طابت الأيام في شهر خير الأنام

[أسرار الغروب]

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
طابت أيامكم ودامت المسرات تُزين بيوتكم وأسعد الله حياتكم بمثل إسعادكم لأم الأطهار في هذه الأيام الطيبة التي فاحت بعطر الجنان وتزينت بنجوم كربلاء الزاهرة في سماء المجد لتُحيي دين الله ليبقى خالداً ما بقي الزمان ليُختم بعصر النور الذي يُظهر فيه الرحيم بالعباد دينه على الدين كله ولو كره المشركون ، بفضل دمائهم الزكية التي سُفكت على أرض الخلود لتروي بها النفوس العطشى والأفكار الجدبى والقلوب الحرى
لا أريد أن أُحول هذه المقالة إلى ذكر المآسي التي حلت على هؤلاء الأبطال في أرض الخلود ، لكني وبهذه الإلتفاتة أردت أن أُبين ما لهذه الأرواح التي أُزهقت في سبيل الله من أثر طيب في التمهيد لظهور خاتم الأنوار ليُقيم العدل على هذه الأرض التي مُلئت بالظلم والجور
نعم أحبتي: إنها لأيام زاهرة حواها شهرٌ مليء بالأفراح والمسرات وعظيم بالخيرات ، ونزول الرحمات على المؤمنين الذين ابتهجوا لهذه المناسبات الطيبة واحتفلوا بإشراقات الأنوار المباركة ، وتطيبوا بعطر الذكر لسيرة أطياب كربلاء ، فها هي مجالسهم قد فُتحت وامتلأت بالمؤمنين ليحيوا فيها أمر الطيبين غايتهم إسعاد خاتم النبيين وإدخال السرور على قلب خير الوصيين ، وإبداء البسمة على وجه بضعة الهادي الأمين
نعم : ها هي الحناجر تصدح بالأهازيج وخواطر الشعراء تُبدي أحلى القصيد وأصحاب الكلمة قد علت أصواتهم بذكر السيرة الذاتية لأولئك الأبطال الطيبين ، مُبدين في خطاباتهم المواقف العظيمة والتي بها قام الدين ودام ليبقى إلى قيام يوم الدين ، وها هن النساء المؤمنات قد احتفلن في بيوتهن وشاركن احتفلات الرجال ، في الأماكن المخصصة لهن باليباب والتصفيق ، غايتهن اسعاد سيدة النساء وإظهار البسمة على محياها الحزين ، ليُنسينها كسر الضلع وإسقاط الجنين ، راجيات شفاعتها ليكن برفقتها إلى جنات النعيم
نعم أحبتي : قد بداً هلال هذا الشهر زاهراً بنور عظيم ومُبشراً بإشراقة أنوار كربلاء العظام ، ليعلن في الثالث منه إشراقة نور خامس أهل الكساء وسيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام الذي ازدان الكون بجمال نوره وافتخر جبرائيل بهز مهده ، وفي الرابع منه أزهر قمر بني هاشم والوفي لإمام زمانه ذو البصيرة والنفس العظيمة أبو الفضل العباس عليه السلام ، وفي خامس أيامه تنورت الدنيا بنور سادس الأنوار الصابر على البلاء والباكي من خشية الله ، زين العباد الإمام السجاد عليه السلام
ولكل واحد من هؤلاء حياة حافلة بالعطاء ، والبذل في سبيل الله ، ولهم الفضل بعد الله في إبقاء دين الله حياً إلى هذا اليوم ، صامداً عزيزاً منتصراً على أعتى الطغاة ، فبالرغم من المحاولات الجادة لطمس معالمه ومحو آثاره ، والقضاء عليه إلا أنه وبتلك الأسس التي أسسها رسول الله والأعمدة التي أقامتها أبطال كربلاء بقيادة سيد الشهداء قد أتعب كل من حاول هدمه وإخفات من جبابرة وطغاة لتطمس على إثر ذلك آثارهم ويبقى نرو الله زاهراً يضبيء دروب المؤمنين على مر العصور
فمقالتي هذه والتي قُيدت بوقتٍ قصير لا يُسعفها أن تذكر تلك السيرة المباركة لحياة هؤلاء الأنوار ، وحتى لو سمح لي الوقت في الخوض في نبع الذكر الطيب لهم ، فسأكون فقيراً إلى المجاديف القوية التي بها أتمكن من خوض ذلك المحيط والسباحة فيه وفقير إلى الغواصة الحاوية لردارات عظيمة راصدة لحياتهم تمكنني من الغوص في في أعماق محيط فضائلهم المليء باللآلئ اللامعة لعظيم أخلاقهم ومواقهم المشرفة والمؤثرة في هذا الكون ، لذا أرجو المعذرة من رسول الله وبضعته الزهراء ووصيه خير الأوصياء ومنكم أيها المؤمنون على تقصيري ، فعقلي قاصرٌ من أن يُبدي الإحاطة بحياة من ذابوا في الله فبذلوا مهجهم رخيصة في سبيله ليحيوا بها دينه ويقيموا ما به من اعوجاج
ولا يسعني في ختام هذا المقال إلا أن أرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات لحضرة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وإلى حضرة أمير المؤمنين والسيدة الزهراء وإلى مقام خاتم الأنوار الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف وإلى جميع المؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها وإليكم أيها السادة بهذه المناسبات الطيبة لإشراقات أنوار كربلاء الحسين والعباس والسجاد عليهم الصلاة والسلام سائلاً المولى أن يعينكم على إحياء أمرهم ونيل البركات من خلال ذكرهم الطاهر
وكل عام وأنتم بألف خير

[ساكن قلبي...]

طرح موفق

دمتي بخير

[عاشقة العترة...]

يعطيك ربي الف عاافيه