[عاشقة العترة...]

الفصل الثالث

في أنواع المعاملات الجارية بين الناس كالبيع والرهن والإجارة والشركة والوديعة والعارية والقرض والضمان والكفالة وقضاء الدين وأداء الحق والإهمال.

البيع يختلف في التأويل بحسب اختلاف المبيع.ومن رأى كأنه يباع او ينادى عليه فإنه إن كان مشتريه رجلاً ناله هم,وإن اشترته امرأة أصاب سلطاناً أو عزاً وكرامة.وكل ما كان ثمنه أكثر كان أكرم.وإنما قلنا إن البيع في الرؤيا يقتضي إكرام المبيع لقوله تعالى في قصة يوسف عليه السلام:
﴿وقال الذي اشتريه من مصر لامرأته أكرمي مثونه﴾يوسف:21]وكل ماكان شراً للبائع,كان خيراً للمبتاع,وما كان خيراً للبائع فهو شر للمبتاع.وقيل:إن البيع زوال ملك,والبائع مشتر,والمشتري بائع,والبيع إيثار على المبيع.فإن باع مايدل على الدنيا آثر الآخرة عليها,وإن باع مايدل على الآخرة آثر الدنيا عليها,والاستبدل حالاً بحال على قدر المبيع والثمن.وبيع الحر دولته.وحسن عاقبته,لقصة يوسف عليه السلام.
وأما الرهن فمن رأى كأنه رهينة في موضع فإن رؤياه تدل على أنه قد اكتسب ذنوباًكثيرة لقوله تعالى﴿كل نفس بما كسبت رهينه﴾[المدثر:38].وقيل:إن المرهون مأمور,فإن رأى كأنه رهن عنده رهناً.فإنه يظلم في شيء,ويبخس حقه ثم يصل إلى حقه بسبب الراهن الذي رهن عنده الرهن.والمرهون مأمور بذنب أو دين عند المرتهن,وكذلك الراهن حتى يفلك رهنه.
وأما الأجارة فإن المستأجر رجل يخدع صاحب الأجارة,ويغره ويحثه على أمر مضطرب.وإذا تخدع له تبرأ منه وتركه في الهلكة.
وأما الشركة فهي دليل على الإنصاف.فمن رأى كأنه شارك رجلاً,فإن كل واحد منهما ينصف صاحبه في أمر يكون بينها.فإن رأى كأنه شارك شيخاً مجهولاً فإنه جده,ويدل على أنه ينال.إنصافاً في تلك السنة ممن كانت بينه وبينه معاملة.وإن رأى كأنه شارك شاباً مجهولاً فأنه يجد من عدوه الإنصاف,مع خوفه من بليته وظلمه وأذيته.
وأما الوديعة فمن رأى كأنه أودع رجلاً صرة فإنه سره.وقيل:إن المودع غالب,والموذع المطلوب.
وأما العارية فمن رأى كأنه استعار شيئاً,أو أعاره,فإن كان ذلك الشيء محبوباً فإنه ينال خيراً لايدوم,فإن كان مكروهاً أصابته كراهية لاتدوم,وذلك أن العارية لا بقاء لها.
وقيل:من استعار من رجل دابة فإن المعير يحتمل مؤنة المستعير.
وأما القرض فمن رأى أنه يقرض الناس لوجه الله تعالى فإنه ينفق مالاً في الجهاد, لقوله تعالى ﴿إن تقرضوا الله﴾[التغابن:17].
وأما الضمان فمن رأى كأنه ضمن عن إنسان شيئاً لرجل؛فإنه يعلمه أدباً من آداب ذلك الرجل.
وأما الكفالة فقد قيل:إنها تجري مجرى القيد في التأويل,وتدل على الثبات في الأمور,وسواء في ذلك الكافل والمكفول.وقيل:من تكفل فقد أساء إليه,فإن رأى كأن إنساناً تكفل به فإنه يرزق رزقاً جليلاً لقوله تعالى: ﴿وكفلها زكريا﴾[آل عمران:37].فإن رأى كأنه تكفل صبياً فإنه ينصح عدواً لقوله تعالى: ﴿يكفلونه لكم وهم له نصحون﴾[القصص:12].
وأما قضاء الدين فمن رأى كأنه قضى ديناً,أو أدى حقاً فإنه يصل رحماً,أو يطعم مسكيناً,وييسر عليه أمر متعذر من أمور الدين,أو أمور الدنيا:وقيل :إن أداء الحق رجوع عن السفر,كما أن الرجوع عن السفر أداء الحق.
وأما الإمهال فيدل على العذاب لقوله تعالى: ﴿فمهل الكفرين أمهلهم رويدا﴾[ الطارق:17].
وإن رأى كأنه أمهل رجلاً في غضب فإنه يعذبه عذاباً شديداً.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ