لغة القلوب ...سر من الاسرار
قبل فترة احدى العوائل المؤمنة القريبة منا ، تقدم أحد الشباب لخطبة كريمتهم ،فوافق الاب ووافق الأخ . ولكن .!!
رفضت الأم .!!
سألوها : ما اسباب هذا الرفض أيتها الوالدة .؟ الولد نعرفه وهو رجل بمعنى الكلمة ويُعتمد عليه.!
فأجابتهم : قلبي ما ارتاح له .
قالوا لها: قلبكِ ما ارتاح له .!؟ ونؤخر البنت علشان قلبك يا ماما؟؟؟
قالت : الله هو الرزاق انا مو مرتاحة لهذا الشاب.
قالوا لها : يا أمنا صحيح انّ الولد على قد حاله ، لكن يعني العيش بيد الله ومحد يموت جوعان.
قالت الأم : لالالالالالالالا أبداً لن يحصل هذا الزواج.
حدثت ضجة في البيت الاسري بعدما أطلقت الام تلك الكلمة .وارتفعت الاصوات ، والبنت المسكينة ضائعة بين قلب أمها وموقف البقية !! (( أيهما أختار ..؟؟ يا لها من حيْرة)).
المشكلة ان الشاب يصلي يصوم عليه آثار الصلاح ، ! بس قلب الأم انقبض وأبى ان ينبسط..!!
إلى ..... أن أجبروا الام على الموافقة [[ وانقبض قلب الام زيادة ]].، فحصل الزواج وتم.وبدأت حياة تلك البنت بسعادة ، وانجبت منه أبناء.
لكن !! ،
بعد فترة ، وفي منتصف الليل ، واذا بالهاتف يرن ..............!!!!
فتحت الام عينها ، نظرت الى الساعة . رأتها متأخرة ليلاً.!
ركضت الى التلفون وقلبها يخفق يكاد يقفز من بين عظام صدرها ،
رفعت سماعة التلفون ، بسم الله .
ألو .
صوت إمرأة مذعورة تصرخ من البكاء!!!!. (( تستغيث)).
الأم : ألو ألو منو أنتِ ..ها منو انتِ؟؟؟؟!
واذا بتلك المرأة تشق قلب الام بصوتها قائلة: يا أمي أنا بنتك (...) ، لحقي علي ،.
وقعت الام على الفور مغمياً عليها من الصدمة ،.وأسعفت الى المستشفى سريعاً.
تبيّن بعدها ،أنّ ذلك الشاب من الفُسّاق شرّاب ومدمني الخمر ، دخل على زوجته في تلك الليلة وأخذ يضربها ضرباً مُبرحاً.!!
نتكست رؤوس العائلة ، ماذا نفعل بابنتنا .!؟
هل نتركها مع ذلك الفاسق ؟!
أم نفصلها عنه ويعيش ابناءها بلا أب!!
واذا بالام تعيدهم الى ذلك اليوم الاول،
قائلة : ألم اقل لكم أنّ قلبي لم يرتاح لهذا الشخص !!.
قد يتصور البعض ان لغة القلب تتفرع الى هذا الفرع فقط .!، في حين أنها عميقة جداً ، ولها عدة فروع
منها الذي ذكرناه ، ومنها الفراسة والتوسم .والشعور بالغيبيات .
في حالة انقباض القلب المُفاجئ، يجب على الانسان الحذر والتنبه .،وعدم الغفلة ، لان هذا القلب يعرف امور تكون غيبية بالنسبة لعالم المادة .
بل حتى في حالة اتخاذ الانسان مذهباً من المذاهب الضالة ، فانه وان تظاهر ودافع عن مذهبه بكل مايملك ، فان قلبه لن يكون في اطمئنان دائم...!!
أخبرني احد المخالفين ، يقول : انا حينما اسمع بالمذاهب الدينية أضطرب اضطرابا شديدا ، وأشعر بالخوف . لان قلبي غير مرتاح في هذا المذهب وهو مذهب أهلي وعائلتي!!!
أنا اتذكر أني قرات حديثاً ،واقعاً بحثت عنه كثيراً ، نسيت في اي مكان قراته ، معناه : أنّ آدم عليه السلام قال في وصيته يا بني اذا اردت فعل شي وتردد او انقبض قلبك ،فلا تفعله . فاني حينما أردت ان آكل من الشجرة ترددت وانقبض قلبي .
قال رجل للامام الصادق عليه السلام " الرجل يقول لي : أودك فكيف أعلم أنه يودني ؟ فقال عليه السلام : امتحن قلبك فإن كنت توده فإنه يودك " كافي ج 2 - ص 652.
وقال مسعدة بن اليسع قال :" قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) : إني والله لأحبك فأطرق ثم رفع رأسه فقال : صدقت يا أبا بشر ، سل قلبك عما لك في قلبي من حبك فقد أعلمني قلبي عما لي في قلبك "الكافي ج 2 - ص 652.
ويقول الامام الصادق عليه السلام : "انظر قلبك فإن أنكر صاحبك فاعلم أن أحدكما قد أحدث ."الكافي ج 2 - ص 653.
إنّ هذه الاحاديث الصادقية ، ينبغي ان لا نغفل عنها وهي تبين لنا أمور منها:
1_ اذا أردت أن تعرف ما لك عند شخص ، فانظر قلبك واساله ما لهذا الشخص عندك؟!
2_إذا انقض قلبك من شخص ،فاعلم أنّ نظرته قد تغيرت بالنسبة لك !!.
فهذا الذي كان يحبك ،أصبح يحسدك ! ((مثلاً)).
والانقباض على حسب مقدار الكراهية ، فان كان ذلك الشخص يبغضك كثيراً جداً ، فانك سوف تلاحظ ان قلبك قد انقبض بقوة شديدة عند رؤيته لهذا الشخص .
وكما قال الامام الباقر عليه السلام:" إن العباد إذا ناموا خرجت أرواحهم إلى السماء ، فما رأت الروح في السماء فهو الحق ، وما رأت في الهواء فهو الأضغاث ، ألا وإن الأرواح جنود مجندة ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف ، فإذا كانت الروح في السماء تعارفت وتباغضت ، فإذا تعارفت في السماء تعارفت في الأرض ، وإذا تباغضت في السماء تباغضت في الأرض" البحار ج 58 - ص 31 .
أنّ هذا القلب ممكن أن يَمرض ، فيبقى عليلاً لفترة طويلة ، وربما يصيبه مرض مزمن !!
قال الرحمن تعالى ذكره :"خَتَمَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ" (7) سورة البقرة.
ولذلك هذا الصنف من الناس ، لن يشعر بتلك النعمة العظيمة ،وسيعيش في حياة ضنكا ، في دنياه وآخرته .حتى يكون بهيمة بمعنى الكلمة .!!
فكيف يُحيي قلبه مرة أخرى ، لينطلق نحو عالم الارواح ، وتنكشف له الحُجب .؟
الجواب : هو في جهاد النفس وتهذيبها ، والتزام التقوى والورع .، فيحصل على وسام الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ".
وعلى قدر قوة المُجاهد تكون قوة هذه اللغة القلبية ، ونحن نعيش في حياتنا ونرى بأعيننا كرامة المؤمنين ، وقوة قلوبهم بحيث اننا لا نشك انها أصبحت مملكة رحمانية ذات قوة كبيرة.
في الحديث عن الامام الصادق عليه السلام :"قوة المؤمن في قلبه.. "علل الشرائع للصدوق
إنّ القلب بمجرد أن يجاهد نفسه ولو جهاد بسيط فانه سيبدأ بالنشاط شيئاً فشيئا ، حتى يصل الى مستوى عالي جداً من الروحانية ،.
وكلما ازدادت نقاوة القلب وصفاوته ومُلأ إيمانا وتقوى، كلما كان أهدى لك وأدلة دامغة وكان دليلا لا يُخطئ ولا يميل. وكلما حصلت منه على بركات ما فيه من تقوى وإيمان.
سبحان الله .. هنالك الكثير من الحوادث والقصص ليتها تحضرني، ولكن باختصار وبخصوص من ترتاح له ومن لا ترتاح له من أول نظرة .. فهذا يعود لتقابل قلبين متنافرين، فقلبك صافي ونقي يقابل قلبا ملوثا! .. هنا تبدأ جنود القلب تعمل بدورها الرباني في تنبيهك وتزويدك بالإشارات التي تُرسل للعقل لكي يدبر أمره ويفكر حتى يصل لنقطة التقاء واتفاق بينه وبين القلب ويخرجون ببيان شبه رسمي بأن هذا الشخص غير مرغوب لدينا وعليه تم التوقيع.
وهنا توفرت لديك سبل الهداية والحقائق ومن ثم تُترك بين جانب الخير المتمثل بالقلب النقي والعقل الواعي وبين وسواس الشيطان والنفس الأمارة بالسوء. والفائز من جاهد في الله ونهى النفس عن الهوى واتخذ قلبه الذي لابد وأن يثق فيه هاديا له ودليلا إذا ما لم يخالف العقل ويميل عنه.
يقول البعض للبعض الآخر: رأيتك فأحببتك من أول نظرة، وهنا ليس حبا حقيقيا وإنما بمثابة ارتياح من القلب للقلب لما كان من توافق وطرق آمنة بينهما، وأيضا اعجاب العقل بالعقل والنفس بالنفس والروح بالروح. ومن ثم تتدرج العلاقة حتى تتحول إلى حُب حقيقي مؤسس على أسسه الرصينة من احترام ووفاء وتقدير وتضحية وغيره.
قبل أيام كُنتُ أتحدث مع أحد المؤمنين ، فقال لي: إني أحبك في الله ، .
فقلتُ له : أعلم بذلك.
قال لي : كيف ؟!
قُلتُ له : إنّ للقلب لغة تفهم وتتعامل مع القلوب الأخرى .
ولزيادة التوضيح ، قلت له :ان هذه الارواح حينما كانت(تكون) في العوالم الأخرى ،فانها تتعارف فتكره وتحب ، وتنبسط وتنقبض.
ولذلك فاذا جاء شخص وقال لي :"إني احبك" ، وانكره قلبي ، فانه يكون كاذباً يجب ان احترز منه .
لانه ان حاول ان يخدع جسدي المادي فانه لن يستطيع خداع قلبي الذي تعرف عليه في تلك العوالم .!
إنّ لغة القلوب دقيقة جداً ، وقد لا تعمل عند البعض !
كما يفقد العربي القدرة على التحدث بالعربية ، بسبب خارجي ،كالمرض وغيره.
فكذلك القلب حينما يمرض فان تلك اللغة تضعف وحينها يصعب على القلب استعمالها .
حينما كنت أفكر في الكلمات التي أكتبها لكم ، تذكرت حديثاً رواه الصفار في بصائره بسنده عن الإمام الصادق عليه السلام قال:"جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال والله يا أمير المؤمنين انى لأحبك فقال كذبت فقال الرجل سبحان الله كان تعرف ما في قلبي فقال علي عليه السلام ان الله خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام ثم عرضهم علينا فأين كنت لم ارك ." ص107ح3.
، كان أحد أقاربني يخبرني دائماً ، اذا رأى شخص ما ،أنّ قلبه لم يطمئن له ، وقد انقبض! وبلفظه (( قلبي ما ارتاح لفلان))
يريدُ بذلك ان ينصحني بأن أترك هذا الشخص [[ أو على الاقل أكن على حذر منه]].
والعجيب أني أيضاً أقول له حتى أنا قلبي لم يطمئن لهذا الشخص!!.
الخلاصة:
القلب يعمل كصافرة انذار وتحذير قبل وقوع الخطر.ولذلك يجب أخذ الحذر والتنبه جيداً.وبكل دقة.
*القلب ان كان مريضاً فلن يعمل .!! (( فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)).
*المؤمن يعرف قلبه جيداً من خلال التجربة الواقعية .
*لا يجب على المؤمن الابتعاد عن شخص كرهه قلبه ، خصوصاً ان كان هنالك ضرورة ، ولكن يجب عقلاً أخذ الحيطة والحذر دائماً .
أحياناً يجلس المؤمن ولكن يصيبه بعض الحزن !!
لم تمر عليه أي مشكلة.
لم يرى أي مصيبة.
فما سبب هذا الحزن ؟...
السبب هو : أيضاً القلب .!
هذا القلب له أصدقاء تعرف عليهم في ذلك العالم الروحاني ، فيتألمون ،أو يعتريهم حادث .!
فيحزن وينقبض لهم القلب .
عن جابر الجعفري قال : تقبضت بين يدي أبي جعفر ( عليه السلام ).
فقلت : جعلت فداك ربما حزنت من غير مصيبة تصيبني أو أمر ينزل بي حتى يعرف ذلك أهلي في وجهي وصديقي.!
فقال عليه السلام: نعم يا جابر إن الله عز وجل خلق المؤمنين من طينة الجنان وأجرى فيهم من ريح روحه فلذلك المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأمه فإذا أصاب روحا من تلك الأرواح في بلد من البلدان حزن حزنت هذه لأنها منها .. الكافي : 2 / 141 ح 5 .
خصوصاً اذا طرى على القلب اسم شخص مُعين ، عند وقوع هذا مثل هذا الحزن .فانه يكون من المحتمل جداً أنّ صاحب هذا الاسم قد اصابه شيئ .!
*كنا في سفر وأصاب الوالد حادث لطف الله به . وله الحمد ..
في نفس اليوم اتصلت الوالدة من الكويت وهي تبكي وتقول : مالذي حدث بكم .!؟
فقلنا لها : اطمئني يا أيتها المخلوقة المقدسة فنحن بخير.ولله الحمد هدأت.
* حقّا انّ الام مخلوق مُقدس ، وأتصور الكثير له تجارب عديدة مع الام الكريمة .،
فمنهم من حدثني أنّه كان يريد ان يخرج لمكان كالعادة ، .
ولكن في احدى الايام اضطربت عليه امه وقالت لا تخرج هذا الليلة .!!
ولكنه خرج . فأصيب بحادث ادى الى انقلاب مركبته .
مما راق لي