|
المواضيع الإسلامية هذا الركن يحوي جميع المواضيع التي تندرج تحت هذا الأسم من دعاء وتعبد وغيره.. |
|
أدوات الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
آية السِحر: وما أُنزِل على الْمَلَكين ببابِل هارُوتَ ومارُوتَ: تفسير الشيخ الحجاري (إعـْلانٌ لِمَنْ لـَمْ يَـدرِكُنا وَلاّ يَفهَمُنا) أقصِد بِهِ أنَ بَعضَ المَواقِعُ لَنْ تَتَقبَل نَشْراً لِتَفاسِيرِنا فَمّا هِيَّ العِلَةُ بِذلِك؟ فـَلاّ تَنسى الرابـِط الـذِي يَظْهَـرُ بـِهِ فَتـْح مَوقِعِكَ وَالتَفسِيرُ غـَيْرَ مَوجُودٍ لأعضائِكَ فَماذا تَقول إنْ وُجِـدَ التَفسِيرُ عِندَ غـَيْركَ وَالرِدُود تَجِيبُها بِأحسَنِ حالٍ ,,,, وَأقول فَلَـوْلاّ الأقـلامُ لَّمّا أعطَّـتْ العِلـُومَ مَواقِـفَ مَنازِلِها, وَلاّ اتَضَحَـت صِنـُوفَ مَراتِبِها, أوْ كَشَفَت عَـنْ صُـوَرِ مَكْنـُونِ جَواهِرِها, وَنَضَجَت ألـْوان قِـداحِ ثَمَرِها, وَاسْتَدَلَت عَلى سَـرادِقِي سَرائِرِها, وَوَقَفَـت عَلى قَـَوائِـمِ أرْجائِها وَبَـرَزَتْ بِمَكْنُونِ ضَمائِرها, وَأوْقَدَت أسْراجاً مِنْ أنْوارِها, وَبِها أَبانَ اللهُ الإنْسانَ مِنَ الحَيْوانِ وَنَبَّهَ بِها عِظَمَ الامْتِنانِ سُبْحانَهُ عَـزَّ مَنْ قال (عَلَّمَ) الإنْسانَ (بِالْقَلَمِ)(عَلَّمَهُ الْبَيَانَ) فَلَوْلاَ الأقلامُ لـَمْ تَكُـن لِتَتَغَذى قَوائِمَ العِلْمِ صاحِبُها, فَلَـوْ صَحَّ مِـنَ العاقِلِ أنْ يُمِيتَ أزاهِـيرُ العَقلِ كَمائِمَهُ, لَتَعطَّلَت قِـوَى الأفكارِ مِـنْ مَعانِيْها, وَلاَ الخَواطِرَ تَجْـبُر مِنْ هَـواجِسِ مَعاقِلِها, وَلَسَيْطَـرَت عَليْهـا الأوْهامُ بِمَآقِ أضالِيلِها, وَلَتَوَقَفـَت الأذهـان عَـنْ سُـلْطانِ مَعرِفـَةِ أحاسِيسِها, وَلَبَقِـيَت القِلُوب تَتَحَكَمُ بإقفالِ وَدائِعِها, وَلَتَصَرَفت الوَدائِع فِي سِجْـنِ مَواضِيعِها وَالقـَرائِحِ عاطِـشََةً عَـنْ تَصَـرُفِ سَوَاقِيها, فَلَـنْ يَبْـقَ لِلأخْـلاقِ باعتِدالِ عَظائِمهَا, فَلَوْلاّها لَّمّا عُرفَ الإحسانُ مِنَ الإساءَةِ بِمَعقـَدِها, وَبالعَكْسِ؟ لاَ فَرقَ بَيْنَها وَالبَهائِمِ بالأكْلِّ بَوادِيها,, وَمِنْ هذا قَـَد جِئتَكُم بِتَفسِيرِ القُرآنَ بالقُرآنِ وَهُوَ أقدَمُ المَناهِجَ التَفسِيريَّة وَأرفعُها شَأناً إذا ظَهَـرَ المَعنى آيَـةً بآيَـةٍ أخْـرى، وَلكنَنِي قَلِيلاً مّا أعتَمِـدُ بالدَلائِلِ وَالقَواعِـدِ وَالقـَرائِـنِ العَقلِيَّـةِ دُونَ مّا أعتَمِدُ عَلى الأدلَّـةِ النَقلِيَّـةِ التِي لَيْسَ لَها دَلِيلٌ فِي الحَدِيثِ الشَريف، وَتَارَةً أعتَمِدُ عَلى القَيْدِ القَطْعِي وَهُوَ الأساسِيُ المَرهُونُ عَقلاً كَي يَدخُل مَنهَج تَفسِيرُنا فِي دائِرَةِ التَفسِير بالـرَأيِّ الاصْطلاحِي المَقبُـول لاَ المَمْقـُوتَ عَـقلاً وَالمَمْنُوع شَـرْعـاً, كَيْ لاَ يَكُونَ مَحفُوفاً بالمَخاطِر وَالزَلَلِ وَالبِدَعِ وَالإضْلالِ بسِقـُوطِه,, وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العالَمِينَ وَالصَلاةٌ وَالسَلامُ عَلى أشْرفِ الخَلْقِ وَأسْمَّى البَشَرِ مُحَمَدٍ صَلى اللهُ عَليهِ وَآلِـهِ الطَيِّبِينَ الطاهِرين (سُورَةُ البَقرَة تَفسِير آيَة السِحر بِهارُوتَ وَمارُوت) [IMG]http://i1106.photobucket.com/albums/h376/HohoSaid/Basm%20Allh%20001/Basm%20Allh%20002/0***.png[/IMG] (وَاتَّبَعُـوا مَا تَتْلـُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفـَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِـنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَـرُوا يُعَلِّمُـونَ الـنَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنـْزِلَ عَلَى الْمَلَكَـيْنِ بِبَابـِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بـِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُـمْ بِضَارِّينَ بـِهِ مِنْ أَحَـدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقـَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بـِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (البقرة:102) تَفسِـيرُ (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلـُوا الشَّيَاطِينُ) مِـنْ هُـنا قََـد اختَلفَ بَعـض عُلمـاءِ المُسْلِمِينَ سُنَةً وَشِيعَةً فِي مَعنى الآيَـة اختِلافاً واسِعاً لا يُكادُ يُوجَد مَثِلَُهُ فِي آيَةٍ مِنْ آياتِ القُرآن مِمّا يُقارب عَشَراتِ المِئاتِ مِنَ الاحتِمالاتِ التِي لاّ يَثبِت دَلِيلـُها, وَكانَ اخْتِلافَهُم فِـي قوْلِـهِ (وَاتَّبَعُـوا مَا تَتْلـُوا الشَّيَاطِينُ) قالَ المُفسِرُونَ: فَمَنْ هُم الذِينَ اتَبَعُوا, هَّلْ هُم اليَهُود فِي عَهْدِ سُليْمان أمْ اليَهُود فِي عَهْدِ النبِّي مُحَمَدٍ صَلى اللهُ عَليهِ وآلِهِ,, وَلِبَيان الآيَـةِ أقـُول لِلمُفَسِرينَ: إنَ الشَياطِينَ مِـنَ الجِّـنَةِ كانَت فِـي عَهْـدِ سُلَيْمانَ تَسْتَرِقُ السَمْعَ مِنَ السَماءِ فتَقعد مِنها مَقاعِدٌ لِلسَرِقََةِ فتَسْمَع مِنْ كَـلامِ المَلائَكَةِ فِيْمّا يَحـدِثُ عَلى الناسِ مِـنْ مَـوْتٍ, أوْ غـَيْثٍ, أوْ أمْـرٍ, أوْ عِـقابٍ فَيَأتـُونَ الكَهَنَةُ المُنَجِمُونَ فَيَخْبِرُونَهُم، فتـُحَدَث الكَهنَة بـِهِ الـناس مِـنْ كُـلِّ كِلْمَةٍ كُذِبـاتٍ؟؟ فَعَلِـمَ الناسُ مِـنْ كَهَنَتِهِـم بأنَ الجِّـنَ تَعلَـمُ الغَـيْب فيَجِدُونَهُ غَيْباً إذا أمَنَتهُم الكَهَنة كَذبُوا لَهُم فِي غَيْرِهِ فَجَعَلُوا مِنْ أكاذِيبهِم وَطِيداً لِلسِحرِ فأشْرَبَتها قِلـُوب الناس وَاتَخَذُوا مِنْ أحادِيثِهِم مَجالِساً لَهُم يَتَسامَرُونَ بِها وَكُتِبَت فِي كُتبِهِم أساطِـيرٌ, وَفشَتْ فِي بنِّي إسْرائِيلَ عَلى أنَ الجِّنَ تَعلَمُ الغَيْب,, وَفِي الرِوايَـةِ: بَعثَ سُليْمانُ فِي الناسِ فَجَمَعَ تَلْكَ الكتُبِ مِـنَ السَحَرَِةِ فِي صَندُوقٍ ثمَ دَفنَها تَحتَ كرسِيهِ، وَلَمْ يَكُن أحَدٌ مِنَ الكَهنَةِ يَسْتَطِيع أنَ يَدنُو مِـنَ كُرسِي سُليْمانَ إلاّ احتَرَقَ,, فلَّمّا مـاتَ سُليْمان (عَلـيهِ السَلام) جـاءَ شـيْطانٌ إلـى نَفـرٍ مِـنْ بنِّـي إسْرائِيلَ فـَدَلَهَُم عَلـى الكـُتبِ وَقالَ: إنَـمّا كانَ سُلَيْمان يَضْبِط أمْـرَ الخَلْق بهـذِهِ الكُـتب فأخْرَجُوها, ففَـشا فِي الناسِ أنَ سُلَيْمانَ كانَ ساحِراً فَوَطَدَ لَهُ المُلْك,, وَقالُوا هذا عِلْمٌ كانَ سُلَيْمان يَكْتِمَهُ وَلاّ يُظهِرُهُ لِلناسِ حَسَداً مِنهُ فأَخْبَرَهُم النَبّيُ مُحَمَد صَلى الله ُعَليه وَآلِـهِ بهذا الحَدِيث فرَجَعُوا مِنْ عِندِهِ خائِبينَ بِمّا أبْطَلَ اللهُ حِجَتَهُم,, وَالدَلِيلُ عَلى تَفسِيرِنا لِهـذِهِ الآيَـة: هُوَ المُرادُ إتِـباعِ السِحِر الذِي تَوَغـَلَ الناسُ بـِهِ, وَالتَمَحِضُ فِيهِ, وَالإقبالُ عَلَيهِ فِي عَهْـدِ سُلَيْمانَ تَعَلَمُوهُ مِـنَ كَهَنَةِ اليَهُود لَمّا نَبَذُوا التَوْراةَ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ تَجاهُلاً مِنْهُم, وَكَفَرُوا بمّا جاءَهُم بِهِ النَبِيُ مُحَمَدٍ وَهُم عالِمُونَ بهِ قُرآناً أنَهُ الحَقَّ, وَهُم (الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ) أيْ: شَياطِينُ الجِّـن الذِينَ يُعَلِّمُـونَ الكَهَنَةَ المُتَمَردِينَ مِنْ بَنِّي إسْرائِيلَ فِي عَهْـدِ سُليْمانَ السِحرَ, ثـُمَ يَتلـُوهُ عَلى النَّاسِ سَواءٌ كانـُوا فِي عَهْدِ مُوسى أوْ فِي عَهْدِ سُليْمان, أوْ فِي عَهْدِ رسُولِ اللهِ صَلى اللهُ عَليهِ وَآلهِ,, وَلقـَد صَدَّقَ الناسُ ما تَتَقَوَّلَهُ شَياطِينَهُم عَلى مُلْكِ سُليْمان, فَزَعَمُوا عَلى ذلِك أنَ سُلَيْمانَ لـَمْ يَكُنْ نَبِّياً وَلاَ رَسُولاً يَنْزِلُ عَليهِ وَحياً مِنَ اللهِ، بَلْ كانَ ساحِـراً يَسْتَمِدُ العَـوْنَ مِـنَ السَحَرَةِ, وَإنَ سِحـْرَهُ وَطَّـدَ لـَهُ المُلْك وَجَعَلَـهُ يُسَيْطِر عَلى الجِّنِ وَالطَيْر وَتَسْخِيرِ الرِياح, فإنَهُم لاّ يُمَيِزُونَ بَـيْنَ النافِعِ وَالضّار فَنَسَّبُوا بِذلِكَ الإفتِراء الكُفْرَ لِسُلَيْمان, فَأكذبَهُم اللهُ وَأبْرَأَ سُليْمانَ مِنَ السِحرِ, وَأنزَلَ بَيانـَهُ فِي عُـذرٍ قـُرآنِيِّ عَلى نَبيِّـهِ وَقالَ: قـُلْ يا مُحَمد لِليَهُودِ (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا) باسْتِعمالِ السِحرِ وَبِمّا (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) يَقصِدُونَ بـهِ إغْواءَهُم وَإضْلالَهُم كَي لاّ يَتَبِعُـوا سُلَيْمانَ بالحَقِّ,, وَسَبَب نِزُول الآيَة فِيها قَوْلان: أحَدَهُما أنَ اليَهُودَ كانُوا لاّ يَسْألُونَ النَبِّيّ مُحَمَد عَـنْ شَيءٍ مِـنَ التَوراةِ إلاّ أجابَهُم، فسَألُوه عَنْ السِحرِ وَخاصَمُوهُ فِيهِ كَوْنَهُ قالَ لَهُم أنَ سُليْمانَ كانَ نَبِّياً,, وَقالـُوا إنـَهُ كانَ ساحِراً, فنَزَلَت هـذِهِ الآيَة تُبَلِغ بَراءَة سُليْمانَ مِـنَ السِحرِ وَهِيَّ شِمُولِيَة وَيَقـَعُ ضَمِيرُها (مَا تَتْلـُوا الشَّيَاطِينُ) باسْتِعمالِ السِحر وَتَعلِيمَهُ لِلناسِ,, وَالآيَـة عُطِفـَت عَلى جُمْلةِ الشَرطِ مِنَ الخَبَرِ الذِي مَا قبْلُها وَجَوابَهُ فِي قوْلِهِ تَعالى (وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِـنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتـُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ)(البقرة:101) فاختَلفَ العُلَماءُ فِي (كِتَابَ اللَّهِ) فَتَواتَرَت عَنهُ التَفاسِيرُ إنهُ التَوراة,, وَلَقد أَخْطأَ المُفَسِرُونَ: وَأقول إنَهُ القُرآن وَالمَعنى فِيهِ, لَمّا دَخَلُوا اليَهُود عَلى رَسُولِ اللهِ, فَجاءَهُم النَبِّيُ بالخَبَرٍ مُصَّدَقاً مِنْ عِـندِ اللهِ لِّمَا مَعَهُم فِي التَوراةِ فَنَبَذُوا القُرآنَ (وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ) بِعِلَةٍ أنَهُم مُتَمَسِكُونَ بالتَوراةِ فَلاّ يَتَبِعُونَ مُحَمَدٍ مّا خالَفَ أحكامُها كَوْنِها مُحَرَفَةَ بأيْدِيهِم (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلـُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ) كَذلِكَ هُمْ مُخالِفِينَ لِلتَوراة, لأنَها تَنْهى عَنْ السِحر وَالشِركِ باللهِ,, السِّحْرُ هُوَ عَمَلٌ تُقَرِّبَ فِيهِ الشياطِينُ إلى الناسِ, لأَنَهُ تُسْتَمالُ بهِ القِلُوب وَيَرْضَى بهِ الساخِط, ويُسْتَنْزَلُ بهِ الصَّعْب, كُلُ ذلكَ الأَمـْرُ كَينُونَةٌ لِلسِحرِ الذِي يَأْخُذَ العَيْنَ حَتى يَظنُّ الإنسانَ أَنَ الأَمْرَ كَمّا يُرَى وَليْسَ الأَصْل عَلى ما يُرى فَيَكُونُ العَمَلَ مَسْحُوراً ذاهِبَ العَقلِ مُفْسِداً لِعَقِيدَةِ, وَالسِحرُ مَعناهُ فِيهِ: وَهُوَ شَيءٌ يَلعَب بـِهِ شَياطِين الإِنس وَالجِّن إِذ مُـدَّ مِـنْ جانبٍ خَرَّجَ عَلى لّـوْنٍ، وَإِذا مُـدَّ مِـنْ جانِبٍ آخَـر خرَجَ عَلى لَوْنٍ آخَـرٍ مُخالِفٍ,, وَكُلُ ما أَشْبَه ذلِكَ هُوَ سِحْرٌ وَكانَ شائِعاً مَشْهُوراً فِي أهْلِ بابل مِنَ السِريانِيِّينَ وَالكَلْدانِيِّينَ وَفِي أهْـلِ مِصْـرَ الفراعِنَة مِـنَ الأقـْباطِ, كَمّا أُنـْزِلَ فِـي قوْلِـهِ تَعالى عَلى لِسانِ الفراعِنَةِ حِينَ قالُوا لِنَبِّيِ اللـَّهِ مُوسى (يَا أَيُّهَا السَّاحِـرُ ادْعُ لَـنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ) (الزخرف49) بَـلْ: إنَ القِبْطَ يَزْعَمُونَ أَنهُم مُهتَدُونَ كَوْنِهِم سَحَرَةً,, يَعنِي بأنَ الساحِرَ كانَ عِندَهُم نَعتاً مَحمُوداً غَيرُ مَذمُوماً،وَالسِحرُ عِندَهُم كانَ عِلْماً مَرغـُوباً فِـيهِ, وَلِهذا قالـُوا لِمُوسى يا أَيُها الساحِـرُ عَلى جِهَِـةِ التَعظِيمِ لـَهُ، وَخاطبُوه بِمّا تَقـَدَمَ لـَهُ عِندَّهُم مِنْ التَسْمِيَةِ بالساحِرِ العَظِيم إِذ جاءَهُم بالمُعْجِزاتِ التِي لَـمْ يَتعَهَدُوا بِمِثلِها مِنْ قَـَبْلِ،, فَزَعَمُوا لَـهُ أنَ السِحرَ عِندَهُم لَيْسَ كُفراً وَلِذلِكَ قالُوا لهُ يا أَيُها الساحِرُ وَهُم لاّ يَشعِرُونَ بأنَ السِحرَ مُلْحِقٌ فِي التَحريم لِمّا فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ, فَمَنْ عَـدَّ السِحرَ فإنَهُ كافِـرٌ كَمّا نَزَلَ فِي قوْلِـهِ تَعالى (وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَـدٍ) هذِهِ الآيَة قََد اختَلفَ فِيها أهْلُ التَأوِّيل فِي اللّذِين عَنُّوا بقَوْلِهِم: فَقِيلَ (ما) مَوصُولَة وَالعَطْفُ عَلى قوْلِهِ تَعالى (مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ) وَقِيلَ (ما) نافِيَةٌ وَالواو اسْتِئنافِيَة, وَلَمْ يَنزِل عَلى المَلَكَينِ سِحرٌ كَمَا يَدَعِيهِ اليَهُود,, وَاختَلَفوا أيْضاً فِي قوْلِهِ تَعالى (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) فَقِيلَ أنَهُم مَلَكان ألقـُوا السِحْرَ عَلى الناسِ فَتَعَلَمُوه, وَقِـيلَ بَـلْ كانا إنسانَيِّينِ مَلَكَيْنِ بِكَسْرِ اللام وَبَعضَهُم قالَ: إنَهُم دَّلُوا الناس عَلى اسْتِخْراجِ السِحْرِ وَكانَ مَدفُوناً تَحتَ كُرسِي سُليْمان فاسْتَخرَجُوه وَتَعلَمُوه,, وَفِي تَفسِرُنا أقول الآيَة فِيها قَوْلان: أحَدهُمَا مَعطُوفٌ عَلى (مَـا) فَتَقدِيرُهُ (مَاتَتْلُوا الشَّيَاطِينُ) وَالثانِي فِْي قَوْلِهِ تَعالى (وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ) إنَها مَعطـُوفَةٌ عَلى السِحر مِـنَ الآيَـةِ فِـي قَوْلِـهِ تَعالى (فَيَتَعَلَّمُونَ) وَتَقدِيرُهُ (يُعَلِّمَانِ) المَلَكان هارُوتَ وَمارُوتَ بَلْ (يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَـدٍ) مِـنَ الناسِ (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا) فَوَقَـَعَ الضَمِيرُ (مِنْهُمَا) عَلى السِحرِ إنزِل تَحَت وَأكْمِل قِراءَة التَفسِير |
#2
|
|||
|
|||
آية السِحر: وما أُنزِل على الْمَلَكين ببابِل هارُوتَ ومارُوتَ: تفسير الشيخ الحجاري (2)(تابِعٌ لِتَفسِيرِ آيَة السِحر)
مِنْ هُنا: فَلْيَعلَّمَ المُفَسِرُونَ بِمّا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ هَارُوتَ وَمَارُوتَ بِبابِلَ وَكانَ نِزُولـُهُمَا مِـنَ السَماءِ بِصُـورَةٍ آدمِيَةٍ لِيُعَلِمانِ الناسَ أبْوابَ السِحرِ وَإبطالِهِ؟؟ لأنَ الناسَ لاّ يَعلَمُوا بإبطالِ السِحرِ إذا لَمْ يَتَعلَمُوه فِي أنفُسِهِم وَللـَّهِ الحِكْمَةَ فِي نِزُولِهِما لِيُزيلا عَـنْ الناسِ الشُبْهَة السِحْريَة المَكْذوبَـة فَلَهُ الأمْـر فِي امْتِحانِ عِـبادِهِ بنِزُولِ المَلَكَيِّنِ الصالِحَينِ, حَيثُ أنَ السِحرَ فِي ذلِكَ الزَمان كانَ يُوْقِـع الشَك فِي النبُـوَةِ كَمّا أوْقَعُـوهُ اليَهُـود بِمُوسى فَبَعَثَ اللـَّهُ تَعالى هذان المَلَكان ابْتلاءً مِنهُ لِيُعلِمانِ الناس السِـحْرَ: وَهُـوَ بَـيانٌ لِكَشْفِ حَقيقَتـُهُ الكاذِبَـة التِي جاءَت بـِهِ كَهَنَـة اليَهُـود, لِيَظْهَرَ لَهُـم الفَرقُ بَيْنَ كَلامِ اللهِ وَكَلامُ السَحَرَةِ (بِبابِل) وَالحِكْمَةُ فِيهِ فَجَعَلَ اللهُ السِحرَ فِي (الكُفْرِ وَالإيمانِ امْتِحاناً) أنْ يَقبْلَ الإنسانُ تَعَلُّمَ السِّحرِ فيَكْفـر بِتَعلُّمِهِ وَيُؤمِنْ بتَركِـهِ, يَعنِي المُرادُ مِنْ قَوْلِـهِ تَعَلِمَهُ مِنْ المَلَكَيْنِ: فَمَنْ عَمِلَ بـِهِ كَمّا عَمَلَ بـِهِ شَياطِينُ الإِنس فَقدْ كَفر, وَمَنْ تَعَلَّمَهُ وَتَوَقى العَمَلَ بـِهِ فقـَدْ ثَبَتَ عَلى الإيمانِ,, هذا هُوَ دَلِيلُنا لِتَفسِير الآيَة: مِمّا جَعَلَ اللـَّهُ الفَرقَ بـََيْنَ المُعجِزَةِ لأنبِيائِـهِ وَالسِحرُِ بِتَعالِمِهِ, فإنَ السِحرَ عندَ الناسِ راجِعٌ إلى التَحَدِي بالكُفرِ, كأَنهُ يَبْلـُغ مِـنْ ثنائِهِ أَنَـهُ سِحرٌ لِيُمْدَحَ فِيهِ فَيُصَدِقُوه الناس إذا صْرَفَ قلـُوبَهُم إِلى قوْلِهِ ثـُمَ يَذُمُّهُ فَيُصَدِقُوهُ حَتى يَصْرِفَهُم إلى قوْلِـهِ الآخَـر وَبِهذا كَأَنـَهُ سَحَرَ الناظِرينَ وَالسامِِعِينَ بذلِك,, فإنَ الساحِرَ مَصْرُوفٌ عَلى التَحَدِي فـَلاّ يَصِـحُ مِنـهُ وقـُوع المُعجِزَة إنـَهُ عَلى سَبيلِ دَعوى الكاذِبِ,, وَمـّا أكثـَرُ الناسَ يُحِبُونَ مِـنَ السِّحْرِ الحَلالِ التَّحَبُّب وَلكِنَ الحَلالُ لا يَكُونَ سِحْراً: لأَنَ السِحرَ كَالخِداعِ,, وَدَلِيلُ مَعنى الآيَـة: هِيَّ إشارَةٌ إلى مَـنْ تَعَلـمَ السِحرَ فَإنـَهُ مُوجِبٌ للِكُفـْرِ وَهُـوَ عَطْفٌ (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلـُوا الشَّيَاطِينُ) وَعَنْ سَبيل الروايَةِ المَكْذوبَة التِي تَناقَلَتها الخُطباءُ قالُوا: أَنْزَلَ اللهُ تَعالى مَلَكان كافِران يُعَلِمانِ الناسَ السِحرَ حَتى تَعَلَقا بِبابلَ مِنْ رَأسِهِمّا إلى يَوْمِ القِيامَةِ فإنَهُم اسْتَندُوا عَلى قَوْلِ المُفَسِرينَ الذِينَ اسْتَدَلُوا وَهْماً بأنَ المَلَكانَ كافِران هُمّا فِتنَةٌ لِلناسِ بسِحرِهِمّا عَلى قوْلِـهِ تَعالى (حَتَّى يَقـُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتنـَةٌ فـَلا تَكْفـُرْ) وَلـَمْ يُفَسَرُوا الفِتنَةَ مِنْ قَوْلِهِ عَـزَّ وَجََـل بأنْ لاّ تَكْفـُر أيُها العامِلُ بِعَمَلِ السِحرِ أوْ لاّ تَكْفُر بِتَعلِيمِهِ مّا آتاكَ بِهِ المَلَكان الصالِحان فإنَهُ لاّ ضَّرَرَ فِيه,, وَأقُول لَهُم: أليْسَ هُمّا قََـَد نَزَلا ابتـِلاءً مِـنَ اللـَّهِ لاختِبارِ الناسِ أيَتَبِعُـونَ النُصْح عَنْ كَشفِ حَقيقِةِ السِحرِ وَضَّرَرَهُ مِن حَيثُ لاّ يَعمَلُونَ بـِهِ الناسَ لِمّا فِيهِ مِنْ إظهارِ حَقِيقَةِ الساحِر الكاذِب,, وَالدَلِيلُ عَلى سَنَدِ قَوْلِنا لِمَعنى الآية قالُوا المَلَكان (إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَة) لِلناسِ وَهُمَا مَلَكان صالِحان أُنْزِلاّ مِنَ السَماءِ كَهَيئَةِ إنسانَيْنِ جَعَلَهُمَا اللـَّه فِتنـَةً كَمّا يُريدُ فِي القبُورِ مَسْألَة مُنكَر وَنَكِير مِنْ الفِتْنَةِ الامْتِحانِ وَالاخْتِبارِ أوْ كَمّا إنَ المُؤمِنَ خـُلِقَ مُفتـَناً: أيْ مُمْتَحِناً يَمْتَحِنَهُ اللَّهَ بالذَّنـْبِ, تـُمَ يَتـُوب ثـُمَ يعُود, ثُمَ يَتُوب: يُقال فَتَنْتُهُ أفْتِنُهُ فَتناً إذا امْتَحَنْتَهُ,, وَالدَلِيلُ الثانِي: المُشابَه بِتَعلِيمِ السِحرِ وَتَركَهُ هُوَ قوْلَهُ تَعالى امْتَحَنَ بـِهِ قـَوْمُ طالُوتَ بنَهْرِ حِينَ (فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ) فَقالَ لَهُم طالـُوتَ: إنَ اللـَّهَ مُبتَلِيِكُم بإرادَتِهِ بِضَبْطِ الشَهَواتِ وَالمُحَرماتِ لِيُحَذرَكُم مَِنْ يَنقلِب عَلى عَقبَيهِ (بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّـهُ مِنِّي) أيْ: جَعَلَ اللـَّهُ النَهْـرَ امْتِحانٌ لِمَنْ ثَبَتَ إيمانـَهُ, وَلِمَنْ يَنْقلب عَلى عَقبَيْهِ فإنَهُ لَيْسَ مِني فِي حِزْبِ اللـَّهِ تَعالى (فَشَرِبُـوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ)(البقرة249) وَهُيَّ الطائِفَةُ الضالَّةُ الباغِيَةُ مِنْ بَنِّي إسْرائِيلَ الذِينَ نَقَضُوا مَواثِيقَ اللـَّهِ (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا) يَتَعَلَمُوا الناسَ مِنْ المَلكَيْنِ هَارُوتَ وَمَارُوتَ لِكَشْـفِ حَقيقـَةِ السَحرَةِ الكاذِبينَ اليَهُـود,, فإذا سَحَرَت اليَهُود الناسَ, قالـُوا لَهُم أنَ سِحرَكُم لَكاذِبٍ فِي كَـذا,, وَهـذِهِ مِنْ عَجائِبِ القُرآن لِكَشفِ أكاذِيبِهِم وَإبطالِها وَالآيةُ دالَة عَلى أفعالِ اليَهُودِ وَتَداوِلِهِم للسِحْرِ (ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) فالسِحْرُ تارةً يَكُون بَيْنَ الرَجُلِ وَزَوْجِهِ حُـباً, وَتارةً بغضاً فِي انفِصالِهِما أوْ بالكُفـْرِ وَالشِرِكِ باللـَّهِ, فأرْسَلَ اللـَّهُ المَلَّكَـيِْن هارُوتَ وَمارُوتَ رَحمَةً لِيُعَلِمانِ الناس السِحرَ دُونَ العَمَلِ بـِهِ, فَوَردَ عَنهُ فِي قَوْلِـهِ عَـزَّ مَنْ قال (وَمَـا هُـمْ بِضَارِّينَ بـِهِ مِـنْ أَحَـدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُـمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ) كَسِحرٍ بِعَمَلِـهِ مَنفَعَـةً بَـينَ الناسِ, وَإنَمّا يَتَعَلَّمُونَهُ مِـنَ المَلَكَـيْنِ الصالِحَيْنِ إلاّ لِدَّفعِ الشُبهاتِ وَالأوْهامِ التِي تَقَع مِنْ أقَـْدارِ السِحْرِ النافِعِ وَالضَّار (إِلَّا بِإِذْنِ الله) فِي أَسْمائِهِ تَعالى النَّافِعُ وَالضَّارُ وَهُوَ الذِي يَنفَعُ مَنْ يَشاءُ مِنْ خَلقِهِ وَيَضِرَّهُ, حَيْثُ هُـوَ اللهُ الخالِقُ الأَشْياءَ كُلِّها, خَيْرِها وَشرِّها وَنَفعِها وَضُرِّها,, فالضَرُ وَالضُرُ لُغَتان ضِِد النَفع, وَالضَرُ المَصْدر، وَالضُـرُ الاسْـم,, فإِذا جَمَعتَ بَيْنَ الضَرِّ وَالنَفعِ فتَحتَ الضّاد, وَإِذا أَفـرَدتَ الضُر ضَمَمْتَ الضَاد إِذا لَمْ تَجْعَلَهُ مَصْدراً، كَقوْلِكَ ضَرَرْتُ ضُراً,, وَالدَلِيلُ: هُـوَ نَظِيرُ قوْل اللـَّهِ (وَإِذَا مَسَّ الْأِنْسَانَ الضَّرَّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ) بَـلْ حَتى قالَ (كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ)(يونس:12) الضَرَرُ هُوَ مَا تَضُرَّ بِهِ صاحِبُكَ وَتَنتَفعُ أَنتَ بهِ، وَالضِّرارُ أَنَ تَضُرهُ مِنْ غـَيْرِ أَنْ تَنتفِعَ بـِهِ,, (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ) أيْ: لَقـَدْ عَلِـمَ الناسُ بأنَ السِحرَ مِنْ المَفاسِدِ التِي تُؤَدِي إلى الكُفرِ وَالإشْراكِ باللهِ تَعالى, كَذلِكَ العَمَلُ بـِهِ مِنَ المَفاسِدِ الاجتِماعِيَةِ, قالَ: رسُول اللهِ صَلى اللـَّهُ عَليهِ وَآلِهِ (إنَ ساحِرَ المُسْلِمِينَ يُقتَل, وَساحِرُ الكُفارَ لا يُقتَل/ قِيلَ يا رَسُولَ اللـَّهِ لِمَ لا يُقتَل ساحِر الكُفار قالَ لأنَ الشِركَ أعظَمُ مِنَ السِحرِ, لأنَ السِحرَ وَالشِركَ مَقرُونانِ) المَعنى: مِنْ حَدِيثِ النبِّي صَلى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ هُوَ مُسْتَنبَطٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعالى (مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) وَهُوَ الحَظُ والنَصِيب مِنَ ْالخَيْرِ الذِي يَتَخَلَقُ بـِهِ مِـنَ الفَضائِلِ الحَسَنَةِ: لأنَ العَبْـدَ لِيُدْرِك بحُسْنِ خُلـُقِهِ دَرَجَـةَ الصائِـم القائِم (وَلَبِئْسَ مَاشَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) هؤلاء اليَهُودَ الذِينَ باعُـوا بِسِحْرهِم أنفـُسِهِم, فَهُـوَ كُفرَهُم بالثَمَنِ المُضافُ لأنفـُسِهِم,, بِأسَ مَا عَمَلُوا بِهِ إنَهُم يَهُودٌ كَفرَة شَرُوْا دُنْياهُم بآخِرَتِهِم: وَالشُّراةُ جَمْعُ شارٍ وَيَجُوز أنْ يَكُونَ مِنَ المُشارَّةِ وَهِيَّ الكُفرُ بِعَيْنِه فنَزَلَ الرَدعُ بذلِكَ (مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) أيْ: مَا لَهُ مِنْ نَصِيبٍ فِي الجَنَةِ,, ((انتَهى تَفسِيرُ العَلامَة المُحَقِق الشَيْخ ألحَجاري الرُمَيثي مِـنَ العِـراق)) ((آية الله العُظمى مَحمَد حِسين الطباطبائي يُقدِم لَنا تفسِيرهُ لِهذِهِ الآية)) قولهُ تَعالى (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلـُوا الشَّيَاطِينُ) إلخ، قـَد اختلفَ المفسرُونَ في تفسير الآية اختِلافاً عجيباً لا يُكاد يوجد نظيرهُ في آيـةٍ من آياتِ القـُرآن المَجيد، فاختلفوا في مرجَع ضمِير قولهِ (اتَّبَعُوا) أهُم اليهُود الذين كانُوا في عَهْدِ سُليمان أو الذِين في عهْدِ رسُول اللهِ صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسَلم أو الجَمِيع؟ واختَلفوا في قولـهِ ( تَتْلـُوا ) هَل هـوَ بمعنى تتَبـِع الشياطِين وتعمَل بهِ أو بمَعنى تَقرأ أو بمعنى تكَذب واختَلفوا في قولهِ (الشَّيَاطِينُ) فقِيلَ هُم شياطِين الجِّن وقِيلَ شياطِين الإنس وقِيلَ هُما مَعاً واختلفُوا في قولهِ (عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ) فقِيلَ: معناهُ في مُلْكِ سُليمان، وقِـيل معناهُ في عهْدِ مُلْكِ سُليمان, وقِيلَ معناهُ على مُلْكِ سُليْمان بحفظٍ ظاهِرِ الاسْتِعلاء في مَعنى على, وقِيلَ معناهُ على عهْـدِ مُلْكِ سُليْمان, واختَلفوا في قولـهِ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا) فقِيلَ إنهُم كفرُوا بمَا اسْتخرجُوه مِن السِحر إلى الناس, وقِيلَ إنهُم كفرُوا بما نسَبُوه إلى سُليْمان مِن السِحر، وَقيلَ إنهُم سَحرُوا, فعبر عَـن السِحر بالكُفـر، واختَلفـوا في قولـهِ (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) فقِيلَ إنهُم ألقـُوا السِحر إليهِم فتَعلمُوه، وقِـيلَ إنهُم دَلـُوا الناس على اسْتخراج السِحر وكانَ مَدفـُوناً تحـتَ كرسي سُليْمان فاسْتخرجُوه وتعلمُوه، واختَلفوا في قولـِهِ ( وَمَـا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ ) فقِيلَ مَـا موصُولة والعطفُ على قولهِ (مَا تَتْلُوا) وقِيلَ ما موصُولة والعطفُ على قولهِ السِحر أي يُعلمُونهُم,, (وَمَـا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ) وقِيلَ ما نافيَة والواو اسْتينافيَة, أي ولم ينزل على المَلكَين سِـحر كما يدعيهِ اليهُود، واختَلفوا في معنى الإنزال, فقِيلَ إنزالٌ من السماءِ وقِيلَ بَل من نجُودِ الأرض وأعالِيها واختَلفوا في قولهِ المَلكَين فقِيل كانا من ملائكةِ السماءِ، وقِيلَ بل كانا إنسانَين ملكَين بكَسر اللام إن قرأناه بكسْر اللام كَما قرئ كذلك في الشَواذ أو مَلكَين بفتحِ اللام أي صالِحَين، أو متظاهِرين بالصَلاح، إن قرَأناهُ على ما قرأ بهِ المَشهُور واختَلفوا في قولهِ: ببابل فقِيلَ هِي بابل العِراق, وقِيلَ بابل دماوَند، وقِيلَ من نصيبين إلى رأسِ العَين، واختلفوا في قولهِ: وما يعلمان، فقيلَ عِلمٌ بمعناه الظاهر، وقِيلَ عِلم بمعنى أعلم، واختَلفوا في قولهِ فلا تَكْفر، فقِيلَ لا تَكفر بالعَمل بالسِحر، وقِيلَ لا تَكفـر بتعلمِهِ، وقِيلَ بهما مَعاً، واختَلفوا في قولهِ (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا) فقِيلَ أي مِن هارُوتَ ومارُوتَ, وقِيلَ أي من السِحر (مَا يُفَرِّقُونَ بـِهِ بـََيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) فقِيلَ أي: يوجدُونَ بـه حُـباً وبغضاً بينهُما,, وقِيلَ إنهُم يغرُون أحَـد الزوْجين ويحمِلونـهُ على الكُفـر والشِرك فيفرق بينهُما اختلاف المِلَة والنحلَة, وقِيلَ إنهُم يَسعُون بينهُما بالنمِيمَةِ والوشايةِ فيَئول إلى الفرقةِ, فهذهِ نبذةٌ من الاختِلافِ في تفسِير كَلمات ما يَشتمِل على القصةِ من الآيةِ وجملةِ, وهناكَ اختلافات أخَر في الخارج من القِصةِ في ذيل الآيةِ وفي نفسِ القِصةِ وهل هيَ قصَة واقعَة أو بَيان على سَبيل التمثِيل أو غير ذلِك؟ وإذا ضربتَ بعض الأرقام التي ذكَرناها مـن الاحتِمالاتِ في البَعض الآخَـر, ارتقى الاحتمالات إلى كَميةٍ عجيبةٍ وهيَّ ما يُقرب من ألفِ ألفٍ ومائتَين وسِتِين ألف احتِمال,, ((نُقِلَ هذا مِن مُجَلَداتِ تفسِير السَيد مَحمد حسين الطَباطَبائي)) |
#3
|
|||
|
|||
الف شكر لك ع التفسير
جزآك ربي كل خير |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
أحب, أُنزِل, الحجاري, الشيخ, السِحر, الْمَلَكين, ببابِل, تفسير, على, هارُوتَ, ولا, ومارُوتَ |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
قصة النبي عُزير أماتهُ الله مائة عامٍ ثمَ بعثهُ حياً: من تفسير الشيخ الحجاري الرميثي | الشيخ الحجاري الرميثي | المواضيع الإسلامية | 2 | 09-11-2011 08:37 PM |
أفضلُ تفسير نزلَ في هذا العصر لآيـة المباهلة للعلامَة الشيخ الحجاري الرميثي | الشيخ الحجاري الرميثي | المواضيع الإسلامية | 1 | 09-07-2011 11:14 PM |
نسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ: تفسير الشيخ الحجاري | الشيخ الحجاري الرميثي | المواضيع الإسلامية | 2 | 08-16-2011 12:31 PM |
أهيَ مُعجزة سُبحانَ الله صورة السيد السيستاني في عُمره 13سنة تشبة الشيخ الحجاري بصغره | الشيخ الحجاري الرميثي | المواضيع الإسلامية | 2 | 08-02-2011 08:57 PM |
آية الله العُظمى الشيخ صالح الطائي والعَلامة الشيخ الحجاري هل يلتقيان بتفسير القرآن | الشيخ الحجاري الرميثي | المواضيع الإسلامية | 2 | 07-26-2011 09:56 AM |