#9
|
|||
|
|||
الفصل التاسع
فرصة غير عادية في المساء التالي أصبحت جاين جيدة كفاية كي تغادر غرفتها لبضع ساعات. أحضرتها إليزابيث إلى قاعة الاستقبال حيث استقبلت بحرارة من قبل صديقتيها. لم يسبق لإليزابيث أن رأتهما لطيفتين هكذا خلال الساعة التي سبقت مجيء الرجال. وعندما دخل الرجال لم تعد جاين موضع اهتمامهما. فالآنسة بنغلي نظرت فورا إلى دارسي. وهو تحدث إلى الآنسة بنيت وهنأها بأدب. وقال السيد هارست أيضا أنه " مسرور جدا ". لكن الحماسة و الدفء ظهرا فقط من خلال ترحيب بنغلي. كان ممتلئا بالفرح والاهتمام, فجلس إلى جانبها ونادرا ما تحدث إلى أحد سواها. وقد تطلعت إليزابيث إلى كل ذلك ببهجة وهي تخيط من الزاوية المقابلة. عندما انتهى تناول الشاي, رغب السيد هارست في لعب الورق. لكن لم يقبل بذلك أحد, ولم يكن لديه ما يقوم به سوى الاستلقاء على إحدى الأرائك والاستسلام للنوم . تناول دارسي كتابا. وفعلت الآنسة بنغلي الشيء نفسه, فيما لعبت السيدة هارست بأساورها وخواتمها, وشاركت من حين إلى آخر في حديث أخيها مع الآنسة بنيت. كانت الآنسة بنغلي منهمكة في مراقبة السيد دارسي وهو يقرأ كتابه أكثر من انهماكها في قراءة كتابها. فكانت تسأله باستمرار أسئلة أو تنظر إلى صفحته. لكنها لم تتمكن من استدراجه إلى الحديث, فكان يجيب فقط عن أسئلتها ثم يتابع القراءة. تثاءبت بقوة وقالت: " كم هو ممتع قضاء الأمسية بهذه الطريقة! أنا متأكدة من أن ليس هناك من متعة مثل القراءة. عندما يصبح لدي بيت خاص بي سأكون تعيسة إن لم يكن لدي مكتبة ممتازة ". تثاءبت مرة ثانية, ألقت الكتاب جانبا, وتطلعت عبر الغرفة بحثا عن تسلية. أخيرا نهضت ومشت في الغرفة. كان لها قوام جميل ومشية رشيقة ـ لكن دارسي, الذي كان هدفها, واصل بحزم القراءة في كتابه. وفي غمره يأسها قامت بمجهود إضافي, فالتفتت نحو إليزابيث وقالت: " دعينا يا آنسة إليزابيث بنيت نقوم بالسير في الغرفة. فهذا مريح جدا بعد الجلوس هكذا لمدة طويلة ". استغربت إليزابيث, لكنها وافقت على الفور. كما نجحت الآنسة بنغلي في تحقيق هدفها, إذ تطلع السيد دارسي, وكان مستغربا مثل إليزابيث لياقة الآنسة بنغلي, فأغلق كتابه للحظة. وفي الحال طلب منه الانضمام إليهما, لكنه رفض قائلا أن هنالك سببين محتملين لسيرهما معا ذهابا إيابا في الغرفة ـ وأن رفقته ستتعارض مع أي منهما. طلبت الآنسة بنغلي تفسيرا, فقال حالما سمحت له بالكلام: "بالتأكيد. أنتما تسيران معا إما لأن لديكما أسرار تبوحان بها أو أنكما تقومان بذلك لأنكما تعرفان أنكما تبدوان أنيقتين جدا أثناء السير. وإذا كان السبب الأول هو الحقيقي, فسأعترض طريقكما تماما. وإذا كان الثاني, يمكنني الإعجاب بكما بشكل أفضل وأنا جالس بالقرب من النار". صاحت الآنسة بنغلي: "أوه, شيء مروع! لم أسمع بشيء مروع كهذا من قبل! كيف نعاقبه على ملاحظته هذه؟" قالت إليزابيث: " ما من شيء أسهل من ذلك إن رغبت. أثيري غيظه ـ اسخري منه! وبما أنك تعرفينه جيدا, فلا بد أن تعرفي كيف تقومين بذلك". قالت الآنسة بنغلي :"لا تحاولي السخرية من السيد دارسي! من يجرؤ على ذلك؟" صاحت إليزابيث: "لا يمكن السخرية من السيد دارسي؟ هذه فرصة غير عادية ـ وآمل أن تبقى غير عادية. أنا نفسي لا أحب الضحك كثيرا". قال: " لقد بالغت الآنسة بنغلي في مدحي. إن أعقل الرجال وأفضلهم قد يصبحون موضع سخرية أي شخص هدفه الوحيد هو المزاح". قالت إليزابيث:" بالتأكيد, هنالك مثل هؤلاء الأشخاص, لكنني آمل ألا أكون واحدة منهم. آمل بألا أضحك مما هو عاقل وصالح. إني أعترف بأن البلاهة والسخافة توفران لي التسلية حقا, وأنا أضحك منهما بقدر استطاعتي. لكنك لا تمتلك هذه الصفات, على ما أظن". " لعل ذلك غير ممكن لأي شخص. لكن هدفي في الحياة هو تجنب الضعف الذي غالبا ما يجعل الأذكياء يظهرون سخفاء". "مثل الغرور والكبرياء؟" "أجل, إن الغرور هو ضعف حقا, أما الكبرياء ـ فإن أي شخص يتمتع بالذكاء يستطيع السيطرة على كبريائه". استدارت إليزابيث لتخفي ابتسامة. فقالت الآنسة بنغلي :" إن امتحانك للسيد دارسي قد انتهى . من فضلك أخبرينا بالنتيجة". " لقد قررت أن السيد دارسي لا يمتلك أية عيوب. وهو يعترف بذلك بنفسه". قال السيد دارسي: " كلا, لم أقل ذلك. بل لدي الكثير من العيوب. أعتقد بأنني قاس ـ قاس جدا طبعا بحيث لا أرضي أي شخص. لا أستطيع أن أنسى أخطاء الآخرين وحماقاتهم ـ ولا تهجمهم علي. وعندما أفقد ثقتي بهم, أفقدها إلى الأبد". صاحت إليزابيث :" هذا عيب بالتأكيد. فالقلب الذي لا يعرف التسامح يعبر عن ضعف في الشخصية. لكنك اخترت عيبك جيدا, ولا يمكنني حقا السخرية منه". " أعتقد أن لدى كل شخص عيبا مميزا في الشخصية لا يمكن لأفضل تربية معالجته تماما". " وعيبك هو الميل إلى كراهية الجميع". أجاب بابتسامة: "وعيبك هو عدم تقبلك لهم". هتفت الآنسة بنغلي وقد سئمت من الحديث الذي لم تشارك فيه:" لنستمع إلى قليل من الموسيقى. لويزا, هل تسمحين بأن توقضي السيد هارست؟". فتح البيانو ولم يكن دارسي بعد بضع دقائق آسفا. إذ بدأ يرى خطر توجيه الاهتمام الشديد إلى إليزابيث. في الصباح التالي كتبت إليزابيث إلى أمها تطلب منها إرسال عربة لهما. لكن السيدة بنيت كانت قد خططت لإبنتيها البقاء في نذرفيلد لمدة أسبوع على الأقل, ولم تكن مسرورة بعودتهما قبل ذلك فأجابت بأنه لن يكون بإمكانهما الحصول على العربة قبل يوم الثلاثاء ـ وأنه إن ألحتا على البقاء لمدة أطول فهي لن تعارض. لكن إليزابيث صممت على عدم البقاء أكثر من ذلك. فأقنعت جاين بأن تطلب عربة من السيد بنغلي. أثار الطلب احتجاجات كثيرة, وأخيرا قبلت جاين بأن تبقى حتى اليوم التالي. وقد أسفت الآنسة بنغلي لأنها اقترحت أيضا التأجيل, فغيرتها وكراهيتها لإحدى الأختين كانتا أكبر من حبها للأخت الثانية. رحب السيد دارسي بأخبار رحيلهما . فإليزابيث بقيت في نذرفيلد وقتا كافيا, وقد جذبته أكثر مما أراد ـ وبينما كانت إليزابيث هناك, كانت الآنسة بنغلي وقحة معها ومتعبة له. فقرر بحكمة بألا يظهر المزيد من الإعجاب بها ـ فلا شيء من شأنه أن يمنح إليزابيث أي أمل بحبه. لم يتحدث إليها بأكثر من عشر كلمات خلال النهار كله. وخلال نصف ساعة, عندما كانا معا بمفردهما, قرأ في كتابه ولم ينظر إليها. غادرتا يوم الأحد. ازداد تهذيب الآنسة بنغلي نحو إليزابيث بسرعة. قبلت جاين بحرارة وصافحت إليزابيث. أما إليزابيث فقد ودعتهم جميعا بروح عالية. لم تلقيا ترحيبا دافئا في البيت من قبل والدتهما. لكن والدهما, مع أنه لم يقل الكثير, فقد فرح برؤيتهما. إذ افتقد حديثهما في الحلقة العائلية خلال الأمسيات |
#10
|
|||
|
|||
الفصل العاشر
صانع السلام قال السيد بنيت أثناء الفطور في الصباح التالي: " آمل يا عزيزتي أن تكوني قد أمرت بتحضير عشاء جيد اليوم, فأنا أتوقع ضيفا". لمعت عينا السيدة بنيت :" إنه السيد بنغلي, أنا متأكدة. لماذا يا جاين ـ لم تذكري أية كلمة عن ذلك! حسنا, أن متأكدة من أنني سأكون سعيدة برؤية السيد بنغلي . . . " قال زوجها :"إنه ليس السيد بنغلي, بل ابن عمي, السيد كولينز, الذي ربما طردك من هذا المنزل متى شاء, عندما أموت". قالت زوجته: " أوه, يا عزيزي, أرجوك لا تتحدث عن ذلك الرجل الرهيب! أعتقد أن أقسى شيء في العالم هو أن تذهب أموالك إلى غير أولادك. كان ينبغي أن تفعل شيئا في هذا الصدد منذ وقت طويل!". حاولت جاين وإليزابيث أن تشرحا لها مرة ثانية قانون الوراثة. فقد ورث السيد بنيت عن والده منزل العائلة في لونغبورن ودخلا مقداره ألفا جنيه في السنة. ولسوء حظ بناته, لا يمكن أن يرث المنزل والدخل إلا إبن بحكم القانون. وبما أن لا أبناء لديه, فلا بد أن ينتقل إلى أقرب أقربائه من الذكور, والذي كان رجل دين اسمه كولينز. لم تقتنع السيدة بنيت, بل استمرت تتذمر من خطر ترك خمس بنات في الفقر من أجل رجل لم يكترث له أحد. قال السيد بنيت: " إنه أمر خطر بالتأكيد, ولا يمكن لأحد أن يعفي السيد كولينز من ذنب وراثة لونغبورن. لكن إن استمعت إلى هذه الرسالة ربما فكرت فيه بشكل أكثر لطفا". " أنا متأكدة من أنني لن أفعل. أعتقد بأنها وقاحة شديدة منه أن يكتب إليك على الإطلاق.فأنا أكره أمثال هؤلاء الأصدقاء المزيفين. لماذا لا يتابع النزاع معك مثلما كان يفعل أبوه من قبله؟". " لماذا, إنه يبدو قلقا حقا بشأن ذلك كما ستسمعين". هانسفورد, بالقرب من وسترهام, كنت 15 تشرين الأول(أكتوبر) سيدي العزيز, إن النزاع بينك وبين المرحوم والدي جعلني قلقا باستمرار. ومنذ أن ابتليت بفقدانه, رغبت دائما في إنهاء النزاع, لكنني كنت أخشى أحيانا أن أسيء إلى ذكراه إذا ما تصادقت مع أي شخص كان على خلاف معه (السيد بنيت مثلا!) لقد كان من حسن حظي أن ألتقي رعاية الليدي كاثرين دي بورو الموقرة, أرملة السيد وليم دي بورو. آمل أن تكون مستعدا لتقبل حقيقة أنني التالي الذي سيتولى ميراث مقاطعة لونغبورن. يحزنني أن أكون مصدر ألم لبناتك, أعذرني لذلك وأعدك بأنني سأبذل قصارى جهدي لتسوية الخلاف حبيا ـ سوف نناقش ذلك فيما بعد. إن لم تعارض استقبالي في منزلك, سيسعدني أن أزورك وأزور عائلتك يوم الاثنين, 18 تشرين الثاني (نوفمبر), الساعة الرابعة. ربما أمكث معكم لمدة أسبوع, طالما أن الليدي كاثرين دي بورو لا تعارض غيابي من وقت إلى آخر. تحياتي واحترامي , يا سيدي العزيز, لسيدتك وبناتك صديقك وليم كولينز" قال السيد بنيت وهو يطوي الرسالة: "إذا يمكننا أن نتوقع وصول السيد صانع السلام هذا عند الساعة الرابعة. يبدو أنه شاب مهذب جدا. أنا متأكد من أنه سيكون صديقا نافعا, إذ أن الليدي كاثرين هي طيبة كفاية لتسمح له بالقدوم إلينا ثانية". "إنه محق تماما بما يقول عن الفتيات. لو أنه ينوي مساعدتهن, فأنا سأشجعه". قالت إليزابيث: "أعتقد بأنه غريب الأطوار. إنني لا أستطيع أن أفهمه. فهو يكتب بطريقة متباهية جدا عن كونه التالي في تولي الميراث. هذا ليس خطأه. هل تعتقد بأنه رجل حساس يا والدي؟". "كلا, يا عزيزتي. لا أعتقد ذلك. لدي آمال كبيرة بأنه ليس كذلك. أنا متلهف جدا لرؤيته". أتى السيد كولينز في تمام الساعة الرابعة, فاستقبل بأدب من قبل العائلة كلها. تحدث السيد بنيت قليلا, لكن السيدات كن مستعدات للحديث ولم يكن السيد كولينز بحاجة إلى أي تشجيع. كان رجلا طويل القامة ثقيل الوزن, في الخامسة والعشرين من العمر. كانت تصرفاته جديه ورسمية جدا. وسرعان ما بدأ يهنئ السيدة بنيت على بناتها الخمس. قال أنه متأكدا من أنها ستراهن كلهن متزوجات زواجا جيدا. "أنت طيب جدا يا سيدي. آمل أن تكون على حق إلا سيكن معدمات. إن قانون الإرث هو أمر مجحف. لا أقصد إهانتك, لأن المسألة هي مسألة حظ". "أنا قلق جدا بشأن إيذاء بنات عمي الجميلات. لكنني أستطيع أن أعد الشابات بأنني آت إلى هنا لأظهر تقديري لهن. لن أقول المزيد في الوقت الحاضر, لكن عندما يعرف بعضنا بعضا أكثر . . . ". قاطعته الدعوة للعشاء, فابتسمت الفتيات فيما بينهن. فهن لم يكن موضع إعجابه الوحيد. فكل الغرف وكل الأثاث نال ثناءه أيضا. وهذا كان سيسعد السيدة بنيت أكثر لو لم تشعر بأنه يتطلع إلى كل ذلك على أنه ملكا له في المستقبل. ونادرا ما تحدث السيد بنيت خلال العشاء عن أي شيء باستثناء سؤاله السيد كولينز عن رأيه بالليدي كاثرين دي بورو. لم يكن ليختار أفضل من هذا الموضوع. إذ انفجر السيد كولينز بالمديح. حتى أنه أصبح أكثر وقارا, وقال أنه لم يسبق له في حياته أن قابل مثل هذا العطف والتقدير لدى إنسانة مرموقة. كانت طيبة كفاية لتوافق على العظات التي كان له الشرف في إلقائها أمامها. دعته للعشاء في منزلها مرتين. أرسلت في طلبه الأسبوع الماضي حين احتاجت رجلا آخر لترقص معه. اعتقد كثيرون من الناس أن الليدي كاثرين متعجرفة, لكنه لم يجدها كذلك أبدا. إذ طالما تحدثت إليه مثلما تتحدث إلى سيد آخر. حتى أنها كانت عطوفة كفاية لتنصحه بالزواج في أسرع ما يمكن. كما أنها قامت بزيارة منزله المتواضع وكانت طيبة كفاية لتقدم بعض المقترحات من أجل تحسينه. وعندما طرحت عليه السيدة بنيت أسئلة, كان سعيدا ليخبرهم أن الليدي كاثرين دي بورو عاشت في روزينغز بارك, وأن لها إبنة واحدة هي وريثة روزينغز وممتلكات ضخمة. لكن هذه الشابة كانت لسوء الحظ مريضة دائما, لذلك لم تنه تعليمها أو تستمتع بمزايا المجتمع اللندني مثل معظم السيدات من منبتها العريق. وصف السيد كولينز بفخر المجاملات التي أفرح بها الليدي كاثرين وأبنتها. وردا على السيد بنيت, اعترف بوقار أنه تسلى من وقت إلى آخر بتحضير المجاملات سلفا والتي ثبت أنها مفيدة. وجد السيد بنيت إبن عمه سخيفا مثلما كان يأمل. أنصت باستمتاع عظيم, مسترقا النظر أحيانا إلى إليزابيث التي شاركته فرحه. </b></i> |
#11
|
|||
|
|||
خطة ممتازة
لم يكن السيد كولينز رجلا سريع البديهة ولم يسعف قلة ذكائه التعليم أو المجتمع الراقي. لقد قضى معظم حياته تحت إشراف أب جاهل وبخيل. وهذا ما جعله أساسا متواضعا تواضعا عظيما في سلوكه, لكن ترقيته إلى منصب الموجه في هانسفورد غيره كثيرا. فاحترامه للطبقة الراقية التي تنتمي إليها الليدي كاثرين دي بورو ورأيه الجيد بنفسه جعلاه مزيجا من الكبرياء والخنوع, من الشعور بالأهمية والتواضع. وبما أنه يمتلك الآن منزلا جيدا ودخلا, فقد نوى أن يتزوج, وكان هدفه اختيار واحدة من بنات السيد بنيت كزوجة له. وقد ظن أن هذه خطة ممتازة, نبيلة جدا وغير أنانية. لم تتغير خطته عندما شاهد البنات. فوجه جاين بنيت الجميل جعله يحسم الأمر. كانت لحسن الحظ الابنة الكبرى, وكانت خياره في الأمسية الأولى. وفي الصباح التالي كان له حديث مع السيدة بنيت. فكانت مستغرقة في الابتسام والتشجيع, لكنها حذرته من اختيار جاين. حذرته من احتمال إتمام خطوبة جاين في القريب العاجل. لكن البنات الأخريات, على ما تظن, متحررات من أي اهتمامات أخرى. فتحول السيد كولينز من جاين إلى إليزابيث عندما كانت السيدة تقلب النار . أملت السيدة بنيت في أن يصبح لديها ابنتان متزوجتان قريبا, والرجل الذي لم تستطع التحدث عنه بالأمس صار يتمتع برضى كبير. في ذلك الصباح قررت أربع من الأخوات السير على مريتون لزيارة خالتهن, فذهب معهن السيد كولينز. كانت المدينة تعج بالضباط, ولم تستطع الفتيات الصغيرات النظر إلى شيء سواهم, باستثناء إن كان ذلك الشيء قبعة أنيقة حقا, أو ثوب موصلين جديد حقا في واجهه محل. لكن انتباه كل سيدة انجذب إلى شاب لم يسبق لهن أن شاهدنه أبدا. كان يمشي مع ضابط تعرفه ليديا. وقد تأثرن جميعا بمظهر الغريب النبيل, وتسائلن جميعا عمن يكون. عبرت البنات الصغيرات الطريق للنظر إلى شيء في واجهة محل ولحسن الحظ وصلن إلى الرصيف لدى مرور السيدتين. تحدث الضابط إليهن وقدم صديقه, السيد ويكهام, الذي أتى لتوه من لندن ليصبح ضابطا في فوجهم. كان الشاب يحتاج فقط إلى بزة رسمية لتجعله ساحرا تماما. كان له وجه وسيم وقوام متناسق وأخلاق رفيعة. كانت المجموعة بكاملها تقف معا, تتحدث بفرح شديد, عندما لفت انتباهها صوت جياد, ثم شوهد دارسي و بنغلي منطلقين في الشارع. ولدى رؤية السيدات, أتى السيدان إليهن, وأخبر بنغلي جاين أنه كان في طريقه إلى لونغبورن للسؤال عن صحتها. انحنى السيد دارسي, وكان مصمما على أن لا ينظر إلى إليزابيث حين وقع نظره على الغريب. كانت إليزابيث مذهولة بتأثير اللقاء. تغير لون كل منهما, فبدا الأول شاحبا والثاني محمرا. وبعد لحظات قليلة لمس السيد ويكهام قبعته وهز السيد دارسي رأسه.ماذا يمكن أن يكون معنى ذلك؟ كان من المعتذر تصوره, وكان من المعتذر عدم الرغبة في معرفته. وسرعان ما انفصلت المجموعة وتابعت الشقيقات طريقهن إلى خالتهن السيدة فيليبس. كانت مثلهن تعرف القدر الضئيل عن السيد ويكهام, لكنها وعدت بأن يقوم زوجها بزيارته ودعوته إلى الانضمام إليهن في لعبة ورق لطيفة ومريحة, وإلى عشاء بسيط دافئ في الأمسية التالية. كان الأمل بمثل تلك المسرات مقبولا تماما, فقلن إلى اللقاء بروح متوثبة |
#12
|
|||
|
|||
الفصل الثاني عشر
الرجل السعيد نقلت العربة السيد كولينز وبنات عمه الخمس إلى مريتون في المساء التالي. وقد سررن حين علمن أن السيد ويكهام قبل أن ينضم إلى مجموعتهن. وفيما كن ينتظرن, تسنى للسيد كولينز أن ينظر حوله ويراقب بإعجاب أثاث قاعة الاستقبال. ثم أعلن أنها أنيقة تقريبا مثل غرفة الفطور الصيفية الصغيرة في روزينغز. في بادئ الأمر لم تمنح هذه المقارنة السيدة فيليبس الكثير من الرضى. لكن عندما أخبرت بما تكون روزينغز ومن تخص, وبعدما سمعت وصفا عن إحدى قاعات الاستقبال لدى الليدي كاثرين وعلمت أن رف المدفأة فقط كلف ثمانمائة جنيه, شعرت بمزيد من الرضى, وكانت ستفرح حقا لو تمت مقارنة قاعة استقبالها بغرفة مدبرة المنزل في روزينغز. أخيرا وصل السادة. كان السيد ويكهام الرجل السعيد الذي التفت صوبه عين كل أنثى تقريبا, وكانت إليزابيث المرأة السعيدة التي جلس بجانبها. بدأ لعب الورق, وجلسا معا مرة ثانية. وهكذا كان السيد ويكهام متمتعا بحرية التحدث إلى إليزابيث, وكانت هي راغبة جدا في الإصغاء إليه. لم تتجرأ حتى على ذكر السيد دارسي, وقل فضولها بشكل غير متوقع. بدأ السيد ويكهام الموضوع بنفسه, فسأل: كم تبعد نذرفيلد عن مريتون. وبعد تلقى جوابها, سأل بأسلوب متردد: منذ متى يقيم السيد دارسي هناك. فقالت إليزابيث: "منذ شهر تقريبا". ثم أضافت: "إن لديه ممتلكات واسعة جدا في دربي شاير, على ما أعتقد". قال ويكهام: "أجل, إن مزرعته هناك فخمة, ذات إيراد يبلغ عشرة آلاف صافي في السنة. لم يكن في وسعك أن تلتقي بأي شخص يعرفها أكثر مني. فأنا على علاقة بأسرته منذ الطفولة". لم تقدر إليزابيث على إخفاء الدهشة. " لا عجب أن تدهشي يا آنسة بنيت بعد مشاهدة لقائنا البارحةـ هل تعرفين السيد دارسي جيدا؟". أجابت إليزابيث: "أعرفه بالقدر الذي أريده. لقد أمضيت أربعة أيام معه في النزل نفسه وأعتقد أنه سيء الطبع". قال ويكهام بعد توقف قصير: "أتساءل عما إذا كان من المحتمل أن يمكث هنا لوقت أطول". "ليس لي علم بذلك على الإطلاق, لكنني لم أسمع شيئا عن رحيله عندما كنت في نذرفيلد. آمل بأن لا تتغير خططك بسبب وجوده هنا". "أوه! كلاـ فسيد دارسي لا يستطيع طردي. إن كان يرغب في تجنب رؤيتي, عليه أن يرحل. لسنا على وفاق, لكن ليس لدي أي سبب يدعوني إلى تجنبه. كان والده, يا آنسة بنيت, واحدا من أفضل الرجال. وكان تصرف السيد دارسي تجاهي مخزيا, لكنني أستطيع أن أصفح عن أي شيء, باستثناء الإساءة إلى ذكرى والده". استمتعت إليزابيث بكل جوارحها, لكن دقة الموضوع حالت دون طرح المزيد من الأسئلة. "لقد ولدنا في المكان ذاته وأمضينا معظم شبابنا معا. بدا والدي حياته كمحام, لكنه تخلى عن كل شيء في سبيل خدمة والد السيد دارسي. كان محترما جدا من قبل المرحوم السيد دارسي, كما كان صديقه الحميم. وقد تلقى قبل وفاته وعدا برعايتي". قالت إليزابيث: " كم هذا غريب! إن ما يدهشني هو أنا السيد دارسي لم يكن متكبرا جدا ليكون عديم الشرف". "أجل, كثيرا ما كان كبرياؤه نصيره المفضل. وكثيرا ما قاده ليكون طيبا وسخياـ ليوزع ماله بسخاء, وليساعد مستأجري أرضه, وليمنح المعونة إلى الفقراء. إنه لم يشأ أن يسيء إلى سمعة عائلته". "أي من الفتيات هي الآنسة دارسي؟" هز رأسه وقال: "أتمنى لو أستطيع أن أدعوها لطيفة. يؤلمني أتحدث بالسوء عن عائلة دارسي. لكنها مثل أخيها تماما, متكبرة جدا. عندما كانت طفلة كانت محبة ولطيفة ومولعة بي. أمضيت ساعات أسليها. لكنها ليست شيئا بالنسبة إلي الآن. إنها فتاة جميلة, في الخامسة عشرة أو السادسة عشرة, وموهوبة جدا". شارفت ألعاب الورق على الانتهاء, فجاء السيد كولينز إلى طاولتهما. خسر في كل جولة. عندما عبرت السيدة فيليبس عن أسفها, قال أن الأمر ليس بذي أهمية. قال لها: " أعرف جيدا, يا سيدتي, أنه عندما يجلس الناس إلى طاولة لعب الورق عليهم أن يجازفوا بخسارة المال. لحسن الحظ لست في وضع حيث خسارة خمسة شلنات أمر مهم. هنالك بالتأكيد كثيرون ممن لا يسعهم قول الشيء نفسه, لكن الفضل يعود إلى الليدي كاثرين دي بورو في أنني لست بحاجة إلى القلق من هذه الأمور التافهة". جذب انتباه السيد ويكهام فسأل إليزابيث بصوت منخفض, بعد مراقبة السيد كولينز لبضع دقائق, عما إذا كان إبن عمها يعرف عائلة دي بورو جيدا, فشرحت له العلاقة. "أنت تعلمين, طبعا, أن الليدي كاثرين دي بورو هي خالة السيد دارسي؟ إن ابنتها, الآنسة دي بورو, سترث ثروة كبيرة جدا ويعتقد أنها وابن خالتها سيتزوجان ليوحدا المزرعتين". هذه المعلومات جعلت إليزابيث تبتسم وهي تفكر بالآنسة بنغلي المسكينة. فكل اهتمامها بدارسي لا بد أن يكون عديم الجدوى إن كان قد وعد امرأة أخرى بالزواج. قالت: "إن السيد كولينز يمتدح الليدي كاثرين وابنتها كثيرا. لكن بعض الأمور التي تحدث عنها جعلتني أظن بأن اعترافه بالجميل يضلله. فهي تبدو امرأة متغطرسة معتدة بنفسها". قال ويكهام: "أعتقد بأنها تتصف بالإثنين.لم أحبها أبدا, وإن تصرفاتها استبدادية وفظة". تابعا الحديث معا حتى انتهاء لعب الورق. غادرت إليزابيث ورأسها حافل به. لم تستطع التفكير, وهي في طريقها إلى البيت, في شيء سوى السيد ويكهام, وما أخبرها به. </b></i> |
#13
|
|||
|
|||
الفصل الثالث عشر
الشك الرهيب كانت حفلة الرقص المنتظرة في نذرفيلد منذ وقت طويل يوم الثلاثاء التالي. وكان الشروع مقبولا تماما لدى كل أنثى في العائلة. سرت السيدة بنيت لأن السيد بنغلي وشقيقتيه. أتوا بأنفسهم لتسليم الدعوة. تطلعت جاين بلهفة إلى قضاء أمسية سعيدة مع السيد بنغلي وشقيقتيه. وفكرت إليزابيث بمتعة في مقدار كبير من الرقص مع السيد ويكهام. كانت روحها متوثبة لدرجة أنها لم تقدر على سؤال السيد كولينز عما إذا كان ينوي قبول دعوة السيد بنغلي, مع أنها قلما تحدثت إليه. دهشت حين وجدت أنه لا يعارض الرقص. إذ قال: " آمل في أن أرقص مع كل بنات عمي الجميلات. وأنا أستغل هذه الفرصة كي أطلب منك يا آنسة إليزابيث أول رقصتين بصورة خاصة". شعرت إليزابيث بأنها وقعت في الفخ تماما. فقد كانت تود أن ترقص هاتين الرقصتين مع السيد ويكهام ـ فيما كان لديها السيد كولينز بدلا منه! لكن لم يكن هناك مفر من ذلك. فتم قبول طلب السيد كولينز بأكثر تهذيب ممكن. وفيما راقبت تهذيبه المتزايد تجاهها, ومحاولاته المتعددة لتملق ذكاءها ونضارتها, أصبحت متأكدة من أنها على صواب. وعلاوة على ذلك , لم يمض وقت طويل قبل أن تلمح أمها إلى أن مثل هذا الزواج يناسبها. لكن إليزابيث تظاهرت بأنها لم تفهم التلميح, علما بأن جوابها كان سيسبب خلافا حادا. كما أن السيد كولينز لم يتقدم بعرضه, وإلى أن يفعل ذلك, فإن الخلاف بشأنه لن يجدي. لم يخطر أبدا لإليزابيث أن السيد ويكهام لن يكون في الحفلة الراقصة في نذرفيلد. فعندما دخلت قاعة الاستقبال أخذت تبحث عنه من دون جدوى. وكانت ارتدت ثيابها بعناية أكثر من المعتاد وتهيأت بروح متوثبة جدا للاستيلاء على قلبه. وفجأة ثار الشك الرهيب في أنه لم يكن مدرجا عن عمد في دعوة السيد بنغلي للضباط. لكن صديقا أخبرهم بأن ويكهام ذهب إلى لندن في عمل ما. ثم أضاف وهو يبتسم: "لا أعتقد أن عمله كان يستدعي رحيله لولا أنه رغب في تجنب سيد ما هنا". إذا, كان دارسي مسؤولا عن غياب ويكهام. كانت غاضبة جدا خائبة بحيث أنها عجزت عن الاستجابة بأدب إلى دارسي عندما أتى في الحال من أجل التحدث إليها. قررت ألا تتحدث إليه أبدا وأعرضت عنه بوقاحة تقريبا. لكن إليزابيث لا تستطيع أبدا أن تبقى سيئة المزاج لوقت طويل. فبعد رقصتين تعيستين مع السيد كولينز, الذي كان أسوأ راقص ممكن, استمتعت بالرقص مع ضابط وبالحديث عن ويكهام ثانية. كانت تتحدث إلى شارلوت لوكاس عندما أتى السيد دارسي ودعاها إلى أن ترى الدهشة في عيون جيرانها للشرف الذي حظيت به. تحدثا قليلا أثناء الرقص. وفي آخر الأمر سأل عما إذا كانت تذهب غالبا هي وشقيقاتها إلى مريتون سيرا على الأقدام. فقالت أنهن يفعلن ذلك ـ ثم بعبث: "عندما التقيت بنا هناك في ذلك النهار, تعرفنا إلى صديق جديد". كانت النتيجة سريعة. فقد بدا متعاليا أكثر من ذي قبل ولم يقل شيئا لفترة. ثم قال متهجما: "إن للسيد ويكهام أخلاق حميدة بحيث أنه يستطيع دائما أن يصادق الأصدقاء ـ لكنه غير قادر دائما على الاحتفاظ بهم". ردت إليزابيث: " إنه سيء الحظ بخسارته صداقتك, وقد يعاني ذلك طوال حياته". لم يعطي دارسي أي جواب. "أذكر أنني سمعتك تقول يا سيد دارسي أنك قلما تسامح أي إنسان. أعتقد بأنك حذر جدا بشأن المباشرة بأية ضغينة". "أنا كذلك". "إن الناس الذي لا يغيرون رأيهم لا بد أنهم متأكدين من أنهم على صواب". "هل لي أن أسأل ماذا تعني هذه الأسئلة؟" قالت وهي تحاول أن تضحك: "ما زلت أحاول أن أفهم شخصيتك. فأنا أسمع قصصا مختلفة عنك بحيث أنك تحيرني كثيرا!" أجاب بجدية: "أستطيع أن أعتقد تماما بأن التقارير الواردة عني ربما تنوعت كثيرا. آمل يا آنسة بنيت بألا تتخذي قرارك ربما لن يكون منصفا لنا". أنهيا الرقصة بصمت وافترقا غير راضيين.لكن مشاعر دارسي نحوها كانت قوية كفاية لتجعله يسامحها ويضع كل اللوم على ويكهام. لم تحدث بقية الأمسية شيئا سوى الألم لإليزابيث. ولم يمنحها أية بهجة سوى مشهد فرح جاين برفقة السيد بنغلي. لكنها استاءت من الصوت المرتفع الذي وصفت فيه السيدة بنيت للسيدة لوكاس ميزات الزواج بين جاين و بنغلي. تحدثت وكأن الأمر قد تقرر, واستطاعت إليزابيث أن ترى دارسي ينصت بازدراء وتجهم, فيما حاولت من جدوى أن تحمل والدتها على الحديث بهدوء أكثر. كذلك تألمت من رؤية السيد كولينز يسيء إلى سمعة العائلة. فقد اكتشف أن السيد دارسي, ابن أخت الليدي كاثرين دي بورو, كان موجودا وأصر, خلافا لجميع نصائح إليزابيث, على تقديم نفسه. استمع السيد دارسي بدهشة واشمئزاز إلى أحاديثه الطويلة وابتعد أخيرا بانحناءة صغيرة. بدا وكأن كل الشقيقات في عائلة إليزابيث, باستثناء جاين, قد اتفقن على إظهار أنفسهن بأسوأ حال. لكن السيدة بنيت كانت سعيدة تماما عندما غادرن نذرفيلد. كانت متأكدة من أنها سترى إحدى بناتها تسكن نذرفيلد في غضون أشهر قليلة ـ وأخرى متزوجة من السيد كولينز. </b></i> </span> |
#14
|
|||
|
|||
الفصل الرابع عشر
أمل فوق العادة في اليوم التالي أعلن السيد كولينز قراره. فقال للأم بعد أن وجد السيدة بنيت وإليزابيث وكيتي معا بعد الفطور: "آمل يا سيدتي أن تسمحي لابنتك الجميلة إليزابيث برؤيتي على انفراد خلال الصباح؟" وقبل أن تتمكن إليزابيث من فعل شيء سوى الاحمرار من الدهشة, أجابت السيدة بنيت في الحال: "أوه يا عزيزي, نعم ـ بالتأكيد! أنا متأكدة من أن إليزابيث ستكون سعيدة جدا ـ تعالي يا كيتي, أنا بحاجة إليك في الطابق العلوي". كانت تغادر الغرفة عندما نادت إليزابيث: "أمي العزيزة, لا تذهبي! أرجوك لا تذهبي! أن السيد كولينز سيسامحني. لا يمكن أن يكون لديه ما يقوله لي على انفراد. أنا من سيرحل". ولكن قبل أن تتمكن من الهروب, قالت أمها: "لا, لا. هذه سخافة! أنا أصر على بقائك يا إليزابيث". لم يسع إليزابيث مخالفة مثل هذا الأمر ـ وقد جعلتها لحظة من التفكير تدرك أن من الأفضل إنهاء الأمر بأسرع ما يمكن. جلست ثانية, وحالما خرج الآخرون, قال السيد كولينز: "صدقيني يا عزيزتي الآنسة إليزابيث أن تواضعك يزيد في كمالك. كدت تكونين أقل جاذبية بالنسبة إلي لو لم تظهري هذه المعارضة الضعيفة. قلما تستطيعين الشك بنواياي. فما أن دخلت هذا المنزل حتى اخترتك شريكة لحياتي في المستقبل. لكن قبل أن أترك مشاعري ترحل معي, دعيني أخبرك عن أسباب الزواج, فهي: أولا, أنا أعتقد أن كل شخص ينبغي أن يكون قدوة لغيره من خلال الزواج. ثانيا, أنا مقتنع بأنه سيزيد من سعادتي. ثالثا, لقد نصحتني بذلك السيدة النبيلة جدا التي هي راعيتي. قالت لي: ابحث عن سيدة من النوع النشيط والمفيد. عد بها إلى هانسفورد وأنا سأقوم بزيارتها. هذه هي الأسباب التي جعلتني أقرر الزواج. ينبغي الآن أنأخبرك لماذا قررت البحث عن زوجة في لونغبورن بدلا من البحث عنها بين جيراني. الحقيقة هي بما أنني سأرث هذه المزرعة بعد وفاة والدك, إذن أرغب في أن أختار زوجة من بين بناته. هذا هو هدفي يا ابنة عمي العزيزة, وأنا واثق من أنه لن يقلل من احترامك لي. لم يبق الآن شيء سوى التأكيد على شدة الحب لك. فأنا لست مكترثا للمال ولن أطلب أي منه. كل ما يمكنك توقعه هو ألف جنيه بفائدة 4% تستلميه إثر وفاة والدتك. سوف ألبث صامتا حيال هذا الأمر, ويمكنك أن تتأكدي من أنني لن أقوم بأي توبيخ مهين بشأنه عندما نتزوج". كان من الضروري وضع حد له. فصاحت به: "أنت متسرع جدا يا سيدي. دعني أعطيك جوابي في الحال. أشكرك على الشرف الذي تمنحه لي, لكن يستحيل علي القبول به". لوح السيد كولينز بيده وقال: "أفهم أن السيدات الصغيرات يرفضن غالبا مثل هذا العرض في بداية. لذلك فأنت لا تثبطين همتي. إنني ما زلت أتطلع بأمل إلى زواجنا". صاحت إليزابيث: "ذلك أمل غير عادي يا سيدي. فأنا لست واحدة من السيدات الشابات اللواتي يخاطرن بسعادتهن أملا في أن يسألن مرة ثانية! أنا أعني ما أقول. لا يمكنك أن تجعلني سعيدة وأنا متأكدة من أنني لن أستطيع أن أجعلك سعيدا. لو كانت صديقتك الليدي كاثرين تعرفني فأنا متأكدة من أنها ستوافق على أنني غير مناسبة لأكون زوجة لك". إن كل ما استطاعت إليزابيث قوله لم يقتنع السيد كولينز بأنها جادة بدا له من المستحيل أن ترفض عرضه. فأوضح ثانية أن الزواج أمر مرغوب فيه كثيرا. وبصرف النظر عن مركزه الاجتماعي الرفيع, أخذ يذكر إليزابيث بضعفها. فمن ميزاتها الساحرة الكثيرة. إن المبلغ الضئيل الذي سترثه سيثبط همم الرجال الآخرين. لذلك كان مقتنعا بأن رفضها كان مفتعلا ويهدف إلى جذبه أكثر. أخيرا, وبعدما فشلت في إقناعه, غادرت إليزابيث الغرفة, وقد أسكتها الغيظ. اندفعت السيدة بنيت لتهنئ السيد كولينز حالما رأت ابنتها تتركه. تقبل السيد كولينز تهانيها بفرح مماثل ثم أخبرها بتفاصيل حديثهما. أدخلت معلوماته الذعر إلى قلب السيدة بنيت. لم تستطع أن تصدق أن ابنتها قصدت فقط إلى تشجيعه من خلال رفضها. لم تقدر على البوح بذلك. فأضافت: "لكن لا تقلق يا سيد كولينز. سأتحدث إليها بنفسي مباشرة. إنها فتاة غبية ولا تعلم ما هو الأفضل لها. لكنني سأجعلها تعرفه!". لم تمنحه الوقت للرد. بل هرعت إلى زوجها مستنجدة وهي تدخل غرفته. "أوه, يا سيد بنيت, أنت مطلوب في الحال! نحن جميعا في اضطراب. عليك أن تأتب لتحمل إليزابيث على الزواج بالسيد كولينز, فهي تقسم بأنها لن تتزوجه, وإذا لم تسرع فهو سيغير رأيه ولن يتزوجها!". أبعد السيد بنيت نظره عن كتابه عندما دخلت وأخذ يراقبها بهدوء, ثم قال: "أنا لا أفهمك,عما تتحدثين؟ ماذا يسعني أن أفعل بشأنه؟". "خاطب إليزابيث بشأنه. أخبرها بأنك تصر على زواجها به". "استدعها. سأعلمها برأيي". دقت السيدة بنيت الجرس واستدعيت الآنسة إليزابيث إلى الغرفة. صاح والدها عندما ظهرت: "تعالي يا ابنتي, لقد أرسلت في طلبك لأمر مهم. أصحيح أن السيد كولينز قدم لك عرضا للزواج؟". أجابت إليزابيث أنه فعل. "وهل رفضت ذلك؟" ردت إليزابيث بنعم. "حسنا. لقد وصلنا الآن إلى صميم الموضوع. إن أمك تصر على قبولك. أليس كذلك يا سيدة بنيت؟" "أجل, وإلا لن أراها ثانية". "أمامك خيار غير مرض يا إليزابيث. فمن هذا اليوم ينبغي أن تكوني غريبة بالنسبة إلى واحد من والديك. إن والدتك لن تراك ثانية إن لم تتزوجي السيد كولينز, وأنا لن أراك ثانية إن فعلت!" لم تستسلم السيدة بالرغم من خيبة أملها. تحدثت إلى إليزابيث مرارا وتكرارا, متوسلة تارة أخرى. لكن إليزابيث بقيت ثابتة. في تلك الأثناء, أخذ السيد كولينز يفكر منفردا في ما حدث. لم يستطع أن يفهم لماذا رفضته ابنة عمه. لم يكن لديه أي تعلق صادق بها, وقد حال هذا النموذج عن قوة إرادتها دون شعوره بأي أسف. شعر بأنه محظوظ لأنه اكتشف شخصيتها الحقيقية قبل فوات الأوان. لم يقم بأية محاولة لاختصار زيارته, لكنه أبدى استياءه عبر الصمت وخشونة الطبع. ولحسن الحظ, أتت الآنسة لوكاس لتمضية النهار, فتمكن في ذلك اليوم وفي أيام تالية من أن يكرس نفسه لها. وقد منح صبرها أثناء الإصغاء إليه الارتياح للجميع. تحياتي الكم دنيال الغالي التعديل الأخير تم بواسطة خالد جاسم ; 08-18-2011 الساعة 02:59 AM |
#15
|
|||
|
|||
يعطيك العافية اخ دنيال
ع الرواية الرائعة تحياتي إلك |
#16
|
|||
|
|||
منوره اختي
ع المرور |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
روايه, وهوى, كبرياء |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
كبرياء رجل | فلسفة واقعنا | قصص وحكايا | 3 | 02-29-2012 03:07 PM |
روايه احلى ما خلق ربي كامله | بنت السادة | قصص وحكايا | 106 | 05-03-2011 05:23 PM |
الإمام الكاظم(ع) يتحدى كبرياء هارون | sweet berry | المواضيع الإسلامية | 4 | 07-21-2010 05:27 PM |