأ حتى على ذكر السيد دارسي, وقل فضولها بشكل غير متوقع. بدأ السيد ويكهام الموضوع بنفسه, فسأل: كم تبعد نذرفيلد عن مريتون. وبعد تلقى جوابها, سأل بأسلوب متردد: منذ متى يقيم السيد دارسي هناك.
فقالت إليزابيث: "منذ شهر تقريبا". ثم أضافت: "إن لديه ممتلكات واسعة جدا في دربي شاير, على ما أعتقد".
قال ويكهام: "أجل, إن مزرعته هناك فخمة, ذات إيراد يبلغ عشرة آلاف صافي في السنة. لم يكن في وسعك أن تلتقي بأي شخص يعرفها أكثر مني. فأنا على علاقة بأسرته منذ الطفولة".
لم تقدر إليزابيث على إخفاء الدهشة.
" لا عجب أن تدهشي يا آنسة بنيت بعد مشاهدة لقائنا البارحةـ هل تعرفين السيد دارسي جيدا؟".
أجابت إليزابيث: "أعرفه بالقدر الذي أريده. لقد أمضيت أربعة أيام معه في النزل نفسه وأعتقد أنه سيء الطبع".
قال ويكهام بعد توقف قصير: "أتساءل عما إذا كان من المحتمل أن يمكث هنا لوقت أطول".
"ليس لي علم بذلك على الإطلاق, لكنني لم أسمع شيئا عن رحيله عندما كنت في نذرفيلد. آمل بأن لا تتغير خططك بسبب وجوده هنا".
"أوه! كلاـ فسيد دارسي لا يستطيع طردي. إن كان يرغب في تجنب رؤيتي, عليه أن يرحل. لسنا على وفاق, لكن ليس لدي أي سبب يدعوني إلى تجنبه. كان والده, يا آنسة بنيت, واحدا من أفضل الرجال. وكان تصرف السيد دارسي تجاهي مخزيا, لكنني أستطيع أن أصفح عن أي شيء, باستثناء الإساءة إلى ذكرى والده".
استمتعت إليزابيث بكل جوارحها, لكن دقة الموضوع حالت دون طرح المزيد من الأسئلة.
"لقد ولدنا في المكان ذاته وأمضينا معظم شبابنا معا. بدا والدي حياته كمحام, لكنه تخلى عن كل شيء في سبيل خدمة والد السيد دارسي. كان محترما جدا من قبل المرحوم السيد دارسي, كما كان صديقه الحميم. وقد تلقى قبل وفاته وعدا برعايتي".
قالت إليزابيث: " كم هذا غريب! إن ما يدهشني هو أنا السيد دارسي لم يكن متكبرا جدا ليكون عديم الشرف".
"أجل, كثيرا ما كان كبرياؤه نصيره المفضل. وكثيرا ما قاده ليكون طيبا وسخياـ ليوزع ماله بسخاء, وليساعد مستأجري أرضه, وليمنح المعونة إلى الفقراء. إنه لم يشأ أن يسيء إلى سمعة عائلته".
"أي من الفتيات هي الآنسة دارسي؟"
هز رأسه وقال: "أتمنى لو أستطيع أن أدعوها لطيفة. يؤلمني أتحدث بالسوء عن عائلة دارسي. لكنها مثل أخيها تماما, متكبرة جدا. عندما كانت طفلة كانت محبة ولطيفة ومولعة بي. أمضيت ساعات أسليها. لكنها ليست شيئا بالنسبة إلي الآن. إنها فتاة جميلة, في الخامسة عشرة أو السادسة عشرة, وموهوبة جدا".
شارفت ألعاب الورق على الانتهاء, فجاء السيد كولينز إلى طاولتهما. خسر في كل جولة. عندما عبرت السيدة فيليبس عن أسفها, قال أن الأمر ليس بذي أهمية.
قال لها: " أعرف جيدا, يا سيدتي, أنه عندما يجلس الناس إلى طاولة لعب الورق عليهم أن يجازفوا بخسارة المال. لحسن الحظ لست في وضع حيث خسارة خمسة شلنات أمر مهم. هنالك بالتأكيد كثيرون ممن لا يسعهم قول الشيء نفسه, لكن الفضل يعود إلى الليدي كاثرين دي بورو في أنني لست بحاجة إلى القلق من هذه الأمور التافهة".
جذب انتباه السيد ويكهام فسأل إليزابيث بصوت منخفض, بعد مراقبة السيد كولينز لبضع دقائق, عما إذا كان إبن عمها يعرف عائلة دي بورو جيدا, فشرحت له العلاقة.
"أنت تعلمين, طبعا, أن الليدي كاثرين دي بورو هي خالة السيد دارسي؟ إن ابنتها, الآنسة دي بورو, سترث ثروة كبيرة جدا ويعتقد أنها وابن خالتها سيتزوجان ليوحدا المزرعتين".
هذه المعلومات جعلت إليزابيث تبتسم وهي تفكر بالآنسة بنغلي المسكينة. فكل اهتمامها بدارسي لا بد أن يكون عديم الجدوى إن كان قد وعد امرأة أخرى بالزواج.
قالت: "إن السيد كولينز يمتدح الليدي كاثرين وابنتها كثيرا. لكن بعض الأمور التي تحدث عنها جعلتني أظن بأن اعترافه بالجميل يضلله. فهي تبدو امرأة متغطرسة معتدة بنفسها".
قال ويكهام: "أعتقد بأنها تتصف بالإثنين.لم أحبها أبدا, وإن تصرفاتها استبدادية وفظة".
تابعا الحديث معا حتى انتهاء لعب الورق. غادرت إليزابيث ورأسها حافل به. لم تستطع التفكير, وهي في طريقها إلى البيت, في شيء سوى السيد ويكهام, وما أخبرها به.
</b></i>
|